الكاتبة المصرية رشا سمير: أرشح محمد المنسي قنديل لجائزة نوبل

مواقع التواصل قد تمنح كاتبا مزيفا مقعدا من ذهب.
الأحد 2023/04/16
دور الكاتب لا يقف عند إصداره روايات وكتبا

كرست الأديبة والروائية المصرية رشا سمير تجربتها الأدبية للقضايا الإنسانية منتصرة للمرأة والرجل على حد سواء، نافية التحيزات الجنسية التي لا تخدم لا الكتابة ولا الكاتب. “العرب” كان لها هذا الحوار مع الكاتبة والروائية والطبيبة رشا سمير حول قضايا أدبية مختلفة.

الأديبة والروائية رشا سمير كاتبة وروائية وطبيبة وصحافية مصرية وأم لابنتين هما كل حياتها فرح ونور، بدأت الكتابة وهي في الرابعة عشرة من عمرها، شرعت بداية في كتابة الخواطر ثم انتقلت منها لكتابة القصة القصيرة وأخيرا الرواية، لتصبح حصيلتها الأدبية ست مجموعات قصص قصيرة وأربع روايات، وطبعا لا يسعنا أن نغفل إنجازا أدبيا  آخر تشرف عليه بنفسها وهو إدارتها لصالون إحسان عبدالقدوس الثقافي بتكليف من أسرته.

وعلاوة على كتابتها الأدبية، تمارس سمير الكتابة الصحافية منذ عشرين عاما بكتابة عامود أسبوعي بدأته في جريدة صوت الأمة ثم نهضة مصر ووصولا إلى جريدة الفجر المصرية، تكتب فيه مراجعات ونقدا أدبيا للروايات، وأخيرا إنجازها الثقافي الأكبر وهو برنامج “كاتبان وكتاب”، وهو مبادرة ثقافية أخذتها على عاتقها لتعريف القارئ المصري بأدب حقيقي يستحق القراءة بعيدا عما يسمى بالأكثر مبيعا ولكنه دون محتوى حقيقي.

تجربة الكتابة

العرب: الأدب الأنثوي وكيف للمتلقي فرز هذا التجنيس من عدمه؟

رشا سمير: أنا ضد هذا التجنيس أو التصنيف، لماذا لا نتعامل مع المرأة على أنها إنسان، إنسان قادر على الإبداع والتميز بمجهوده وقدرته بعيدا عن جنسه، القلم قلم دون تصنيف والإبداع من نصيب الجنسين إلا لو ذكرنا فكرة الأدب النسوي وهو بعيد كل البعد عن الأدب الأنثوي، فالنسوية قضية، قضية كل امرأة على وجه الكرة الأرضية، وسواء يتبناها رجل أو تتبناها امرأة فنحن في النهاية بصدد إلقاء الضوء على قضية تهم البشر، على سبيل المثال الكاتب إحسان عبدالقدوس كان قلما نسويا وليس قلما أنثويا، ومن هذا المنطلق يمكن أن نصنف هذا النوع من الأدب.

الرواية حين تعكس الواقع وتحاكيه تكون أقرب إلى وجدان القارئ ويسهل عليه استيعابها إذ تمس حياته شخصيا

العرب: ماذا عن توقف العطاء لدى المبدع؟

رشا سمير: أحيانا يصاب المبدع بما يشبه فقدان الشهية للكتابة ويفقد قدرته على الإمساك بالقلم، ولكن في حالة المبدع الحقيقي هذا يحدث لفترة قصيرة ثم يعاود المسيرة، أحيانا بسبب سوء الأحوال الثقافية وما آل إليه الوسط الثقافي من خلط بين الغث والثمين.

أما إذا كنت تقصد توقف العطاء الإبداعي للأبد، فالسبب دون شك يكون نضوب معين الإبداع إما بسبب أن الموهبة لم تكن حقيقية من البداية بل كانت مجرد مرحلة وانتهت، أو بسبب تكرار الأفكار وعادة ما يموت المبدع بسبب عدم قدرته على التجدد والخروج خارج دائرة الأفكار المتكررة، قولا واحدا. يموت الأديب متى ينضب معين أفكاره.

