المغرب يتطلع إلى إزالة الحواجز أمام تنمية محصول الزعفران

الرباط - يتطلع منتجو الزعفران في المغرب إلى تحسين الإنتاجية وتطوير عمليات التصدير وتحديث مسالك التوزيع والتسوق حتى يتم تحقيق الأهداف التي وضعتها السلطات لجعله ذا قيمة أكبر في الأسواق مستقبلا.
وجرى مؤخرا بمناسبة الملتقى الدولي للفلاحة المنعقد بمكناس، التوقيع على عقد برنامج بين الدولة والمهنيين، يراد من ورائه بلوغ تلك الأهداف، حيث دأبت البلاد في ظل “المخطط الأخضر” على تحقيق إنتاج يبلغ في المتوسط ستة أطنان فقط.
ووفق مضامين عقد البرنامج الذي وُقع ضمن فعاليات الملتقى، فإن الدولة ستُساهم بالحصة الأكبر في تمويل تطوير هذه الزراعة. وفي المجمل تم رصد استثمارات في حدود 297 مليون درهم (29 مليون دولار)، والتي تأتي في إطار مخطط “الجيل الأخضر” للفترة بين 2021 و2023، إذ ضخت الدولة 24.2 مليون دولار والتمويل المتبقي جاء من الفيدرالية البيمهنية المغربية للزعفران.
كما سيتم توسيع رقعة المساحة المزروعة وتحسين الإنتاجية ومعدل التعبئة ليصل إلى 70 في المئة مقابل 55 في المئة عام 2020، وتطوير وتنويع الصادرات.
ومن المقرر أن تصبح المساحة نحو 3 آلاف هكتار بنهاية هذا العقد ارتفاعا من 1944 هكتارا في 2020 بما يساعد على نقل الإنتاج من 6.2 طن إلى 13.5 طنا، مع تصدير طن واحد خلال العقد المقبل.
وتكتسي زراعة الزعفران أهمية اجتماعية واقتصادية بالغة، جعلت البلد يحتل المرتبة الرابعة بين منتجيه في العالم، كما تساهم بطريقة فعالة في تعظيم النشاط وخاصة في الأرياف.
وتعتبر جهة سوس - ماسة التي تستحوذ على 57 في المئة من الإنتاج المحلي، وجهة درعة – تافلالت على نحو 43 في المئة، من أبرز أمكان زراعة هذا المحصول.
ويشكل زعفران تالوين مصدر عيش سكانها الوحيد إلى جانب البعض من الأعمال الزراعية الأخرى البسيطة، ويتناوله الأهالي أثناء شرب الشاي ويقدمونه للسياح نظرا لقيمته الغذائية، كما يعالج 90 مرضا وفق سكان المنطقة.
وحسب معطيات حصلت عليها “العرب”، فإن زعفران تالوين الأصيل الرفيع يصل إنتاجه إلى 4 كيلوغرامات لكل هكتار سنويا، وأن الحصول على 500 غرام منه يتطلب زراعة ما لا يقل عن 70 ألف زهرة يجب أن تكون كلها صحيحة وصالحة.
كما أن الزعفران الطازج لتالوين بعد أن يتم تجفيفه يفقد الكثير من وزنه و25 كيلوغراما منه يصير بعد التجفيف 5 كيلوغرامات فقط.
ويقول محمد باسعيد مدير دار الزعفران تالوين إنه ذو جودة عالية انطلاقا من خصائص ثلاث، هي الذوق واللون والرائحة.
ويشتكي المنتجون والتعاونيات من المنافسة غير المشروعة للزعفران المستورد، الذي يعرض في السوق المحلية بسعر منخفض ولا يُعرف مصدره.
وأكد باسعيد وجود غش وتنافسية كبيرين في السوقين المحلية والعالمية بسبب كثرة الوسطاء وانخفاض الأسعار إلى نحو الثلث، رغم أن المغرب من الدول المتقدمة في زراعة وإنتاج وتسويق هذا المنتج.
وتتراوح أسعار الكيلوغرام الواحد من زعفران تالوين الأصيل، الذي يحتاج إلى قرابة 140 ألف زهرة لإنتاجه، ما بين 10 آلاف و15 ألف درهم (979 و1470 دولارا).
لكن إنتاج هذا العام تأثر بقلة الأمطار، وأسعار الغرام الواحد تتراوح ما بين 23 و28 درهما من الحقول والمزارع، بسبب تتالي سنوات الجفاف بالمنطقة، وفق إفادات مزارعي المنطقة.
وتفضي ندرة المياه إلى تراجع الإنتاج ما بين 30 و40 في المئة في بعض المواسم، علما أن هذه الزراعة تحتاج بالإضافة إلى الأمطار إلى مناخ بارد وملائم.
وفي سياق يتميز بارتفاع الطلب في السوق العالمي، يستند المغرب إلى ثروته النباتية، وإنتاجه وتحكمه في التكلفة ومهاراته المحلية.
◙ 13.6 طنا تطمح الرباط لإنتاجها من الزعفران بحلول 2030 مع تصدير طن واحد سنويا
غير أن منتجي ومسوقي الزعفران يعانون من منافسة غير شريفة جراء ترويج محصول مغشوش ورديء الجودة في السوق المحلية، مما يسيء إلى صورة هذا المنتج محليا ودوليا.
ورغم تواضع المحصول، فالطلب على الزعفران المغربي كثير في سوق تهيمن عليه إيران، التي توفر إنتاجا بنحو 180 طنا، أي ما يشكل 90 في المئة من السوق العالمية، متبوعة بالهند واليونان.
ومن أجل تنافسية الزعفران المغربي، بادرت وزارة الفلاحة إلى إدراجه ضمن مشروع تنموي وطني يمتد لأربع سنوات، يتوخى ضمان قيمة مضافة عالية وتنمية سلسلة الإنتاج.
وبحسب معطيات، سيمكن ذلك رفع الكفاءة من 2.5 إلى 6.5 كيلوغرام لكل الهكتار، وتحسين دخل المزارعين ليصل إلى نحو 100 ألف درهم (قرابة 10 آلاف دولار) عوضا عن 19 ألف درهم (1800 دولار)، إلى جانب توفير 600 فرصة عمل مباشرة.
وكان عقد البرنامج السابق الموقع بين الدولة والمهنيين في زراعة وتسويق الزعفران للفترة 2012 و2020 قد وضع هدف زراعة 1350 هكتارا من الزعفران، ورفع الإنتاج إلى 9 أطنان باستثمار عشرة ملايين دينار ضخت الدولة 84 في المئة منها.
وتقوم دار الزعفران بتالوين بتسويق أكثر من 40 كيلوغراما عبر رد الاعتبار للمزارع وتحفيزه بدءا من طريقة الإنتاج إلى مراقبته وحفظه بشكل جيد، لأن الزبون يبحث دائما عن الأجود.