"داركنينغ".. فيلم قصير يروي عمق الوجع الإنساني

ورد أبوشاهين لـ"العرب": الفيلم محاولة أولى لبداية مشوار سينمائي طويل.
الثلاثاء 2023/08/01
مغامرة لتحقيق حضور سينمائي

الشغف بالسينما يدفع بالكثير من الموهبين بها لإنجاز أفلام تقدم طروحات عميقة بطريقة تحمل المدهش والمختلف. واجتمع قليل من الهواة الشغوفين بالفن ليقدموا فيلما قصيرا يحمل مقولات كبرى.

دمشق- يقدم فيلم “داركنينغ” محاولة فريق من الشباب الشغوفين بالسينما بتلمس مقاربة لأجواء سينمائية جديدة تحفل بروح المغامرة. الفريق الهاوي كان قليل العدد والعدة، كلهم هواة إلا محترف واحد هو بطل الفيلم مروان أبوشاهين، وقد حققوا فيلمهم بإمكانيات بسيطة وفي موقع تصوير واحد في مدينتهم السويداء بجنوب سوريا.

لا يتجاوز زمن الفيلم الدقائق الست، لكنه يبوح فيها بالكثير والعميق من الوجع الإنساني الذي يتولد نتيجة الصدمات والأزمات، وبما يعانيه ويقاسيه من ظروف حياتية صعبة تلج به مساحات الألم والأمل.

في بوح بين صديقين هما كاتب الفيلم طبيب الأسنان  ثائر نصرالدين ومخرجه الطالب في معهد السياحة ورد أبوشاهين، تبدأ الحكاية، لينتهي المشروع المغامرة إلى تحقيق فيلم روائي قصير يقدم مادة بصرية مختلفة.

بوكس

يخلو الفيلم من الحوار ويعتمد صيغة مشهدية بصرية تقدم حكاية عن تفاصيل حياتية لعدة شخوص في تموضعات زمنية مختلفة ومتعددة، تظهر خلالها الاختلافات في الرؤى ووجهات النظر. ويحمل بحثا نفسيا في كيفية وجود حالة الشر في النفس البشرية.

وعي سينمائي

يرى ورد أبوشاهين مخرج الفيلم ابن التاسعة عشرة من العمر، أن فن السينما جاذب وأنه يمكن أن يكون منبرا لتقديم الكثير من الأفكار. ويقول عن بداياته في التعرف بفن السينما ثم عمله به لصحيفة “العرب”، “بداية علاقتي بفن السينما كانت من خلال المشاهدة لفيلم ”رد القضاء’ للمخرج السوري نجدة آنزور، الذي يقدم أجواء سينمائية مختلفة. لفت نظري موضوع الفيلم والتفاصيل المحيطة به، من بعدها  صرت أتابع حضور الأفلام بشكل أكثر وعيا، فتابعت أفلام سورية وبعدها وصلت إلى الأفلام الأجنبية. شعرت أن هنالك رابطا بيني وبين السينما، يشدني إليها ويجعلني مهتما بها، رغم تخصصي العلمي المختلف، لكن شغف السينما جعلني مصرا على أن أتابع في موضوع السينما. وأتمنى ممارسة  هذه المهنة لاحقا، كوني شغوفا بها”.

ويتابع عن موضوع التحصيل المعرفي لفنون السينما وضرورته لوجود مخرج سينمائي “مشوار السينما طويل وأنا أطور نفسي الآن لكي أصل إلى مصاف العمل الاحترافي الذي يحمل بعضا من أفكاري وطموحاتي التي أرجو أن تصل إلى مراتب عليا”.

وعن اعتماده الحالة البصرية الصرفة في فيلمه يضيف قائلا “السينما بالنسبة إليّ وسيلة بصرية لكي أوصل من خلالها أي فكرة أريد البحث  فيها، والسينما مفهوم  بصري أولا، أنا أهرب من الحوار فيها وألجا إلى الشكل البصري، الذي أفضل العمل عليه، كونه يحقق حالة السينما”.