العرب: ما هي أهم الركائز الأساسية لنجاح الرواية و القصة؟

رشا سمير: التشويق هو أحد أهم عناصر نجاح الرواية من وجهة نظري، فمتى استطاع الكاتب أن يجعل القارئ يطوي الصفحات طيا، أو دعني أقول لو استطاع الكاتب أن يبقي القارئ في شوق للآتي دون شعوره بالملل مثلما أبقت شهرزاد شهريار ألف ليلة وليلة في انتظار المزيد، هنا أصبحت شهرزاد من أعظم الحكائين، أنا كقارئة أبحث عن الجديد، أبحث عن الرواية التي تأخذني صفحاتها إلى مغامرة من نوع خاص، إلى مكان لم أزره، إلى دنيا جديدة.

اللغة أيضا من الركائز الهامة لنجاح الرواية، اللغة الرصينة وطريقة السرد والتلاعب بالمفردات والكنايات والاستعارات، فما أعظم لغتنا العربية التي تحمل من الثراء ما يجعلها كنزا للتعبير عن الأشخاص والأشياء.

القدرة على رسم الأبطال والشخصيات والزج بهم داخل الرواية والإمساك بتفاصيلهم وتقديمهم للقارئ في صورة تماثله وتشبهه حت

ل

ى يجد نفسه متعلقا بالأبطال وكأنه منهم.

العرب: لو تذكرين النتاجات الفكرية التي قدمتها للمكتبة العربية؟

رشا سمير: حاولت جاهدة طوال مشواري الأدبي أن أدعم الثقافة العربية، ويقيني أن دور الكاتب لا يقف عند إصداره روايات وكتبا، بل يمتد إلى كونه واجهة ثقافية لوطنه وإلى قدرته على الإعلاء من شأن مجتمعه ومن حوله.

لذا أحترم وأقدر الكاتب الأفغاني خالد الحسيني الذي ربما لم تتخط إصداراته الروائية عدد الثلاث روايات إلا أنها روايات عكست صورة أفغانستان وما تعانيه، توقف عن الكتابة منذ سنوات، ليكرس جهوده للعمل مع اللاجئين ومساعدتهم بشكل إنساني يُحترم.

من هنا قررت أن يكون لي موقف ثقافي اجتماعي بجانب المشوار الأدبي، لي عشرة إصدارات أدبية، أربع روايات طويلة وست مجموعات قصص قصيرة، وأتشرف بإدارة صالون إحسان عبدالقدوس الثقافي منذ أعوام، كما قمت بإدارة العديد من الندوات الثقافية للإسهام في الارتقاء بالمجتمع.

 قمت بعمل مبادرة عنوانها “كاتبان وكتاب” تشرفت فيها عبر الزووم باستضافة مجموعة متميزة من كافة أنحاء الوطن العربي ومن أوروبا أيضا مثل سعود السنعوسي، بدرية البشر، جان دوست، أميمة الخميس، هيفاء بيطار، واسيني الأعرج، جيلبيرتسينويه، هشام مطر، محمد المنسي قنديل، ريم الكمالي، رانيا المعلم، حبيب السالمي وغيرهم.. هذه المبادرة أعتز بها لأنها جمعت القراء والمشاهدين عبر الوطن العربي كله للمتابعة وهذا انعكاس لنجاحها ووصول الرسالة التي قامت المبادرة من أجلها.

أذهب أيضا إلى المدارس والجامعات لعقد ندوات وحوارات مع الطلبة وهو ما أعتبره تواصلا مطلوبا وهاما بين الأجيال.

