برنامج مغربي طموح لإدماج أصحاب المؤهلات الدنيا في سوق العمل

كثف المغرب من جهوده لتعزيز دور أصحاب المؤهلات الدنيا في نمو الناتج المحلي الإجمالي من خلال تخصيص برنامج حكومي واعد لهم يتوقع المسؤولون أن يدعم سوق العمل، وسط مساع مستمرة للبحث عن حلول مستدامة لتحسينه وجعله محفزا للتنمية.
الرباط - دخلت الحكومة المغربية معركة جديدة لتفكيك العقبات أمام سوق العمل بهدف تعزيز مستويات النمو، التي تعتمد في جزء كبير منها على دعم القطاع الخاص من خلال المشاريع الناشئة والتخلص من أعباء الإنفاق على رواتب القطاع العام.
وكشفت السلطات أنها تدرس إطلاق مبادرة جديدة لضم الذين لا يمتلكون شهادات عليا في سوق العمل، وهو ما سيساعد في دفع عجلة الاقتصاد وفي الوقت ذاته تقليص مستويات البطالة.
وقال وزير الإدماج الاقتصادي يونس السكوري خلال جلسة استماع أمام البرلمان الأسبوع الماضي إن الحكومة “تفكر في طريقة جديدة لإخراج برنامج خاص بالأشخاص الذين ليست لديهم شهادات جامعية أو دبلومات تؤهلهم للحصول على فرص عمل”.
وأضاف أن “هذه الخطة الأولى من نوعها بالمغرب تندرج ضمن أولويات الحكومة في إطار مخططات عمل التشغيل الجهوي”.
ووفق السكوري فإن الاهتمام بهذه الفئة من المغاربة يأتي بعد “النجاح الكبير الذي عرفه برنامج أوراش”، الذي يضم في مجمله فرص “عمل مؤقتة”.
والبرنامج الذي تم إطلاقه مطلع العام الماضي، يضم شقين، يتعلق الأول، وهو الأكبر، بالأعمال العامة المؤقتة، التي تم الشروع في تفعيلها بشكل تدريجي.
أما الشق الثاني من “أوراش” فيتعلق بدعم الإدماج المستدام على الصعيد المحلي، حيث سيتم اختيار شركات وتعاونيات متضررة من الجائحة لدعمها من أجل الاستمرار.
وسيستفيد من البرنامج طيلة مدة تنفيذه خلال عامي 2022 و2023 ما يقرب من 250 ألف شخص، وذلك في إطار عقود تبرمها جمعيات المجتمع المدني والتعاونيات والشركات عبر ترشيحات وعقود عمل.
وتستهدف “أوراش” الأشخاص الذين فقدوا عملهم بسبب جائحة وأولئك الذين يجدون صعوبة في الحصول على فرص عمل وذلك دون اشتراط مؤهلات.
وخلص مسح أجرته الوزارة مؤخرا إلى أن نحو 70 في المئة من المستفيدين من برنامج “أوراش” لا يملكون أي شهادات جامعية أو دبلومات، ما جعلها تندفع إلى اعتماد برنامج يشملهم.
وأظهرت أرقام المسح أن نحو 50 في المئة من المستفيدين من البرنامج ينحدرون من الأرياف، وأن أكثر من 25 في المئة من النساء.
وقال السكوري إن “30 ألفا من أصل 100 ألف من المستفيدين تلقوا تكوينا يتيح لهم الحصول على مؤهلات إضافية وبالتالي الدخول إلى سوق العمل”.
وأشار إلى أن الوزارة تعمل على تقييم برنامج “أوراش” ورصد المحاور التي تحتاج إلى التطوير، لاسيما في ما يتعلق بالتشغيل النوعي والتأهيل المهني.
ولم تنشر مندوبية التخطيط المكلفة بالإحصاء حتى الآن بيانات الربع الرابع من العام الماضي بشأن نسبة البطالة، لكنها أشارت إلى أنها بلغت 11.8 في المئة في الربع الثالث من 2022.
