مخطط سياحي واعد لتعزيز جاذبية الوجهة المغربية

يحشد المسؤولون المغاربة جهودهم لتعزيز آفاق السياحة خلال السنوات القليلة المقبلة في سياق مخطط واعد لدفع عجلات القطاع من بوابة التنويع وإضفاء الجاذبية على هذه الصناعة عبر استقطاب المزيد من الزوار الأجانب بما يحقق إيرادات مالية أعلى.
الرباط – تستعد السياحة المغربية لبدء مرحلة نمو جديدة بعد أن شهدت السنوات الثلاث الماضية العديد من التطورات السلبية التي أثرت على القطاع مدعومة بحزمة من المزايا والتسهيلات والبرامج والمبادرات التي وضعتها الحكومة.
وتأتي المساعي مع تعزيز الرباط رهاناتها على جعل القطاع أكثر جاذبية للاستثمار وذلك ضمن محاولاتها الدؤوبة لاستعادة بريق السياحة مرة أخرى بعد فترة من التقلبات.
وفي إطار خارطة الطريق الجديدة للقطاع، يطمح المكتب الوطني للسياحة من خلال مخطط عمله للفترة الممتدة ما بين 2023 و2026 الذي أعلن عنه مؤخرا إلى استقطاب 17.5 مليون زائر في غضون السنوات الثلاث القادمة.
ويستهدف المكتب أيضا إدراج المغرب ضمن أفضل عشر وجهات عالمية الأكثر جاذبية لدى السياح عبر العالم بحلول العام 2026.
وتتضمن الخارطة الجديدة للسياحة مضاعفة سعة النقل الجوي، وتعزيز الترويج والتسويق، وتنويع منتجات التنشيط الثقافية والترفيهية، وتأهيل الفنادق وإحداث قدرات استضافة جديدة.
ويندرج المخطط الذي أطلق عليه اسم “ضوء في العمل”، ضمن خارطة الطريق الجديدة للقطاع التي بدأت وزارة السياحية في تنفيذها منذ منتصف الشهر الماضي بالشراكة مع الفدرالية الوطنية للسياحة.
وعلى هامش فعاليات “أيام التسويق السياحي” التي عقدت مؤخرا، أكد عادل الفقير مدير عام مكتب السياحة أن ثمة تنسيقا مع كافة المعنيين والمهنيين بالقطاع لوضع دعامات جديدة للعمل في هذا النشاط الحيوي.
ولفت الفقير في تدخله إلى أن طموحات المكتب كبيرة. وقال “نتوق من خلالها إلى الذهاب إلى أبعد مدى ممكن علما أننا قمنا سلفا بوضع الأسس والركائز التي تمكننا من تحقيق هذا المبتغى”.
وفي اللقاء ذاته الذي حضرته كل مكونات القطاع السياحي المغربي كشف إدي ويلسون مدير عام رايان أير عن طموحات شركة الطيران الأيرلندية منخفضة التكلفة في السوق المغربية ومخطط عملها والفرص المتاحة لها.
ولتفعيل إستراتيجيته الجديدة على أكمل وجه، حدد المكتب المغربي للسياحة تدابير ذات أولوية. ففي ما يتعلق بشق التسويق، سيتم التركيز على توسيع أثر الحملة الترويجية “المغرب، أرض الأنوار” لتشمل وجهات أخرى وإبرام شراكات جديدة.
وتم التأكيد على محددات تتعلق بالقدرة التنافسية لبلوغ الأهداف المنشودة، وتتمثل في مضاعفة سعة النقل الجوي عبر تكثيف الرحلات سواء على الصعيد المحلي والدولي وتعزيز الترويج والتسويق عبر إبرام شراكات إستراتيجية مع أكبر الفاعلين العالميين في هذا المجال.
ويتعلق الأمر حسب وزيرة السياحة المغربية فاطمة الزهراء عمور بتحفيز الاستثمار في مجال الأنشطة الترفيهية وتعزيز المعروض الفندقي من خلال تأهيل الفنادق القائمة وإحداث أخرى جديدة.
