الإنتاج السعودي يفتح شهية الشركات المصرية لدراما الرعب

تطور تقني في إنتاج مسلسلات الإثارة تنقصه سيناريوهات جيدة.
الخميس 2023/09/21
دراما الرعب يسهل تسويقها

يبدو أن الدراما المصرية أصبحت تسير خلف مزاج الإنتاج السعودي الذي تقوده المنصات، وتليها أشهر قنوات التلفزيون، لذلك بدأ المشاهد المصري والعربي يلاحظ اشتغال منتجين ضمن ثيمات متنوعة، تأخذ كل واحدة منها مساحتها الخاصة بناء على المزاج العام للمشاهدين الذين أبدوا هذه الفترة اهتماما بمسلسلات الرعب والجريمة.

القاهرة - من المنتظر أن يشهد موسم الشتاء الدرامي الممتد بين شهري أكتوبر ومارس المقبلين تقديم عدد من المسلسلات المصرية المصنفة في إطار دراما الرعب بعد أن حقق مسلسل “سفاح الجيزة” نجاحا جماهيريًا واسعًا مع انتهاء عرضه الأول على منصة “شاهد” السعودية، ما فتح الباب أمام التوسع في تقديم هذا اللون من الأعمال الدرامية والغوص في مناطق لم تكن على رأس أولويات العديد من المنتجين المصريين لفترات طويلة.

ودخل عدد من المسلسلات المصرية أستوديوهات التصوير تمهيدا لعرضها قريبا، بينها مسلسل “زينهم” ويسلط الضوء على حكايات الإثارة والتشويق داخل مشرحة استقبال الجثث في مصر المعروفة بـ”زينهم” في وسط القاهرة، ويحاكي ما يحدث داخلها ويعمل أبطاله كمتخصصين في الطب الشرعي، المعني بالتشريح.

ويشارك في بطولة المسلسل كل من أحمد داوود وكريم قاسم وتارا عماد وعدد من الوجوه الجديدة، وهو من تأليف محمد سليمان عبدالمالك، وإنتاج شركة “أروما ستوديوز”، وإخراج يحيى إسماعيل، ويتكون المسلسل من 30 حلقة متصلة ومنفصلة، ومن المقرر عرض المسلسل على منصة “واتش ات” وعدد من الفضائيات المصرية.

رامي عبدالرازق: المنافسة جعلت الإنتاج المصري يراقب مزاج الإنتاج السعودي
رامي عبدالرازق: المنافسة جعلت الإنتاج المصري يراقب مزاج الإنتاج السعودي

كذلك بدأت الفنانة المصرية حنان مطاوع تصوير مسلسل “صوت وصورة” المقرر عرضه خلال موسم الشتاء، ويدور حول جريمة قتل ضمن إطار اجتماعي وتشويقي تغلب عليه الإثارة والرعب، وهو من تأليف محمد سليمان عبدالمالك، وإخراج محمود عبدالتواب، وإنتاج شركة “أروما ستوديوز”، ومن المقرر عرضه على منصة “واتش ات” وعدد من القنوات الفضائية التابة للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية.

ويناقش مسلسل “العودة” المنتظر عرضه خلال موسم الشتاء أيضا قضية مافيا التنقيب عن الذهب والآثار في محافظات جنوب مصر، المعروفة بالصعيد، وتدور معظم أحداثه في مدينة الأقصر الزاخرة بالآثار من عصور مختلفة، ضمن ثيمة محكمة من الإثارة والتشويق، بطولة شريف سلامة، تارا عماد، وليد فواز، صفاء الطوخي، وتأليف أمين جمال، وإخراج أحمد حسن وإنتاج شركة “أروما ستوديوز” أيضا.

ويأخذ الاهتمام المصري بالدراما التي يغلب عليها الرعب أبعادا جديدة، اتساقا مع مزاج الجمهور العربي الذي يتابع منصة “ِشاهد” السعودية وبات أكثر انجذابا لهذا النوع من الأعمال، شريطة أن تتوافر فيها الجودة التقنية، والحبكة الفنية التي تجعل العمل يتصدر معدلات المشاهدة، وينتقل الجدل حوله إلى منصات التواصل الاجتماعي، ما يشير إلى أن هذا اللون من الدراما عانى ندرة في محتواه ويأخذ في الانتشار حاليا.

ويوحي توقيت عرض المسلسلات المصرية المتوقع أن يبدأ في أكتوبر المقبل أن شركات الإنتاج بنت اتجاهاتها وفقًا لمعدلات المشاهدة المتصاعدة.

وحسب دراسة أجرتها منصة “نتفليكس” فإن نسبة مشاهدة مسلسلات الرعب بلغت 65 في المئة داخل السعودية خلال شهر أكتوبر، ووجدت أن المشاهدين يتابعون أكبر قدر من محتوى الرعب يوم 19 أكتوبر من كل عام، ما يجعله “اليوم الأكثر رعبًا في العام”.