وأكد خبراء اقتصاد وسياسيون أن إعداد مخططات جهوية للتشغيل يعد من الإجراءات العاجلة التي يجب ترجمتها واقعيا مع ضرورة تحقيق المزيد من التكامل بين السياسات العامة للدولة في ما يتعلق بتقليص مستويات البطالة.
واعتبرت البرلمانية نزهة مقداد عن تكتل التقدم والاشتراكية أنه لا بد من تدابير حكومية مرنة لإضفاء ديناميكية جديدة على مختلف القطاعات الإنتاجية ودعم الشباب والارتقاء بأوضاعهم المادية.
وتعمل لجان في كل جهة بانتقاء الشركات ودعمها لمدة 18 شهرا، حيث ستتلقى منحة تبلغ 1500 درهم (150 دولارا) عن كل موظف أو عامل يتم تشغيله والتصريح لدى صندوق الضمان الاجتماعي لمدة سنتين على الأقل.
وقال البرلماني محمد الحافظ عن حزب الاستقلال، إن “الضرورة تقتضي دعم وتمويل الجيل الجديد من الشباب والشركات الضغيرة والمتوسطة بكل الوسائل، من طرف القطاع المصرفي والمالي”.
وإلى جانب برنامج “أوراش” استثمرت الحكومة في برامج مثل إدماج وتحفيز وتأهيل، فضلا عن برنامج عقد الاندماج المهني، ودعم التدريب لفائدة القطاعات الواعدة.
كما قدمت عروض خدمات موجهة لبعض الفئات مثل سكان القرى والمرأة ومن ليس لهم شهادات عليا والمستفيدين من التعويض عن فقدان العمل والأشخاص من ذوي الهمم والمهاجرين في وضعية قانونية.
وأكد رشيد ساري المحلل الاقتصادي في تصريح لـ”العرب” أن الحكومة تطلق مجموعة من البرامج لفائدة شركات الشباب ربما تعكس حسن نواياها.
11.8
في المئة نسبة البطالة بحسب بيانات مندوبية التخطيط عن الربع الثالث من عام 2022
لكنه أشار إلى أن المشكلة الأساسية تكمن في تعامل المسؤولين في كافة مناطق البلاد بجدية أكبر من أجل مواكبة الشباب أصحاب المشاريع.
وتريد الرباط من وراء تنفيذ برامجها تقليص الفجوة بين سكان المدن والقرى وتحسين مستوى العيش في الأرياف مع العمل على خلق طبقة متوسطة قروية.
ويؤكد السكوري أن الجولات التي يقوم بها مسؤولو وزارة الإدماج مع المحافظين ورؤساء الجهات أفضت إلى قناعة مفادها عدم إمكانية الاستمرار في اتباع منهجية لسوق العمل على المستوى المركزي.
وشدد أمام البرلمان على ضرورة إطلاق برامج جهوية فعالة للتشغيل تتماشى مع توجيهات الملك محمد السادس بخصوص ما اصطلح على تسميته “الجهوية المتقدمة”.
ووضعت الحكومة إستراتيجية للتشغيل تهدف إلى إنعاش العمل اللائق والتشغيل المنتج، كما ونوعا، عبر وضع سوق العمل في صلب السياسات الاقتصادية والاجتماعية وبإشراك كل الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين وكافة الأطراف المعنية.
كما تعمل على بلورة مخطط شامل للنهوض بسوق العمل، في ضوء التوجهات العامة للبرنامج الحكومي في هذا المجال، والذي يجعل من دعم البعد الجهوي أحد المحاور الأساسية.
وتظهر حصيلة مخطط النهوض بالتشغيل خلال الفترة بين 2017 و2021 أنه تم توفير نحو 660 ألف فرصة عمل في القطاعين العام والخاص.
وإلى جانب ذلك، تم تحسين قابلية التشغيل لأكثر من مليون باحث عن عمل، مع دعم التشغيل المأجور لأكثر من 500 ألف باحث عن عمل، ومواكبة تأسيس أكثر من 20 ألف مشروع صغير.
وبحسب مندوبية التخطيط، تتكون بنية القطاع الخاص المغربي من 93 في المئة شركات صغيرة جدا وصغيرة ومتوسطة، بينما تمثل الشركات الكبرى 7 في المئة.
• اقرأ أيضاً: