البنك الدولي يدعم المغرب في تطوير صناعة الغاز

تلقى المغرب المزيد من الدعم في مسار برنامجه المتعلق بتطوير صناعة الغاز والذي يعد مصدرا نظيفا للحصول على الطاقة، ويناسب أهداف البلاد المتعلقة بخفض انبعاثات الكربون من خلال تطوير البنية التحتية للقطاع والاستفادة من التكنولوجيا.
الرباط - دخلت وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة المغربية في شراكة مع مؤسسة التمويل الدولية، التابعة للبنك الدولي، لتنظيم شراكة "تاريخية" بين القطاعين العام والخاص لتطوير بنية تحتية مستدامة لقطاع الغاز في إطار خارطة طريق الحكومة لتنمية هذا المورد.
وتأتي الخطوة ضمن خطة التحول الأخضر التي تتمحور حول جعل الطاقة النظيفة تمثل أكثر نصف القدرة الإنتاجية للكهرباء للبلاد بحلول نهاية العقد الحالي.
وذكرت الوزارة في بيان نشرته على حسابها في فيسبوك أن الغاز الطبيعي يضطلع بدور محوري في إستراتيجية الانتقال النظيف وإزالة الكربون بالمغرب باعتباره يحتوي على كمية أقل من الانبعاثات الضارة إلى جانب تعدد استخداماته.
كما يتميز الغاز بقدرته على توفير المرونة اللازمة لمواجهة تذبذب إنتاج الطاقة من مصادر متجددة، ويضمن نظاما كهربائيا أكثر استقرارا وكفاءة.
وأكدت الوزارة أيضا أن الغاز الطبيعي أساسي لإزالة الكربون من الصناعة، واستبدال الوقود والمحروقات الأخرى، التي ما تزال تستخدم في توليد الكهرباء وفي الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة.
وحسب البيانات الحكومية الرسمية تمكن المغرب خلال سنة 2022 من تحسين البنية التحتية الجهوية بتفعيل التدفق العكسي عبر خط أنابيب الغاز المغاربي - الأوروبي، ودخول البلاد للمرة الأولى إلى السوق الدولية للغاز الطبيعي المسال.
وتتمثل المرحلة الثانية من الإستراتيجية في تعزيز البنية التحتية المحلية للغاز، بهدف ضمان تأمين الإمدادات، وربط مصادر الدخول بمناطق الاستهلاك.
ويعتزم المغرب إنتاج 52 في المئة من الكهرباء انطلاقا من الطاقات المتجددة بحلول عام 2030، وفق خطة عمل أعلن عنها سابقا.
وقالت وزيرة الانتقال الطاقي ليلى بنعلي إن هذا المشروع “يندرج بصورة عامة في إستراتيجيات بلادنا للتنمية المستدامة، إضافة إلى أهميته في تعزيز أمن الطاقة”.
وأضافت “نأمل الاستفادة من رؤوس الأموال ومن تجربة القطاع الخاص بهدف بناء سوق للغاز حسب أفضل الممارسات الدولية، وأن تكون هذه البنية التحتية العصرية والمستدامة الركيزة الأساسية لاقتصاد الهيدروجين في المستقبل”.
وسبق وأن أكدت بنعلي أن استهلاك البلاد من الغاز سيرتفع من مليون متر مكعب في 2021 إلى 3 مليارات متر مكعب بحلول 2040.
وتستهدف الرباط زيادة إنتاج الغاز الطبيعي بنحو 300 في المئة إلى 400 مليون متر مكعب سنويًا في الأعوام القليلة المقبلة، من 100 مليون متر مكعب حاليًا، بما يوفر 40 في المئة من الاستهلاك المحلي.
وأشار نائب رئيس مؤسسة التمويل الدولية لأفريقيا سيرجيو بيمينتا إلى أن المغرب يتجه نحو الحياد الكربوني، مما يتطلب العمل بشكل سريع على رفع نسبة مساهمة الطاقة المتجددة إلى جانب مصادر أخرى للطاقة أقل احتواء للكربون بما في ذلك الغاز.
