الاختلافات لا تهدد تماسك الائتلاف الحكومي في المغرب

الرباط - أكد عبداللطيف وهبي، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، ووزير العدل في المغرب، التمسك باستقرار الأغلبية الحكومية الحالية، واستمرار دعم حزبه لرئيس الحكومة عزيز أخنوش رغم الاختلاف في المواقف.
ويأتي ذلك بعد وجود معطيات تشير إلى أن هناك اختلافات واضحة بين الوزراء المنتمين إلى حزب الأصالة والمعاصرة ورئيس الحكومة، وسط تشكيات من تهميش أرائهم في عدد من الملفات والقطاعات الوزارية.
وأشاد وهبي في مداخلته بالمؤتمر الجهوي لحزبه بجهة مراكش آسفي، السبت، برئيس المجلس الجماعي للمدينة الحمراء ورئيس المجلس الوطني لحزبه فاطمة الزهراء المنصوري التي غابت عن المؤتمر، معتبرا أنه بفضل تسييرها تعد مراكش “أروع وأجمل مدينة في المغرب”.
وقال وهبي “نحن في معركة طويلة الأمد لكن سننتصر فيها ليحتل حزبنا المرتبة الأولى”، مردفا في الوقت ذاته “حزبكم أصبح الآن في قلب القرار السياسي، وأصبح الضامن لاستمرارية التضامن الحكومي”.
وأضاف أن “ملاحظاتنا أو الاختلاف في وجهات النظر لا يمنعان تمسكنا بالأغلبية ودعمنا للاستمرارية في التنفيذ، نعطي رأينا ونحترم في الأخير القرار النهائي لرئيس الحكومة”.
ولم تخل كلمة الأمين العام للأصالة والمعاصرة من إشارات حول وجود اختلاف داخل الأغلبية بالرغم من تأكيده على دعمه لرئيس الحكومة، موضحا “قلنا لرئيس الحكومة إننا سنكون صادقين معك ولن نتآمر عليك ولا نريد أن يتآمر علينا أحد، وقلنا إن المجال ليس مجالا للصراع بل هو مجال لتقديم الخدمات للمواطنين، وقلنا له سندعمك إلى آخر لحظة من عمر الحكومة”.
وتابع وهبي “كانت لنا اجتماعات في الأغلبية، نقول بوضوح إننا حزب مستقل وله قراره وهو الثاني في الانتخابات، لذلك أنا أقول إذا أبدينا رأينا أو قدمنا ملاحظة فهذا يدخل في الصدق مع رئيس الحكومة”.
وجاء كلام وهبي بعد بيان للمكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة، نهاية الشهر الماضي، يعبر عن امتعاضه لضعف تواصل رئيس الحكومة مع وزرائه، دعا فيه عزيز أخنوش إلى “الحرص على تكثيف التواصل الداخلي الناجع بين القطاعات الحكومية”، قبل أن يضيف مشددا “وكذلك الحوار الفعال مع وزرائنا”، في سياق تأكيد المكتب السياسي على “أهمية التواصل الداخلي في ما بين أعضاء الحكومة في تسريع الإصلاحات”.
وخلال اجتماع للمكتب السياسي للحزب، كشفت مصادر مطلعة من داخل الأصالة والمعاصرة لـ”العرب” أن وزراء الحزب عبروا عن غضبهم من طريقة تعامل رئاسة الحكومة معهم.
وهذه أول مرة يشير فيها الحزب علانية إلى وجود مشكلة تواصل بين رئيس الحكومة ووزراء حزب الأصالة والمعاصرة، وملمحا إلى تهميش وزراء حزبه، بعد حوالي شهر على آخر اجتماع للأغلبية الحكومية أفضى إلى تعزيز التماسك بين مكوناتها.
وأكد حمزة أندلوسي، الباحث في العلوم السياسية، لـ”العرب” أن “لا بد من استحضار وضعية الأصالة والمعاصرة باعتباره ثاني حزب في الانتخابات التشريعية الأخيرة وعضوا بالأغلبية الحكومية وأمينه العام عضوا بمجلس رئاسة الأغلبية، وعليه فلا بد أن يلتزم بتوافقات ومقاربات موضوعية من أجل تدبير المرحلة السياسية”.
وهذا ما يعني، حسب حمزة أندلوسي، أن “رئيس حزب الأصالة والمعاصرة يؤكد لأخنوش أن التحالف الحكومي لا يمكن التأثير عليه في هذه المرحلة من أي أعضاء قياديين داخل الحزب والمشاركين في الحكومة”.
ويؤكد حزب الأصالة والمعاصرة من مناسبة إلى أخرى، على صموده وثبات مواقفه ضمن الأغلبية الحكومية، داعيا إلى تقوية التماسك التنظيمي لحزبه بمجهودات النساء والشباب، وذلك تمهيدا للانتخابات المقبلة التي يطمح الحزب إلى تصدرها.
حزب الأصالة والمعاصرة يؤكد صموده وثبات مواقفه ضمن الأغلبية الحكومية ويدعو إلى تقوية التماسك التنظيمي لحزبه بمجهودات النساء والشباب
وحتى لا تفسر مواقفه بأنها ازدواجية، أعلن وزير العدل عبداللطيف وهبي دعمه المتواصل لرئيس الحكومة عزيز أخنوش، حتى لو قدم ملاحظات أو سجل اختلافا في وجهات النظر، قائلا “سنظل ندعم رئيس الحكومة وندافع عن التحالف، ولن نحول الحكومة إلى حلبة للصراع على حساب المواطنين”، مضيفا “سنعطي رأينا ولكن سندعم الاستمرارية في التنفيذ، نعطي رأينا ونحترم في الأخير القرار النهائي”.
واسترسل وهبي في كلمته “نحن ملتزمون بالبرنامج الحكومي وميثاق الأغلبية، ولكن ما لا يفهمه الآخرون أن دستور 2011 ليس كباقي الدساتير التي سبقته، فلم يعد رئيس الحكومة ينسق العمل الحكومي كما كان في الدساتير الماضية، بل أصبحت له سلطات تنظيمية ويملك جميع سلطات الحكومة ويفوضها للوزراء وفقا لرؤيته للعمل الحكومي”.
وشدد على أن حزب الأصالة والمعاصرة سيبقى وسيظل داخل الأغلبية الحكومية، وعبر عن امتنانه لرئيس الحكومة عزيز أخنوش باتصاله به بعد نشر أخبار تتحدث عن إعفاء أحد وزراء الأصالة والمعاصرة وعن خروج الحزب من الأغلبية، وخاطب المنابر الإعلامية التي تحدثت عن إعفائه “لكن سأجلس على قلوبهم وسأستمر لأقول لهم لقد استمريت”.
وأوضحت الباحثة في العلوم السياسية شريفة لومير، في تصريح لـ”العرب”، أن “الأصالة والمعاصرة يحاول التقليل من أهمية التوتر الذي تعيشه الأغلبية الحكومية، والذي أصبح ظاهرا في تصريحات مختلفة لعدد من القيادات، خصوصا مع تكهنات قوية بقرب تعديل حكومي يعطي نفسا جديدا للمشهد السياسي بالمغرب”.
واعتبر عبداللطيف وهبي، في لقائه الحزبي، أن قرار دخول الحكومة بعد انتخابات سبتمبر 2021 كان “قرارا معقدا”، وتم بعد “نقاش طويل، حيث قررنا أن نكون في مستوى المسؤولية بعد ثقة الشعب المغربي”، مضيفا “اشترطنا أن نتعامل بداخلها ومعها بالصدق وأن نقدم كل ما يستحقه الشعب المغربي”.