العرب: هل كتابة القصص في نهاية الأمر انعكاس لما يعتمل في الذهن عن الواقع أم الواقع مجرد نقطة انطلاق للتجريب؟

رشا سمير: في أحيان كثيرة يكتب الروائي عما يعتمل في ذهنه، عن مشاهد من حوله، عن أشخاص عاشرهم، عن تجارب عاشها أو عاشها غيره، على سبيل المثال أنا عشت تفاصيل رواية “بنات في حكايات” مع صديقات ابنتي وبنات صديقاتي، فكان لابد أن أكتب صرخة في وجه المجتمع تطرق بابا للدخول إلى عالم المراهقات ومناقشة مشاكلهن، وفوجئت بنجاح الرواية والنقد الرائع الذي كتبه الأديب الراحل جمال الغيطاني وما كتبه أيضا الدكتور جابر عصفور  والأثري زاهي حواس عنها.

فكرة الأكثر مبيعا والكاتب النجم هي صناعة زيف نتاج مواقع التواصل الاجتماعي التي خلقت تخمة فارغة في الكتب

ولكن اعتقادي الشخصي أن الرواية حين تعكس الواقع وتحاكيه تكون أقرب إلى وجدان القارئ ويسهل عليه استيعابها لأنها تمس حياته هو شخصيا.

مواقع التواصل والتكريمات

العرب: ماهو رأيك في موجة مواقع التواصل الاجتماعي، وهل تساهم في متابعة القارئ للإنتاج الأدبي؟

رشا سمير: مواقع التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدين، لأنها ببساطة أصبحت أعظم وسيلة للتسويق والترويج للأدباء، وسيلة لم تكن موجودة من قبل أيام أساتذتنا القدامى، حين كان عدد الروائيين أقل وإنتاجهم أكثر غزارة، لكن اليوم ربما يكون الكاتب له إصدار واحد وحيد، لكن تواجده الكثيف على مواقع التواصل الاجتماعي يعطيه مقعدا من ذهب في مكان لا يستحقه.

المعضلة الرئيسية أن فكرة الأكثر مبيعا والكاتب النجم هي صناعة زيف نتاج مواقع التواصل الاجتماعي، لأن هناك مبدعين بحق يستحقون النجاح والظهور إلا أنهم غائبون عن المشهد الثقافي الإلكتروني، وبعض الحاضرين بقوة لا يستحقون المكانة الكبيرة.

g

بكل أسف، أستطيع أن أقول وبكل صراحة إن هناك ارتباكا حقيقيا في المشهد الثقافي الذي اختلط فيه الحابل بالنابل.

العرب: جائزة “نوبل للآداب” انطلقت مسيرتها في فضاءات التحفيز البشري الثقافي منذ عام 1901 وحتى يومنا الحاضر، وفي عام 1988 أصبح الأديب المصري نجيب محفوظ أول عربي يفوز بالجائزة، هل من المعقول أن الساحة الأدبية العربية تخلو من الكتاب والأدباء الذين يستحقون هذه الجائزة؟

رشا سمير: أستاذنا نجيب محفوظ لم يكن أديبا عاديا ولم يكن روائيا فقط، بل هو روائي متفرد صاحب مشروع أدبي متكامل ومختلف، له عدد من الإصدارات التي كانت كفيلة بأن تفتح له باب العالمية.

ببساطة، نجيب محفوظ هو مصر. استطاع بقلمه أن يعبر عن المكان والزمان وأن يكتب عن مصر ويصفها كما لم يصفها أحد من قبله ولا من بعده، من المؤكد أن هناك أدباء جادين ولهم قيمة على الساحة ولكن يبقى السؤال، هل يرتقون إلى مكانة نجيب محفوظ أو هل هم قادرون على ملء هذا الفراغ الثقافي الذي تركه بغياب قلمه؟ الإجابة ببساطة: لا.

ودعني أقول أيضا إن الجوائز العالمية والمحلية كانت لها صورة ومكانة معينة غابت إلى حد كبير اليوم، فالجوائز أصبحت لها حسابات أخرى، لها علاقة بأشياء كثيرة منها العلاقات والسياسة وغيرهما.