وأكد أن هذه الشراكة ستمكّن المغرب من تسريع تطوير نماذج مبتكرة، تشمل الشراكات بين القطاعين العام والخاص، لتوفير البنية التحتية اللازمة لتحقيق نموذج التنمية الجديد وأهداف الطاقة بالبلاد.
ويراهن المسؤولون المغاربة على دخول شركات طاقة عالمية للبلاد بعد تأكيدهم قبل أكثر من ثلاث سنوات على وجود احتياطات كبيرة من النفط والغاز في البلاد تحتاج لمن يقوم باستخراجها.
ويبدو أن الاهتمام الذي يثيره نفط المغرب وغازه قد تنامى كثيرا بفضل ما قدمته التكنولوجيا للشركات من المساعدة لاكتشاف حقول جديدة على مدى العقد الماضي، بمناطق تم تجاهلها سابقا.
وأكد الخبير الاقتصادي رشيد ساري أن الاتفاقية ستكون لها مجموعة من العائدات الايجابية اجتماعيا واقتصاديا وتتماشى مع خطط تحقيق أمن الطاقة.
وتوقع أن تعمل الشراكة على خفض فاتورة الطاقة وتحقيق دعم لتسعيرة الكهرباء لدى الأفراد والشركات وتقليص استيراد المحروقات والتي تبلغ 90 في المئة.
ولفت ساري في تصريح لـ”العرب” أن الطاقة المتجددة توفر حاليا أكثر من 42 في المئة من الاستهلاك المحلي للكهرباء وهذا يحد من عجز الميزانية لأنه يقلص من فاتورة طاقة التي تستنزف خزينة الدولة.
◙ 111 مشروعا للطاقة النظيفة في طور الإنتاج والتطوير وهي تساهم حاليا بنحو 37 في المئة من مزيج الكهرباء
وقال إن “المغرب يطمح للوصول إلى أكثر من 80 في المئة، لأنه عندما نتحدث نسبة 52 في المئة فهي نسبة نرجوها في أفق 2030 أما إذا تم تحقيق ذلك حسب الوتيرة التي نعمل بها سيكون قبل الموعد المحدد، لكسب الرهان في مجال الطاقات المتجددة”.
وتشير البيانات الحكومية إلى وجود 111 مشروعا من الطاقة النظيفة في طور الإنتاج والتطوير، مع استحواذ الطاقة المتجددة على 37 في المئة من القدرة الكهربائية المولّدة في البلاد، خلال 2021 والتي بلغت نحو 3.95 آلاف ميغاواط.
وستدعم مؤسسة التمويل الدولية الرباط من خلال دراسات الجدوى وهيكلة وتنظيم المناقصات الدولية بشكل شفاف وتنافسي لجذب الشركات.
وهناك مؤشرات تبين أن المغرب يسير فعلا في منحى استخراج الغاز الذي تم اكتشافه في منطقة العرائش بالشمال وفي تندرارة شرق البلد، التي من المرتقب الشروع في استغلال إمكانياتها من الغاز بحلول أواخر 2024.
وسيدمج هذا العمل أيضا الآفاق المتعلقة بالوصول إلى الهيدروجين والغاز الحيوي والغاز التركيبي على المدى الطويل لضمان تنمية شاملة ومستدامة.
وشددت بنعلي على ضرورة تعزيز التعاون والتضامن الدوليين للتعامل مع أزمة الطاقة في المنطقة، لاسيما من خلال تعزيز الوصول إلى التمويل ونقل التكنولوجيا وتعزيز القدرات.
وقالت إنه “من المهم زيادة التكامل والتعاون الإقليمي والشراكات بين القطاعين العام والخاص لمواجهة التحديات في مجال الطاقة”.
وبرزت اكتشافات جديدة للغاز ضاعفت النسبة 10 مرات، حيث يرى خبراء أن المغرب سيمرّ بمرحلة تعتمد على الغاز الطبيعي كوسيلة انتقالية، قبل أن ينتقل بحلول 2050 إلى الاعتماد على الطاقة المتجددة فقط.
وهذا الأمر يشجّع المسؤولين على المضي قدماً نحو تعزيز البنية التحتية وقابليتها للاعتماد على هذا الصنف من الطاقة، لاسيما في مجال النقل.