وعن طموحاته بفن السينما وما يمكن أن يصل إليه وهو الذي ما زال هاويا فيها يقول “طموحاتي بالسينما كبيرة، سأعرفها أكثر من خلال نتائج هذا الفيلم الذي أعتبره مقياس تجربة تمكنني من النظر في الموضوع لاحقا، لكنني سأطور نفسي دائما باتجاه تحقيق سينما تلبي أفكاري التي أحلم بها. سوف نقدم الفيلم في بعض الفعاليات الخاصة في منطقة السويداء ونرى ردة الفعل لدى الجمهور، وهنالك مشاريع مشاركات في فعاليات عربية وبعدها نقرر ما الذي سيكون، أتمنى وأخطط للانتساب للمعهد العالي للسينما لكي أكتسب مزيدا من المعرفة السينمائية”.

صراع الخير والشر

◙ جهد وأفكار خاصة
جهد وأفكار خاصة

يرى ثائر نصرالدين مؤلف الفيلم أن صراع الخير والشر الذي كثيرا ما يظهر في الدراما بشكل محدد هو الذي دفعه لكتابة هذا النص، ثم قدمه مع صديقه ورد في تجربة سينمائية أولى. يقول ثائر “كنت أتابع مشاهدة الكثير من الأفلام التي تقدم صراع الخير والشر، وكانت تقدم بصيغة واحدة تقريبا وهي أن الشرير خلق  شريرا، وأنه لا يملك خيارا بكونه اختط هذا الجانب. كنت أرى خلاف ذلك. من هنا جاءت الفكرة، فكتبت نصا يوضّح أن الشر والعمل فيه هو خيار وليس قدرا رسم لنا، والشرير هو شخص اختار هذا الشكل من الحياة نتيجة ظروف حياتية عاشها”.

وعن السبب في كتابته النص دون حوار يتابع “كنت أتابع الكثير من المشاهد السينمائية العالمية القوية التي تخلو من الحوار، وكان تحديا لي أن أكتب مشاهد تماثلها دون حوار وتنقل الفكرة التي أريد الوصول إليها، وربما ساعد في ذلك كوني فنانا وموسيقيا، وهي الحالة التي مكنتني من تقديم المشاهد بشكل محدد يمكن أن تقدم فيه الفكرة دون حوار”.

ويقدم الممثل مروان أبوشاهين في الفيلم الدور الرئيس فيه، وهو الممثل المحترف الوحيد فيه، ويمثل وجوده فيه دعما لجهود فريق من الهواة قدموا فكرة عميقة في فيلم قصير، مروان فنان سوري معروف شارك في الكثير من الأعمال الدرامية التلفزيونية وفي كل الأشكال التي عرفت بها، منها الأعمال التاريخية والكوميدية والاجتماعية  وقدم مع الكاتب ممدوح حمادة والمخرج الليث حجو دورا مميزا في مسلسل “الخربة” بشخصية غطاس الموسيقي العاشق والناشط السياسي السابق الذي يترك حزبا انتسب إليه سابقا ويواجه لأجل ذلك الكثير من العوائق الحياتية، وحظيت هذه الشخصية بالكثير من الشهرة والمتابعة لطرافتها وثقلها النوعي في مسلسل “الخربة” والتي ترافقت مع وجود ممثلين كبارا في المشهد الفني السوري. كما قدم مع ذات الثنائي دورا مؤثرا في مسلسل “ضبوا الشناتي”.

مروان أبوشاهين يقدم في الفيلم جهدا خاصا كونه الحاضن الفني له، بحكم كونه الوحيد المحترف والذي يشكل للفيلم والفريق ممرا مميزا للوصول إلى شرائح اجتماعية كبرى يسعى منتجو الفيلم للوصول إليها. وهو يرى في منتجي الفيلم “طاقة سينمائية شابة يمكنها أن تقدم الكثير للسينما السورية كونهم يحملون من الفكر السينمائي المعاصر ما يجعلهم مواكبين لحركة السينما في العالم. ويؤكد أبوشاهين الأب أن تجربة هؤلاء الشباب التي تتميز بالبساطة تقوم بذات الوقت على الثقة التي يحملونها بأنهم يقدمون شيئا جادا حفيا بالنجاح”.

14