الرغبة المصرية في مجاراة تطورات أسواق الإنتاج دافع لتقديم أعمال غير تقليدية بعيدا عن القوالب الاجتماعية المألوفة

وتبحث شركات إنتاج مصرية عن تقديم أعمال يسهل تسويقها رقميًا عبر المنصات التي تستمر في عرض المسلسلات على مدار العام، وقد تجد الشركات التي تواجه صعوبات للمنافسة خلال موسم رمضان في أشهر الشتاء فرصة للوجود والترويج لأعمالها، وذلك يتطلب تقديم أعمال تتسم بالجودة كي تتمكن من تسويقها، إضافة إلى أن التوجه نحو أعمال دراما الرعب العربية يجعل فرصها أكبر في التمويل.

وتبدو الرغبة المصرية في مجاراة تطورات أسواق الإنتاج العربية، والسعودية تحديدا، والمزاحمة على جذب الجمهور في ظل المنافسة القوية بين منصتي “واتش ات” المصرية و“شاهد” السعودية دافعًا نحو التحرك لتقديم أعمال غير تقليدية بعيداً عن القوالب الاجتماعية المألوفة.

ويبقى التوجه نحو دراما الرعب عاملا مضمونًا من ناحية القدرة التسويقية وضمان عدم الاصطدام بعوائق الرقابة التي تقف حائلاً أمام تنفيذ أفكار درامية جيدة.

وقال الناقد الفني رامي عبدالرازق إن الأعمال المصرية المقرر عرضها في موسم الشتاء جرى الإعداد لها قبل عرض مسلسل “سفاح الجيزة” على منصة “شاهد”، ما يعني أن الأمر مرتب من جانب شركات الإنتاج المصرية التي تتابع عن كثب اتجاهات الجمهور على المنصات الرقمية، خاصة منصة “ِشاهد” التي تحظى بالقدر الأكبر من المشاهدة، ما يشي بأن الإنتاج المصري يراقب مزاج الإنتاج السعودي.

وأوضح لـ“العرب” أن المنافسة القوية الخارجية تخلق ميزة نوعية للدراما المصرية التي يتراجع فيها حضور هذا النوع من الأعمال، كما أن ذلك يدعم تحسين جودتها مع عزوف الجمهور عن أعمال سابقة بسب تردي محتواها واتخاذها مساراً للسخرية، وأن إتاحة وجود أسواق عربية للدراما المصرية عبر المنصات الرقمية يجعل هناك رغبة جادة في تقديم أعمال ناجحة فنيًا، وهو ما يظهره التنوع في الألوان المعروضة.

سوق يتجه نحو مسلسلات الجريمة
سوق يتجه نحو مسلسلات الجريمة

وأشار عبدالرازق إلى أن الإنتاج المصري آخذ في التطور على مستوى تقديم دراما الرعب، وظهر ذلك بوضوح في الجوانب التقنية، لكن المشكلة الأكبر تبقى في السيناريوهات المكتوبة التي هي في حاجة إلى محترفين يمكنهم إجادة هذا النوع من الأعمال، وأن المؤلفين يواجهون أزمة ملاحقة التطورات العربية السريعة، والأمر في حاجة إلى اطلاع على الأساطير الشعبية وما يحويه أدب الرعب ويتضمنه التراث المصري.

وتنحصر أعمال الرعب المصرية غالبا في الجن والأشباح وما يسمّى بالأعمال السفلية الخارجة عن المنطق، ما يجعلها تدور في فلك واحد قبل عرض مسلسل “سفاح الجيزة” لينتقل بالرعب إلى محتوى الجريمة والقتل المتسلسل.

وقدمت الدراما المصرية عددا من أعمال دراما الرعب خلال السنوات الماضية بينها “جمال الحريم” و“قارئة الفنجان”، و“زودياك”، و“شقة 6”، و“الغرفة 207”، و“الكهف”، وواجهت منافسة عربية قوية عبر أعمال حققت انتشارا واسعًا منها “ملاك رحمة”، و“عندما يكتمل القمر”، و“اختطاف”، و“جن”.

وأكد عبدالرازق في تصريحه لـ“العرب” أن الأزمة تكمن في تعامل شركات الإنتاج المصرية مع الإثارة والتشويق والرعب باعتبارها ثيمة مؤقتة، وتقديم أعمال عدة في فترة زمنية وجيزة تماشيا مع احتياجات السوق ثم العودة إلى الألوان التقليدية، ما يجعل الدراما المصرية لا تحظى بالتنوع المطلوب، وقد تكرر ذلك سابقا عندما سيطرت موجة مسلسلات “سيت كوم”، و”السيرة الذاتية” في نهاية التسعينات من القرن الماضي.

كما أن هناك مشكلة تتعلق بالفكر الإنتاجي المسيطر على غالبية الشركات التي تضع تصوراتها لما تذهب إليه اتجاهات المشاهدين وليس وفقًا لما يتم تقديمه من أعمال تجذب قطاعات كبيرة من الجمهور إليها، ما يؤثر سلبًا على جودة المحتوى المعروض، ويبقى الأمر بالنسبة إلى أعمال الرعب واضحًا لأنها لون لا ينتشر بالقدر الكافي، ويظل التعويل على مدى احتراف شركات الإنتاج الحالية وعدم تكرار الأخطاء واستغلال فرصة وجود سوق كبيرة تتسع للكثير من الأعمال الجادة.

14