نوبل كانت جائزة كبيرة وهامة وقتما نالها أديبنا الكبير، إلا أنها اليوم انزلقت إلى منطقة التساؤلات والمشكلات التي جعلتها تُحجب في عام 2018 بعد فضيحة جنسية، بل ولم تكن تلك المرة الأولى التي تُحجب فيها بسبب مشاكل أو بسبب أن الأعمال المقدمة لم ترتق إلى المستوى المطلوب.

العرب: لو كنت مسؤولة عن جائزة نوبل من هو الأديب العربي الذي ترشحينه لهذه الجائزة؟

رشا سمير: على المستوى المحلي المبدع المصري محمد المنسي قنديل الذي صاغ التاريخ بقلم شديد الحساسية، وعلى المستوى العربي وبلا جدال الروائي اللبناني العظيم ربيع جابر الذي يحمل منتجا ومشروعا أدبيا غزيرا ومبهرا.

الكاتبة تعالج قضايا المرأة في أدبها لكونها إنسانا وليس فقط لكونها أنثى وتتعامل معها كقضايا إنسانية
الكاتبة تعالج قضايا المرأة في أدبها لكونها إنسانا وليس فقط لكونها أنثى وتتعامل معها كقضايا إنسانية

العرب: كيف ترين ظاهرة الفوضى والتسيّب الموجودة على الساحة  الأدبيّة بشكل مكثف في الآونة الأخيرة وتكريم كل من هب ودب وإقامة الأمسيات والندوات التكريمية لأشخاص لا توجد لهم علاقة بالشعر والأدب والثقافة من قبل بعض المنتديات والمؤسسات؟

رشا سمير: سؤالك هام ويحمل الكثير من جنبات الواقع الثقافي الأليم الذي نعيشه، الوسط الثقافي تحول إلى سيرك والتكريمات أصبحت أشبه بحاوي يكرم بهلوانات بكل أسف.

ما تطرحه حضرتك في سؤالك غاية في الأهمية، من المفترض أن يذهب التكريم إلى من يستحق، هكذا تعودنا على مدار الأعوام، ولكن تحول الأمر إلى حلبة من العلاقات وتبادل المنافع والمصالح التي طغت على جودة الأعمال وقيمة المنتج والأشخاص المكرمة، فذهبت التكريمات إلى من لا يستحق، وذهبت الجوائز وشهادات التقدير إلى من لم يقدم أي شيء.

المؤسسات التي تقدم التكريمات لا تمتلك أي قيمة تسمح لها بالحُكم والانتقاء وبالتالي التكريم، فهي في الغالب مؤسسات فردية أو يمتلكها رجال أعمال للبروباغندا فقط لا غير، فتجد تكريم الكتاب اختلط بفناني الدرجة الثالثة وسياسيين بلا هوية.

هذه الفوضى يجب أن تنتهي لأن الثقافة هي الواجهة الحضارية لكل الدول المحترمة، والثقافة هي المجال الوحيد الذي يجب أن ينأى بنفسه عن المجاملات والمحسوبيات.

العرب: في نفس السياق حين قلت إن نجيب محفوظ تربع على عرش الأدب العالمي ومع ذلك لم يكن لديه أي حساب على مواقع التواصل علما أن الأديب الراحل محفوظ رحل عنا منذ أكثر من 16 سنة، والآن اختلف الأمر كثيرا بحيث أصبحت السوشيال ميديا هي كل شيء، ما هو ردك؟

رشا سمير: هذا حقيقي وقد أشرت إلى هذا في الأسئلة السابقة، أستاذنا نجيب محفوظ كان له مشروع أدبي متكامل وناجح ونال جائزة نوبل، بل وفتح الباب أمام الأدب المصري والأدباء العرب للوصول إلى العالمية، كل هذا دون أن يكون له حساب على تويتر أو إنستغرام، وهو دليل على أن النجاح ليس مرتبطا بالسوشيال ميديا، ولكن بكل أسف اختلف الأمر والزمان، ولكل زمان ولكل مرحلة تداعياتها.

