الإقبال على جراحة التجميل بتونس في تصاعد

تقنية شدّ الوجه بالخيوط هي الأكثر استخداما في البلاد.
الجمعة 2023/05/12
تقنيات جراحة التجميل تتطور يوما بعد آخر

تحتل تونس المرتبة الثانية أفريقيا في مجال جراحة التجميل بعد جنوب أفريقيا وتستقطب أعدادا كبيرة من الأوروبيين في إطار ما يعرف بالسياحة التجميلية، وذلك نظرا إلى انخفاض كلفة جراحة الجميل إذا ما قورنت بالدول الأوروبية. ورغم أن هذه العمليات لا تخلو من المخاطر وتهدّد حياة الناس أحيانا، فإن ذلك لم يمنع النساء والرجال من الإقبال عليها، حيث تشهد تونس إجراء أكثر من 150 ألف عملية تجميل سنويا.

تونس - زاد الإقبال على جراحة التجميل خلال السنوات الأخيرة في تونس، حيث أصبحت هذه العمليات ظاهرة تستهدف النساء والرجال على حدّ السواء، فضلا عن انتشارها الكبير في صفحات التواصل الاجتماعي.

ويقول الأطباء المتخصصون في المجال إن عمليات التجميل لا تخلو من المخاطر وتهدّد حياة الناس أحيانا، كما يمكن أن تؤدي إلى الوفاة. وتتقدم تونس على بلدان أوروبية في جراحة التجميل ما يجعلها وجهة محببة لكثير من الأوروبيين، وذلك بفضل تطور الكفاءات الطبية المختصة وكذلك التقنيات الموجودة بالبلاد.

وبدأت عمليات التجميل في تونس بالازدهار منذ بدايات العقد الماضي، واستمرت في الانتشار والتطور حتى أصبحت تونس تحتل المركز الثاني على مستوى القارة الأفريقية من حيث الإقبال على إجراء العمليات التجميلية بها، وبلغ معدل ازدهار السياحة التجميلية فيها 60 في المئة سنوياً. وبحسب إحدى الإحصائيات عام 2010 هناك أكثر من 150 ألف عملية تجميل يتم إجراؤها في تونس سنوياً بعد أن كان العدد لا يتجاوز الألف.

العيد أولاد عبدالله: من يلجأون إلى هذه العمليات لديهم مشكلة هوية ذاتية
العيد أولاد عبدالله: من يلجأون إلى هذه العمليات لديهم مشكلة هوية ذاتية

ولم يقتصر الإقبال على عمليات التجميل في تونس على التونسيين فقط، بل أظهرت إحصائية حديثة أن عدد الأجانب الذين خضعوا لعمليات التجميل في تونس تجاوز 60 ألفا معظمهم من أوروبا خاصةً من فرنسا وإيطاليا وألمانيا وكذلك من كندا، حيث يفضلون إجراء هذه العمليات في تونس نظراً إلى كلفتها المنخفضة إذا ما قورنت بدول أوروبا، فقد يتراوح الفارق بين 30 و50 في المئة وقد يصل إلى 70 في المئة في بعض الأحيان.

وكان عدد عمليات التجميل في البلاد قد وصل عام 2004 إلى 3 آلاف عملية، لكن هذا الرقم ارتفع ليشمل عمليات التجميل الجراحية وغير الجراحية وعلى رأسها عملية تجميل الوجه. ويبلغ عدد الأطباء المتخصصين في طب التجميل في تونس 100 طبيب، أما الأطباء الذين يمارسون هذه المهنة فيبلغ 300 طبيب من غير الحاصلين على شهادة في الاختصاص.

وتعتبر عملية تجميل الوجه في تونس من أكثر العمليات طلبا من قِبل النساء، وتعتبر تقنية شدّ الوجه بالخيوط الأكثر استخداما في البلاد، فضلا عن تقنية حقن الوجه سواء بحقن "الفيلر" أو "البوتوكس".

وتقول الأخصائية في طب التجميل الدكتورة ذكرى بالحاج حسن إن “النساء أكثر إقبالا على عمليات التجميل من الرجال الذين تزايد عددهم أيضا، حيث أصبحت العمليات بمثابة نوع من الثقافة الاجتماعية، والناس أصبحوا يستسهلونها”. وأضافت في تصريح لـ”العرب” أن “هناك إقبالا على تحسين المظهر العام بعيدا عن التشوهات الخلقية، على غرار إزالة تجاعيد الوجه وتحسين الشعر وزراعته”.

وحذّرت الأخصائية في طب التجميل من “كثرة عمليات التجميل حتى تحولت إلى حالة مرضية تخلف تداعيات سلبية ترتبط أساسا بالعامل النفسي، حتى أن بعض النساء يفكرن في إجراء العمليات كلما شعرن بالقلق".

