مصري وسوري يتوّجان بجائزة مهرجان السينما الإلكتروني بدمشق

لم يكن منفّذا مهرجان السينما الإلكتروني للأفلام القصيرة يتوقعان ما وصلت إليه الأمور، لكن المغامرة نجحت وتطورت، وصارت رغم كل عثراتها جزءا من المشهد السينمائي السوري ومن ضمن المهرجانات السينمائية الجديدة. وقد اختتمت الدورة الرابعة للمهرجان مساء الخامس عشر من الشهر الجاري.
انتهت مساء الخامس عشر من يوليو الجاري فعاليات المهرجان الإلكتروني للأفلام القصيرة في دورته الرابعة التي أقيمت بشراكة مع المؤسسة العامة للسينما. وتقدمت للمهرجان المئات من الأفلام، قبل منها خمسة وعشرون في المسابقة الرسمية.
وفاز فيلم “رد على صمت مستمع” من مصر للمخرج علي نجاتي، وفيلم “نبيذ صيف” من سوريا إخراج ناصيف شلش بجائزة أفضل فيلم، بينما كانت جائزة أفضل فيلم سوري من نصيب فيلم “بوط أحمر” إخراج فارس شاهين، ومنحت لجنة التحكيم جائزتها الخاصة لفيلم “ليلى” من السعودية إخراج زكريا البشير، بينما أسندت جائزة أفضل مخرج للعراقي حيدر دفار عن فيلم “نوم طويل جدا وممل جدا”، وذهبت جائزة أفضل سيناريو إلى الكاتب أحمد رقاد من الجزائر عن فيلم “حدث ذات مرة”، بينما فاز الممثل العراقي إياد الطائي بجائزة أحسن ممثل عن فيلم “آخر حلم”، وفازت الممثلة السورية ثريا محمد بجائزة أحسن ممثلة عن فيلم “نبيذ صيف”.
أفلام متنوعة
فيلم “رد على صمت مستمع” كان قد نال في مارس الماضي الجائزة الثالثة للجنة الاتحاد الدولي للنقاد (الفيبريسي) في مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية في دورته الأحدث، وهو من إنتاج منحة صناعة الفيلم القصير المقدمة من مدرسة السينما بجيزويت بالإسكندرية.
يعالج الفيلم موضوع الانتحار والشباب الذين يعانون من مشكلات نفسية عميقة. فيحكي عن الشاب “عماد” الذي يعاني من مشاكل في النطق لتسجيل مقطوعة موسيقية، وتتركه الفتاة داخل الأستديو بينما تقدم على الانتحار.
أما فيلم “نبيذ صيف” فيعالج يوميات فنان مسرحي يعمل في الديكور تتماهى عنده حدود الحقيقة بالخيال، فيعاني من وحدة قاسية تدفع به إلى حافة الانتحار، الأمر الذي يمنعه من النوم، ويتعرف على فتاة توصل الطعام إليه في ما يشبه أحلام اليقظة.
ويتشابه الفيلمان المتوجان في طرحهما لقضايا نفسية عميقة تحيط بأبطالهما الذين يمثلون شرائح كثيرة من الشباب العرب.
وحملت النسخة الرابعة من مهرجان السينما الإلكتروني للأفلام القصيرة جديدا هاما، ففي الدورة كان هناك تعاون مع المؤسسة العامة للسينما بدمشق، التي تعتبر الجهة السينمائية الأكثر فعالية في سوريا كونها تمتلك أكبر رصيد إنتاجي وصالات ومنشورات وعراقة زمنية تمتد لسنين طوال.
وتقدم للدورة الحالية 215 فيلما من 23 دولة، تم اختيار 25 منها لكي تشارك في المسابقة الرسمية للمهرجان. حيث شاركت مصر بستة أفلام وسوريا بخمسة والعراق بأربعة وتونس والجزائر بثلاثة والمغرب بفيلمين وفلسطين بفيلم واحد. وتنافست الأفلام على مجموعة من الجوائز، هي: أفضل فيلم، أفضل مخرج، أفضل سيناريو، أفضل ممثل، أفضل ممثلة وأفضل فيلم سوري قصير.
