تكنولوجيا العريس الحيوية

الإنسان يلجأ اليوم إلى تطوير قدرات جسده باستخدام أحدث وسائل وفتوح التكنولوجيا الحيوية.
الجمعة 2022/09/16
البحوث العلمية تتجاوز حدود الخرافات وتحولها إلى حقائق ثابتة

يلجأ الإنسان اليوم إلى تطوير قدرات جسده باستخدام أحدث وسائل وفتوح التكنولوجيا الحيوية، ولم يمض وقت طويل على تلك التجربة التي قام بها أحد العلماء المهووسين بهندسة الجينات حين قام عبر بث مباشر بمحاولة تغيير جينات ذراعه.

كان هذا العلم قد انطلق في النصف الأول من القرن العشرين، عندما تم استخدام التكنولوجيا الحيوية على عدد من التطبيقات البسيطة في مجال الزراعة، إلا أنه تطور ليشمل الإنسان والعلوم المستقبلية كافة.

حتى الآن ستقول لي وأنت تقرأ هذه السطور، إن ذلك كله خرافة من خرافات العلم، لكنك بعد قليل ستعترف بأن العلم تجاوز حدود الخرافات وحولها إلى حقائق ثابتة. لكن السؤال الملح هو هل كانت تلك الخلقة التي وجد الإنسان عليها بحاجة إلى تعديل؟

هذا سؤال أكثر من  علمي، فقد واجه ردوداً من قبل من طرف رجال الدين الذين اعتبروا أن عملية التجميل ”حرام“ لأنها تغيير في خلقة الله، بمعنى أن هذا هو نصيبك من الجمال فلا تطلب غير ما قُسم لك. كذلك واجه علماء النفس الأمر بالتحريم ذاته بحيث سأل بعضهم ترى كيف هو شعور المرأة التي غيرت شكلها وطول أنفها وملامح وجهها وهي تقف أمام المرآة؟ هل ستشعر أنها تنظر إلى شخص غريب أم سترى ذاتها، وماذا عن صورتها القديمة المزروعة في ذهنها والتي ستتغلب دوماً على ما تبصره عيناها، وهذا كان السبب الرئيسي في رغبتها بتغيير شكلها، سيخلق هذا الحوار حالة من عدم اليقين لدى الإنسان حيال نفسه وسيضطرب ميزانه من ثم في الحكم لا على الشكل فقط، بل على المضمون.

ولكن الله أمرنا بأن نبحث عن الأفضل، ولم يقل لك اقبل بما وجدت نفسك عليه، والنفس من جهة أخرى تتوق إلى تحسين كل شيء يجعلها تشعر بعدم الارتياح.

حتى الأسماء لعبة نفسية وقع تحت تأثيرها الكثيرون، ممن لم يوافقوا على الاسم الذي منحه لهم آباؤهم وأمهاتهم، وسبق لأحد ”الأذكياء“ أن تقدم لخطبة فتاة، فقال له أبوها ”أنا لن أشترط عليك أي مقدّم أو مؤخّر، إنما لي عندك رجاء أن تغيّر اسمك، فإني أجد أنه من الصعب على نسبنا الرفيع أن يقترن باسم مثل اسمك“. وكان اسم العريس السعيد ”يوسف ناصر الحيوان“، فذهب العريس وعاد بعد فترة وقال لوالد العروس ”لقد فعلتُ ما طلبته مني وغيرت اسمي فصار سمير قاسم الحيوان“!

المشكلة ليست في الشكل ولا في الاسم ولا في جينات الجسد، هي في العقل وحده، ولا شيء غيره. فأي تكنولوجيا قادرة على إقناع العريس بأن الخلل كان في الاسم الأخير لا الأول ولا الثاني؟

20