غالبية المغاربة يثقون بمؤسستي الجيش والشرطة

المؤسسات السيادية في المغرب تتمتع بمعدلات ثقة أكبر مقارنة بالمؤسسات السياسية.
الجمعة 2023/09/08
ثقة متبادلة

الرباط - كشف تقرير مؤشر الثقة الخاص بسنة 2023 الصادر عن المعهد المغربي لتحليل السياسات، أن أكثر المؤسسات التي تحظى بثقة المغاربة هي القوات المسلحة الملكية والأمن الوطني والدرك الملكي، حيث اعتبرها أكثر من ثلثي المغاربة ذات مصداقية، في حين تذيلت الأحزاب السياسية الترتيب متبوعة بمؤسسة البرلمان والمستشفيات العمومية.

وأظهرت نتائج التقرير أن المؤسسات غير المنتخبة تتمتع بمستويات أعلى من الثقة مقارنة بالمؤسسات المنتخبة، حيث عبّر 89 في المئة من المستجوبين عن ثقتهم بالقوات المسلحة، وبلغت نسبة من يثقون بالشرطة 87 في المئة، كما أن 84 في المئة يثقون بالدرك.

ومن جهة أخرى، فإن الثقة مرتفعة أيضا بالقضاء وإن كانت أقل نوعا ما مقارنة بالشرطة والجيش، حيث وصلت إلى حوالي 72 في المئة.

وأكد محمد مصباح مدير المعهد المغربي لتحليل السياسات أن تمتع المؤسسات السيادية في المغرب بمعدلات ثقة أكبر مقارنة مع المؤسسات السياسية سببه أن “المواطن يبحث عن الأمن الغذائي والاستقرار، لذلك يرى في مؤسسات الدولة الجهة الوحيدة القادرة على حماية مصدر عيشه، باعتبارها ضامنة للاستقرار”.

المعهد المغربي لتحليل السياسات يؤكد أن مشروع “مؤشر الثقة في المؤسسات: المؤسسات السياسية” يهدف إلى تقييم شامل لمستويات الثقة السياسية في المغرب

في المقابل، سجل الاستطلاع الذي تم عرض نتائجه بداية الأسبوع الحالي في ندوة صحفية، تراجعا في ثقة المواطنين بالمؤسسات المنتخبة والأحزاب السياسية بـ26 في المئة بين سنتي 2022 و2023، وعبر حوالي 57 في المئة من المغاربة عن عدم ثقتهم بالحكومة مقابل 31 في المئة سنة 2022.

كما ارتفعت نسبة عدم الثقة بمؤسستي البرلمان والأحزاب السياسية، إذ أعرب 58 في المئة من المغاربة الذين شاركوا في الاستطلاع عن عدم ثقتهم بالبرلمان، و77 في المئة بالنسبة إلى الأحزاب السياسية، مقابل 50 و48 في المئة على التوالي قبل سنة واحدة.

وترى شريفة لموير الباحثة في العلوم السياسية أن “مؤشر تعزيز الثقة بمؤسسات الأمن والجيش والدرك نابع من الأدوار الأساسية التي تلعبها في الأمن القومي المغربي بكل مقوماته، ويقابله تزعزع ثقة المواطن بالسياسيين وبالتالي المؤسسات المنتخبة”، مشيرة إلى أن هذا المعطى ينعكس على مجموعة من التصورات داخل المجتمع بداية بانخفاض نسبة المشاركة السياسية في كل المحطات الانتخابية في المغرب، والذي أصبح وضعا راهنا خاصة في العقد الأخير.

وأكدت لـ”العرب” أن “واقع المجتمع المغربي اليوم في ظل زيادة ثمن المحروقات وغلاء الأسعار مقابل تخلي الحكومة عن وعودها للمواطن المغربي كرس عدم الثقة بالسياسيين وبالتالي المؤسسات المنتخبة، بينما تعززت الثقة بمؤسسات الأمن والجيش والدرك لكونها ذات ارتباط مباشر بالمؤسسة الملكية التي تحوز على ثقة المغاربة”.