المعركة بين الرجل والمرأة التي يفتعلها الإعلام وبعض الإعلاميات لكسب ترندات ولايكات هي معركة واهية

قضايا الأدب

العرب: رواية “بنات في حكايات” كانت أولى خطواتك الإبداعية في عالم الرواية وأعتقد أنها الأكثر انتشارا، وربما يمكن القول كانت البوابة لفتح باب الشهرة للدكتورة رشا سمير. هل يصح ذلك؟

رشا سمير: “بنات في حكايات” كانت أول أعمالي الروائية بعد ست مجموعات قصص قصيرة، بدأت بإصدارها منذ عام 1995، وكانت أول تجربة لي في كتابة الرواية الطويلة، وبفضل الله سبحانه وتعالى حققت الرواية نجاحا كبيرا لم أتوقعه، وفوجئت في صبيحة أحد الأيام بأستاذنا الكاتب الكبير جمال الغيطاني يكتب نقدا رائعا عنها في مقاله الأسبوعي بجريدة الأخبار، وتلا ذلك العديد من المراجعات الإيجابية التي كُتبت عن الرواية من أقلام كبيرة ومحترمة مثل الدكتور جابر عصفور والدكتور زاهي حواس والناقد السعودي الصحافي سعد الحميدين وغيرهم.

هذا بخلاف كم الرسائل والإيميلات التي وصلتني من القراء الذين وجدوا أنفسهم داخل صفحات الرواية، بل وقدمت لهم الرواية صورة واقعية لمعاناة الأهل والفتيات في سن المراهقة، بل ووصل الأمر إلى أن الرواية غيرت حياة أشخاص أو جعلتهم يتخذون قرارات هامة في مسألة تربية بناتهم، وهذا بالنسبة لي هو النجاح الأعظم.

العرب: من يتابع الدكتورة رشا سمير يجدها تجمع بين الطب والإعلام والرواية، ماذا يعني لكم كل هذا؟ وأين تجدين نفسك أكثر تألقا وعطاء في الطب أم الأدب؟

رشا سمير: أمارس طب الأسنان حتى اليوم ولم أنقطع عنه يوما، وقد حصلت على ماجيستير في جراحة الفم والأسنان، كما أن الكتابة هي شغفي والنجاح الأكبر في حياتي، أما صالون إحسان عبدالقدوس ومبادرة “كاتبان وكتاب” فهي تحول في حياتي سببه إحساسي بأهمية أن يكون الكاتب معطاء وقادرا على إثراء الحياة الثقافية، ليس فقط بقلمه بل بتواجده الأدبي في شتى المجالات.

ا

العرب: ما هي السمات التي تميز المشهد الأدبي العربي اليوم علما أن المتلقي الثقافي اليوم يشهد غزارة في الإنتاج في الشعر والرواية وحتى النقد؟ كيف تقيمين هذا المشهد؟

رشا سمير: أرى المشهد الثقافي يعاني من تخمة سببها كثرة أعداد الأعمال الروائية الموجودة على الساحة، والعناوين العديدة التي تصدر في معارض الكتب، وخصوصا معرض كتاب القاهرة الذي يعج بدور النشر التي لا نسمع عنها مرة أخرى بعد انتهاء المعرض، وبالكُتاب الذين تصدر لهم عناوين ثم يختفون عقب انتهاء المعرض.

ورغم ذلك يقيني أن الأدب الجيد يبقى، يتوارى الغث ولا يبقى سوى الثمين، العمل الجيد يظل عنوان النجاح مهما طال الزمان.