وازدادت الحاجة إلى تنظيم قطاع التجميل بسبب كثرة من يسمون بـ"الدخلاء"، في ظلّ انتشار عمليات التجميل في تونس وهو ما يهدّد صحة المواطنين. واعتبرت بالحاج حسن أن "كل عملية تجميل فيها مخاطر، وهناك دخلاء في هذا التخصّص لم يدرسوا طبّ التجميل ولا يتوفرون على عنصر الكفاءة أحرجوا الأطباء المتخصّصين وتسببوا في عدة نتائج كارثية بسبب إجراء عمليات تجميل".

◙ كثرة عمليات التجميل تتحول إلى حالة مرضية
◙ كثرة عمليات التجميل تتحول إلى حالة مرضية

وأثبتت تونس جدارة واضحة في إجراء عمليات تجميل الوجه للرجال والنساء، وكذلك تجميل الرقبة والجفون، بشهادة جميع الحالات التي أجرت هذا النوع من عمليات التجميل في أحد المراكز أو العيادات الخاصة حتى زادت نسب الإقبال عليها، خاصة لقلة كلفة العملية والإقامة في تونس في حال مقارنتها ببعض الدول العربية والأوروبية الأخرى.

وساهم قصور التشريعات المتعلقة بالنشاط في ظهور عدد كبير من الدخلاء في شبكات التواصل الاجتماعي، رغم جهود الهيئة الوطنية للاختصاصات الطبية في السعي لتنظيم طب التجميل. وتكثر الإعلانات المتعلقة بالتجميل في صفحات فيسبوك وإنستغرام، وقدرة أصحابها على تحقيق أحلام كثيرين بالنحافة والنفخ والشفط، فضلا عن “البوتوكس” ومقاومة التجاعيد وغيرها.

وتشهد تونس إجراء أكثر من 150 ألف عملية تجميل سنوياً، منها عمليات شفط الدهون، وتقويم الأنف، وانتشرت في السنوات الأخيرة عمليات شد الصدر والبطن والرقبة والوجنتين والجفون وتقويم الأسنان وزراعة الشعر ولكن الكثير من العمليات تنتهي بتشوهات كبيرة أو بوفاة "المريض".

هناك أكثر من 150 ألف عملية تجميل يتم إجراؤها في تونس سنويا بعد أن كان العدد لا يتجاوز الألف
◙ هناك أكثر من 150 ألف عملية تجميل يتم إجراؤها في تونس سنويا بعد أن كان العدد لا يتجاوز الألف

وفي وقت سابق، أذنت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس لعناصر منطقة الأمن الوطني بالمنزه بالاحتفاظ بطبيبة مختصة في الجراحة من أجل شبهة التسبب في وفاة امرأة بسبب خطأ طبي أثناء خضوعها لعملية تجميل بالمصحة التي تعمل بها.

وأفاد المتخصص في علم الاجتماع العيد أولاد عبدالله أن "الموضوع فيه جوانب نفسية بالأساس، هناك أشخاص يعانون من تشوهات ويريدون تحقيق توافق نفسي واجتماعي، لكن هناك أشخاص عاديون يريدون تحقيق ما هو أفضل من الناحية الجمالية، وبالتالي هناك مشكلة توافق نفسي واجتماعي". وقال لـ"العرب" إن "من يلجأون إلى هذه العمليات لديهم مشكلة هوية ذاتية في المجتمع ويسعون لتحقيق أهداف مختلفة منها كسب ودّ الناس والزواج والعمل وإرضاء الآخرين، فضلا عن البحث عن مكانة اجتماعية".

وأشار أولاد عبدالله إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت عاملا رئيسيا في كل التحولات الاجتماعية، وهناك تأثير وتأثر كبير خصوصا بالمشاهير، فتصبح عمليات التجميل سلوكا عاديا. وتابع “هناك ميثاق أخلاقي لا بدّ من احترامه في ظل ممارسة النشاط دون تخصص من أجل الثراء، وعلى عمادة الأطباء أن تأخذ الإجراءات اللازمة في ذلك من أجل حماية أطباء التجميل".

وأصبحت تونس من أهم المنافسين للبنان ومصر، بسبب انتشار السمعة الطيبة عن نتائج إجراء هذا النوع من العمليات في البلاد، مع انخفاض كلفتها الإجمالية في نفس الوقت. وباتت عملية شفط الدهون من الجراحات الشائعة حول العالم في الآونة الأخيرة، كما تعتبر حلا سريعا في نظر الكثيرين تخلّصهم من عناء اتباع الأنظمة الغذائية أو ممارسة الأنشطة الرياضية الشاقة.

16