وتمثلت المشاركة السورية بخمسة أفلام هي: “النحت بالضوء” إخراج غنوة معروف، “نبيذ الصيف” إخراج ناصيف شلش، “بوط أحمر” إخراج فارس سامر شاهين، “شعر” إخراج شفزان فواز محمود و”بوظة” إخراج محمد سمير طحان. وكانت لجنة مشاهدة الأفلام قد ضمت عددا من الشخصيات المختصة بالمشهد السينمائي السوري: غمار محمود رئيساً وعضوية خالد عثمان وغفران ديروان وحسام حمدان وهشام فرعون وعوض القدرو. وتألفت لجنة تحكيم المهرجان هذا العام من فراس محمد رئيساً وعضوية كل من الناقد نعمة يوسف والكاتب كمال مرة. وترأس المهرجان المخرج بلال حيدر والمنسق العام للمهرجان عيسى عمران الكاتب والناشط السينمائي.
ولم يقتصر عرض الأفلام فقط على شبكة الإنترنت، بل تم تقديم كل الأفلام المشاركة في صالة الكندي في قلب العاصمة السورية خلال يومي الخميس والجمعة الفائتين. كما قُدمت إلكترونيا عبر منصة المتحف السينمائي الشريك في المهرجان والذي قدم خطوة جديدة في التعريف بالمهرجان ونشر فعالياته.
إقبال جماهيري
عرض الأفلام لم يقتصر على شبكة الإنترنت، بل تم أيضا تقديم كل الأفلام المشاركة في صالة الكندي بدمشق
ولدت فكرة المهرجان قبل سنوات، وتحديدا عام 2020 في مرحلة جائحة كورونا والحجر الصحي الذي فرضته على الناس في بيوتهم، عندما قرر الثنائي بلال حيدر وعيسى عمران تأسيس مهرجان إلكتروني مستفيدين من وسائل التواصل الاجتماعي وما يمكن أن تقدمه من نجاح لهكذا تظاهرات.
ورغم صعوبات البدايات التي واجهت المهرجان في دورته الأولى التي انطلقت في مارس 2020، والتي تمت دون أي حاضن أهلي أو حكومي لها، جذبت التجربة مشاركة 37 فيلما قصيرا كان منها ستة من سوريا قبل منها واحد وكان من القطاع الخاص. وفي الدورة الثانية تقدم 80 فيلما منها 15 من سوريا وقبل للمسابقة 15 فيلما منها 4 من سوريا.
ويرى منسق المهرجان عمران أن المهرجان حقق قفزة نوعية في إيجاد حالة تفاعلية مع الجمهور وتشجيع الشباب من السينمائيين.
ويقول عمران لـ”العرب” لقد “كانت الدورة الرابعة مميزة، كونها جاءت بالتعاون مع المؤسسة العامة للسينما التي أتاحت عرض الأفلام في صالة الكندي، عروض الأفلام بالصالة حققت حالة تفاعل مع الجمهور وهو شيء جديد بالنسبة إلينا، ونحن نحتاج إلى هكذا نمط لكي نكسر الحاجز بين الجمهور والمخرجين لأن طبيعة الأفلام أن يقدمها المخرجون للجمهور ونحن كجهة منظمة كان هدفنا أن نكون جسر تواصل بين الأفلام والجمهور”.
ويتابع “كان الإقبال جيدا والتفاعل كبيرا ومتباينا وهذا طبيعي، وتوزيع الجوائز في نهاية المهرجان كان له أثر كبير في تشجيع المخرجين على بذل الجهد الخلاق. نحن مستمرّون في المهرجان إلى الأمام بالتعاون مع المؤسسة العامة للسينما التي كانت سندا لنا بجهد تشكر عليه”.