الاتحاد الاشتراكي يحمّل بنكيران فشل تنسيق المعارضة في المغرب

الرباط - فشل حزبا العدالة والتنمية والاتحاد الاشتراكي المغربيين في تجاوز خلافاتهما الأيديولوجية والسياسية لتعزيز موقع المعارضة، حيث لم تحقق المبادرات المعتمدة في تقريب وجهات النظر لمحو الخصومة الطويلة وخلق قطب معارض على غرار تحالف أحزاب الأغلبية.
وعزا عبدالرحيم شهيد القيادي بحزب الاتحاد الاشتراكي ورئيس فريقه في مجلس النواب أسباب الانسحاب من تنسيق المعارضة داخل البرلمان إلى إصرار الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبدالإله بنكيران على التهجم على الحزب وقيادته، لافتا إلى وجود اختلافات عميقة في الرؤى والتصورات بين مكونات المعارضة الفكرية والسياسية، نافيا خفوت صوت المعارضة الاتحادية داخل البرلمان.
وأكد شهيد ضمن ندوة صحفية عقدها الفريق الاشتراكي الثلاثاء بمناسبة اختتام أشغال الدورة التشريعية أنه “غير مطلوب من المعارضة أن تكون موحدة على عكس الأغلبية التي يتعين علها أن تكون كذلك، بالنظر إلى الميثاق الذي يجمع بين مكوناتها ويلزمها بالتنسيق فيما بينها، في حين المعارضة يمكن أن تكون مشاربها قريبة ويمكن ألا تكون”.
وأضاف أن خيار الانسحاب من تنسيق المعارضة جاء بعد تجربة سنة كانت لها إيجابيات بالمنطق العددي بفضل تكتل أربعة فرق لمواجهة الأغلبية الحكومية.
واعتبر رئيس الفريق الاتحادي أن “هناك عدة عوامل تُصعّب العمل المشترك داخل المعارضة أبرزها عندما تكون الرؤى والطموحات والقناعات مختلفة، مضيفا أننا كنا ننسق فيما بيننا على حساب الكثير من مواقفنا من أجل ضمان نجاح التنسيق سواء في التعديلات أو في غيرها من المبادرات والاقتراحات البرلمانية”.
واستدرك متسائلا “لكن ما قيمة المعارضة إذا لم نكن مخلصين لمرجعياتنا وللناخبين الذين منحونا أصواتهم؟”.
ويرى رشيد لزرق رئيس مركز شمال أفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية أن الصراعات الشخصية بين رئيس الاتحاد الاشتراكي إدريس لشكر ورئيس العدالة والتنمية عبدالإله بنكيران أثرت على مستوى أداء المعارضة داخل البرلمان.
لافتا إلى أن “الاختلافات الأيديولوجية تنعكس على تنسيق أدوار المعارضة وحتى عند تقديم مقترحات قوانين لا نلمس فيها النَّفَس السياسي الذي يؤثر سياسيا على قرارات التحالف الحكومي”.
وبعد نتائج انتخابات سبتمبر 2021، علّل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أسباب قرار تموقعه في المعارضة خلال الولاية الحكومية الحالية إلى ما أسماه بـ“سعي جهات حزبية لفرض نوع من الهيمنة القسرية على كل المؤسسات المنتخبة مسنودة للأسف بقوة المال والنفوذ والتهديد”.
ولفت شهيد إلى أن “أحد فرق المعارضة (في إشارة إلى العدالة والتنمية) اختار أن يوجه سهام النقد للاتحاد الاشتراكي وقيادته بدل الحكومة، وهو ما نبهنا إليه في أكثر من مناسبة وهو أمر لا يستقيم لأنه لا يمكن أن نجتمع كفرق للمعارضة ونقدم تعديلات مشتركة ونواجه الحكومة ونحارب تغولها في حين يخرج رئيس حزب بعد يوم أو ثلاثة أيام ليسب ويشتم الاتحاد الاشتراكي”.
وتابع “اعتبرنا أن هذه العملية ستزول مع مرور الوقت ولهذا قمنا كرؤساء الفرق بمبادرات تواصلية مع الأمناء العاميين للأحزاب المعارضة بالبرلمان، ورحب بها الجميع بينما اختار الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الإمعان في شتم الاتحاد الاشتراكي”.
وأردف قائلا “الغريب أنه كنا سنلتقي مع رؤساء الفرق يوم الأربعاء والتزم بنكيران باحترام تنسيق المعارضة قبل أن يعود يوم السبت في خروج حزبي ببني ملال ويخصص ثلاثة أرباع من كلمته لمهاجمة الاتحاد الاشتراكي”.
وأكد خالد الشرقاوي السموني أستاذ القانون العام أن “المغرب يراهن على معارضة برلمانية قوية لا تقل عن حاجته إلى حكومة قوية، وغياب أو ضعف هذه المعارضة لن يساهم في تطوير العملية الديمقراطية وتجويد العمل الحكومي” .
الاختلاف القائم بين حزبي العدالة والتنمية والاتحاد الاشتراكي يعد أيديولوجيا وسياسيا وعلى مستوى التقييمات الاجتماعية
وقال لـ”العرب” إنه “خلال الولاية التشريعية الحالية، هناك نوع من القصور في أداء المعارضة البرلمانية، إن لم نقل معارضة ضعيفة في مواجهة الحكومة التي تقوت بأغلبية مريحة في البرلمان، وأيضا معارضة هشة وغير منسجمة سياسيا وأيديولوجيا، تتكون من خليط غير متماسك، وتفتقد إلى خطة عمل موحدة إلى حد الساعة، ولا يوجد حزب من بين هذه الأحزاب قد يعول عليه لممارسة معارضة قوية في البرلمان”.
وأشار رئيس تكتل الاتحادي بالبرلمان إلى أن الكثير من الأسئلة طرحت على الفريق الاشتراكي من قبيل “كيف يستمر في التنسيق مع العدالة والتنمية داخل البرلمان في حين يواصل أمينه العام عبدالإله بنكيران مهاجمة قيادة الاتحاد وأين هو الانسجام المطلوب”، مضيفا “قررنا بناء على ذلك الانسحاب من التنسيق بعد سنة من العمل واليوم نحن مرتاحون للنتائج التي حققها الفريق الاشتراكي بعد خروجه من تنسيق المعارضة بمجلس النواب”.
ويعد الاختلاف القائم بين حزبي العدالة والتنمية والاتحاد الاشتراكي أيديولوجيا وسياسيا وعلى مستوى التقييمات الاجتماعية. وترى مصادر من الحزب اليساري في تصريحات لـ”العرب” أن “التنسيق يكون صعبا مع العدالة والتنمية وهو ليس راجعا فقط إلى المرجعية الدينية، وإنما إلى عناد قيادته متمثلة في عبدالإله بنكيران لأجل فرض اختياراته”.
ومما سيزيد من تشرذم المعارضة المغربية، الرغبة التي أبداها الاتحاد الاشتراكي، بالالتحاق بحكومة أخنوش إذا ما اقتضت الضرورة الوطنية ذلك، وفق ما جاء على لسان القيادي بالحزب ورئيس فريقه في مجلس النواب عبدالرحيم شهيد، نافيا في السياق ذاته خفوت صوت المعارضة الاتحادية داخل البرلمان في انتظار دخول الحزب إلى الحكومة عند أول تعديل مرتقب على تركيبتها.