العرب: هل أنصفك الإعلام في تسليط الضوء على أدبك وأعمالك عربيا عموما وفي مصر خصوصا؟

رشا سمير: مما لا شك فيه أن الإعلام أنصفي، ولا تنسى أنني كاتبة صحافية وكنت أقوم بالتعليق على المشهد الصحافي أسبوعيا، ولذلك فوجودي على الشاشات أمر دفع الإعلام إلى التعرف علي بصفتي وجها وعلى أعمالي من خلال برامج كنت ضيفتها، كما أن العديد من الأقلام تناولتني بالنقد الإيجابي على المستوى المصري والعربي. فقد سبق وقمت بعمل حوارات صحافية في جريدة البيان الإماراتية والاتحاد، والعديد من المواقع السورية والليبية والعراقية، وكتب عني نقاد من السعودية في جريدة الرياض، والسياسة الكويتية.

العرب: تعالجين قضية المرأة في أدبك بعيدا عن ذاتها الأنثوية، هل استطعت أن تنصفيها؟

رشا سمير: أعالج قضايا المرأة في أدبي لكونها إنسانا وليس فقط لكونها أنثى، المرأة لها قضاياها مثلها مثل باقي القضايا الإنسانية، ولكن كون المجتمعات العربية مجتمعات ذكورية، فهذا ما يجعل قضايا المرأة أكثر حساسية وأهمية.

تناولت قضايا المرأة في روايتي “جواري العشق” و”بنات في حكايات” بالتحديد، ولا أنكر كوني كاتبة تدافع عن قضايا البشر ومنها النساء.

الحرية على سبيل المثال قضية تمس البشر جميعا، مشاكل المراهقات المسكوت عنها كانت إحدى القضايا التي نجحت في الكتابة عنها، وأعتقد بشهادة القراء بأنني نجحت في هذا الطرح وفي تقديم الحلول أيضا.

Thumbnail

العرب: معظم أعمالك ورواياتك (بنات في حكايات، جواري العشق، دويتو، يعني إيه راجل، حب خلف المشربية، سألقاك هناك) كتابات تتحدث عن النساء المهملات أو المهمشات اجتماعيا أو المظلومات، ما الذي تريدين قوله؟ وإلى هذا الحد تعتبري أن الرجل “بعبع” ومخيف؟

رشا سمير: أضحكتني بهذا السؤال، الحقيقة إن أعمالي التي ذكرتها سلفا ليس بها أي هجوم على الرجل ولا تصف الرجل لكونه “بعبع”، لأن هذا ليس رأيي الشخصي أبدا ولا أعتبر الرجل عدوا ولا أرى أن العلاقة بين الرجل والمرأة معركة يجب أن تنتهي لصالح أحدهما، فالعلاقة هي مركب ومجدافان، إذا تجانسا نجحت وإذا تنافرا فشلت.

ووجهة نظري أن المعركة التي يفتعلها الإعلام وبعض الإعلاميات بين الرجل والمرأة لكسب ترندات ولايكات هي معركة واهية أودت بالمجتمع كله إلى هاوية، بل وأدت بالبيوت العربية إلى هاوية الخلافات والطلاق.

العرب: من أبرز الكاتبات والمبدعات اللاتي كنّ أكثر قربا من حياتك وأدبك؟

رشا سمير: على المستوى العربي، أرى رضوى عاشور نجمة تتلألأ في سماء الأدب حتى لو توارت برحيلها، قرأت لها كل أعمالها. أحببت إليف شافاق وتأثرت بقلمها في بداياتها وقبل أن أشعر بأن السياسة تسللت إلى أحبارها.

ليست لي صداقات قريبة من الوسط الأدبي ولكنني أعتز بزمالة جميع الكاتبات حتى لو لم أقرأ لهن.

العرب: ماهي رسالتك للحياة؟ وهل تشعرين بأنك قلت كل شيء في كتاباتك أم ما زال هناك الكثير من القول؟

رشا سمير: رسالتي الأكبر كانت تربية بنتيّ فرح ونور، اللتين هما صديقتاي ودنيتي كلها، هما إنجازي الأكبر وسعادة الدنيا كلها. ورسالتي الأدبية هي أن أترك أثرا له قيمة بعد رحيلي، وأن أترك إرثا من الأعمال الأدبية التي تدفع المجتمع إلى الارتقاء وليس إلى الانحدار وتغير في القضايا الساكنة.

10