وأفاد المعهد المغربي لتحليل السياسات أن مشروع “مؤشر الثقة في المؤسسات: المؤسسات السياسية” (2023) يهدف إلى تقييم شامل لمستويات الثقة السياسية في المغرب، حيث كشفت البيانات أن المواطنين يفقدون تدريجياً الثقة بالمؤسسات المنتخبة ككل، مع ملاحظة العودة إلى الاتجاهات التي كانت سائدة قبل جائحة عام 2020، حيث كانت الثقة بالمؤسسات السياسية منخفضة بشكل ملحوظ.

وتناول أول قسم في التقرير الثقة بالمؤسسات السياسية، سواء المنتخبة وغير المنتخبة، مشيرا إلى أنه يمكن أن تؤثر الثقة بهذه المؤسسات بشكل كبير على المجتمع، كأن تؤثر في كيفية تفاعل الناس مع هذه المؤسسات وكيف ينظرون إلى دورهم في المجتمع، وكما يمكن أن تؤدي مستويات الثقة العالية إلى ارتفاع المشاركة والتعاون، ويمكن أن تؤدي مستويات الثقة المنخفضة إلى اللامبالاة وعدم المشاركة في الشأن العام وحتى ازدياد انعدام الثقة.

وشملت الدراسة عينة تمثيلية للسكان المغاربة الذين تبلغ أعمارهم بين 18 و65 سنة، وتضمنت توزيعا متساويا بين الإناث والذكور، كما شملت مناطق المستطلعين جهة الدار البيضاء الكبرى، تليها جهة الرباط – سلا – القنيطرة وفاس – مكناس وجهة مراكش – آسفي والجهات الجنوبية، ويشكل سكان المناطق الحضرية 60 في المئة مقابل 36 في المئة في المناطق القروية.

58

في المئة من المغاربة الذين شاركوا في الاستطلاع أعربوا عن عدم ثقتهم بالبرلمان

وأظهر التقرير أن مستوى الثقافة السياسية محدود، إذ أكد 83 في المئة أنهم يعرفون اسم رئيس الحكومة، إلا أن إجاباتهم تباينت بين عزيز أخنوش وعبدالإله بنكيران وسعدالدين العثماني، بينما عرف 6 في المئة فقط اسم رئيس مجلس النواب و2 في المئة عرفوا اسم رئيس مجلس المستشارين.

 وتناولت التقارير الثلاثة السابقة مسألة ثقة المغاربة بمؤسسات مختلفة، بما في ذلك البرلمان وقطاعات التعليم والرعاية الصحية والإدارة العمومية، وخصائص الثقة وانعدامها لدى المغاربة بمؤسسة ذات دور مركزي في سير الحياة الديمقراطية في البلاد (البرلمان)، إذ أظهر تحليل المركز أنه كان من أقل المؤسسات التي تحظى بثقة المغاربة، سواء في البحث النوعي أو الاستطلاع الكمي، وقد تم اعتبارها مؤسسة ذات أداء ضعيف، حيث ليس للنواب أجندة واضحة ولا يمكن محاسبتهم من قبل المواطنين.

وكان لافتا تمتع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، بوصفها وزارة سيادية، بثقة عالية بنسبة 83 في المئة على التوالي، في حين انخفضت الثقة بالتعليم العام قليلا إلى 76 في المئة، بينما انخفضت الثقة بالتعليم الخاص بشكل كبير إلى 55 في المئة.

واعتمد التقرير على العديد من المؤشرات، بما في ذلك الاهتمام والمشاركة في المجال العام، والانتماء الحزبي والمدني، وأنماط التصويت، والمشاركة المدنية، والتصورات حول أهداف الحكومة وأولوياتها، والتدابير الحكومية لمكافحة الفساد.

4