تعلّمْ كيف تخسر

الخسارة بحد ذاتها، تعني أنك كنت تحاول، وخسارتك أمام الأقوياء تدلّ على تقدّمك وقطعك لمشوار طويل حتى بات بإمكانك أن تنافسهم.
الجمعة 2022/12/16
الحياة كلها لعبة

أبلغ دروس المونديال الحالي 2022، هو مسار المنتخب المغربي الذي لا يزال جمهوره يتعامل معه، رغم خسارته أمام فرنسا في نصف النهائي، على أنه فائز.

الخسارة بحد ذاتها، تعني أنك كنت تحاول، وخسارتك أمام الأقوياء تدلّ على تقدّمك وقطعك لمشوار طويل حتى بات بإمكانك أن تنافسهم، وعكس ذلك أن تكون بعيدا جدا بين الضعفاء وقليلي الخبرة.

لكن أن لا تفلح في تحقيق ما تتحدى من أجله، فإن هذا أول المؤشرات على ما سيأتي، والذي يفترض به أن يكون المزيد من التحدي بعد التعلّم من دروس الرحلة.

أما أنت القاعد في بيتك، تراقب ولا تجرؤ على الخطو خارج المكان متجاوزا العتبة، فليس عليك سوى أن تتحسّر على ما أضعته من عمر، أفنيته في الحذر وادعاء الحرص على عدم خوض المغامرة.

لا شيء يتحقق بين يوم وليلة، والصبر والرغبة بالتفوّق يكملان بعضهما البعض، والتعجّل فورة ستنقضي سريعا.

فكّر في سلسلة القيم التي تركتها خلفك وأنت في طريقك إلى اللحظة التي خسرت فيها، كم نجحت في عكس صورة تحدث لأول مرة، استوقفت حتى عمدة لندن صادق خان الذي غرّد على حسابه على تويتر قائلا ”منتخب المغرب لم يفز بكأس العالم، بل كسب قلوبنا“، مرفقا بتغريدته صورة نجم المغرب سفيان بوفال وهو يعانق والدته وسط الملعب.

حتى النبرة التي تلت إعلان فوز المنتخب الفرنسي في إعلام باريس، حملت جانبا هائلا من الاستعلاء، واستعمل الصحافيون الفرنسيون كلمات مثل ”فرنسا تنهي مغامرة المغرب“، وأثار هذا غضب العرب في كل مكان، فكتب وليد جنبلاط رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي اللبناني مستنكرا ”في نشرة الأخبار الصباحية وتعليقا على فوز فرنسا على المغرب تعتبر إذاعة مونتي كارلو أن فرنسا وضعت حدا للمغامرة المغربية. يبدو أن ثقافة الاستعمار الثقافي لا تزال مسيطرة على بعض الدوائر وكأنه ممنوع على العرب والأفارقة التفوق حتى في لعبة كرة القدم“.

على ماذا يدلّ هذا؟ أن الآخر كان يقرأ محاولة المغرب للتقدّم في أدوار نهائيات كأس العالم ”حربا ثقافية“، ولا يتناولها بروح الرياضة البسيطة.

الأمر ذاته تفعله فرنسا في أفريقيا كلها، وفي الوقت الذي تشتري من الأفارقة الغاز لتأمين النقص في الطاقة، تمنع الدول المنتجة له من تطوير أدواتها، وتقول رسالتها: ممنوع عليكم أن تطوّروا آباركم. ممنوع عليكم أن تنعموا بالكهرباء في كل مدن السنغال على سبيل المثال.

الحياة كلها لعبة، ليس استخفافا، بل تشخيصا، وهي لعبة تكتيك بالدرجة الأولى، عليك أن تدرس فيها الخطوات، ولا تدع نفسك للرياح تذروها مثل الغبار..

20