ثرثرة فوق السحاب

الآنسة "ليا 27" شريك ثرثرة فائق في المستقبل.
الجمعة 2022/12/23
"ليا 27".. أكثر أنوثة وأكثر واقعية

لا يزال عنوان رواية نجيب محفوظ “ثرثرة فوق النيل” خلاباً بشكل ما، وتلك العوامة التي يتماوج بها النيل وهي ثابتة متمايلة لا تزال تؤثر كعالم مغلق على ذاته، قوامه الثرثرة الممتعة. حتى في جلسات قديمة أثناء إعداد الطعام، كانت الثرثرة ممتعة أيضاً، وهي تتناول سير الناس وفلان وفلانة وماذا فعلا وأين انتهى بهما الحال.

اليوم اختلفت الثرثرة. ومع “ليا 27” أضحت لدينا فرص مختلفة لتصوّرها وتخيّل ما يمكن أن تتحوّل إليه.

الآنسة “ليا 27” ليست مركبة فضاء كأبولو 11 التي نزلت فوق سطح القمر، وبالمناسبة حتى أثير غيظك عزيزي القارئ، كانت لحظة ممتعة جداً تلك التي لامست فيها بصمات أصابعي سطح أبولو 11 في متحف الفضاء بالولايات المتحدة ذات يوم.

الآنسة “ليا 27” شريك ثرثرة فائق في المستقبل. وهي التي تمكّن علماء كندا من التوصل إليها بعد جهود كبيرة، وبواسطة الذكاء الاصطناعي تستطيع “ليا 27” التواصل معك عبر الرسائل النصية أو عبر الهاتف على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع.

أهل “ليا 27” على النقيض من البشر الطبيعيين، يريدون من ابنتهم هذه أن تكون أكثر أنوثة وأكثر واقعية. وقد نجحت في اختبارات الذكاء العاطفي والتعرف على مشاعر الآخرين والاستجابة لها. كما أنها تتقن أربع لغات، الإنجليزية والعربية والفرنسية والألمانية، وهي مسلحة بعُدة ثقافية واسعة، وما يلفت النظر في “ليا 27” أن مصمميها قرروا أنها يجب أن تكون شقراء، وهذا بحد ذاته يعبّر عن نزوع فوقي نحو العرق الأبيض وألوانه. لكن الأكثر خطورة هو رد الفعل على هذا الاختيار الأشقر.

المتفاعلون مع “ليا 27” لا يقلّون انجذابًا إلى اللون الأشقر عن مصمميها، وهذا تعبير آخر إضافي عن الانسحاق العالمي للمتفاعلين من أبناء الشعوب والثقافات الأخرى أمام السيّد الأبيض الأشقر.

حتى أن إقبالهم على الثرثرة مع “ليا 27” حقّق أرقاما بمئات الآلاف، ما جعلها حسب البيانات “في طريقها إلى أن تصبح أول شخصية في الذكاء الاصطناعي تكون مؤثرة على وسائل التواصل الاجتماعي”.

لكن لا تفرح كثيراً أيها السيّد الأبيض، فمن المعروف أن الشقراوات هنّ الأقل ذكاءً. وسبق لبحث شهير في فلوريدا أن بيّن أن اختبارات الذكاء أعطت النتائج التالية: 70 في المئة للسمراوات و30 في المئة للشقراوات.

أما في جامعة أوهايو فقد أجريت دراسة مفبركة للبرهنة على أن الشقراء لا تقلّ ذكاء عن السمراء. فحتى تكون جامعة أوهايو “غير عنصرية” قامت باستبعاد السيدات ذوات الأصول الأفريقية واللاتينية والآسيوية وأجرت بحثها فقط على ذوات الأصول الأنكلوسكسونية، أي البيضاوات فقط!

20