الخارطة تتضمن مضاعفة سعة النقل الجوي وتعزيز الترويج والتسويق وتنويع المنتج الثقافي والترفيهي وتأهيل الفنادق
وإضافة إلى ذلك تعزيز الرأسمال البشري من أجل الارتقاء بجودة الخدمات ورفع معدل عودة السائحين، وتعزيز مرصد السياحة لجعله أداة توجيه فعالة ووسيلة دعم أثناء اتخاذ القرارات.
وكانت تقارير قد أشارت هذا الأسبوع إلى أن صندوق محمد السادس يدرس إنقاذ فنادق محلية متعثرة من خلال شراء حصص أقلية فيها وإعادة تشغليها بهدف تعزيز نشاط هذا القطاع في المرحلة المقبلة.
واعتبرت عمور أن الحوكمة تعد شرطا أساسيا لضمان نجاح خارطة طريق السياحة وتجسيدها واقعيا.
وقالت إنه “سيتم تأسيس هيئات ستلعب دورا مهما في توجيه وتنفيذ المخطط على المستوى المركزي والجهوي والإقليمي”، وعلى رأسها لجنة وزارية مكلفة بالسياحة تحت رئاسة رئيس الحكومة.
وخصصت السلطات ستة مليارات درهم (588 مليون دولار) لإنجاح المخطط الجديد، وهو ما يرفع المبلغ الذي رصدته السلطات إلى 784 مليون دولار.
وكانت الحكومة قد التزمت بتوفير 98 مليون دولار في أقل من سنة لفائدة القطاع ضمن المخطط الاستعجالي.
وأبرمت وزارة السياحة العديد من الشراكات، بما فيها الشراكة الموقعة مع شركة الرحلات السياحية “آل تورز” والتي تغطي موسم صيف 2023 وموسم شتاء 2023 – 2024، بهدف استقطاب زهاء 10 آلاف زبون انطلاقا من السوق الألماني.
وعلاوة على ذلك، تبرز الشراكة مع مجموعة توي والتي تغطي السنوات الخمس المقبلة والممتدة من موسم صيف 2023 وإلى غاية فصل شتاء 2027 – 2028، وهو ما سيتيح فرصة مضاعفة عدد السياح الوافدين على المغرب ليصل معدل النمو إلى 220 في المئة.
واستقطبت البلاد ما يناهز 11 مليون سائح العام الماضي، ما يمثل 84 في المئة من إجمالي السياح الذين زاروا المغرب في 2019 متجاوزة المتوسط العالمي البالغ 63 في المئة.
كما استعاد القطاع حوالي 116 في المئة من مداخيل السفر بالعملة الصعبة مقارنة بالعام الذي سبق تفشي الجائحة.
ومن المتوقع أن تتم مضاعفة حجم الرحلات المجدولة من طرف منظمي الأسفار والرحلات ووكالات الأسفار على الأنترنت، إلى جانب السعي لتكثيف التسويق واستقطاب شركاء تجاريين جدد.
أما في ما يخص المعزز الأساسي للإستراتيجية الجديدة، فيتعلق بالنقل الجوي الذي تم الدفع به إلى الأمام بالانفتاح على أسواق جديدة بفضل القوة الضاربة التي أصبح يشكلها الاتحاد المبرم ما بين المكتب الوطني المغربي للسياحة وشركة الخطوط الملكية المغربية.
وأبرز تقرير صحيفة “ذا الصن” البريطانية ثلاثة عوامل جذّابة لفائدة البريطانيين لزيارة العاصمة المغربية الرباط، وهي قرب المسافة بين البلدين، والأسعار المنخفضة، إضافة إلى الشواطئ الرملية، وهي 3 عوامل يرغب فيها البريطانيون بشدة.
ولهذه الغاية، تم إطلاق ثلاث خلايا عمل من طرف المكتب الوطني المغربي للسياحة والفدرالية الوطنية للسياحة تتلخص مهمتها في بسط النقاش حول دعامات التسويق والرقمنة والتوزيع والنقل الجوي.
وإلى جانب ذلك سيتم إنشاء لجنة تشاورية على صعيد الأسواق المستهدفة في أفق ضمان الحضور والتتبع والتآزر مع كبار الفاعلين السياحيين والموزعين بهذه الأسواق الإستراتيجية بالنسبة إلى وجهة المغرب.