إنعاش الاقتصاد المغربي وترسيخ الالتزامات الاجتماعية أولويات قانون المالية لسنة 2023

مشروع قانون المالية الجديد يأتي متماهيا مع قرار الحكومة المغربية بدعم الاستثمار لجعل المغرب قطبا قاريا ودوليا جاذبا للاستثمارات.
الثلاثاء 2022/08/23
الحفاظ على التوازن الاقتصادي الحالي أولوية الحكومة

الرباط - يستعد رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش لإجراء مشاورات موسعة حول قانون المالية لسنة 2023 الذي سيركز على تعزيز أسس الدولة الاجتماعية، وإنعاش الاقتصاد الوطني عبر دعم الاستثمار، في ظل الصعوبات التي تشهدها المالية العمومية، والتي يقول مراقبون إنها  تحتاج إلى إصلاحات جريئة وعاجلة.

وركز مشروع قانون المالية لسنة 2023 على أربع أولويات كبرى تتعلق بتعزيز أسس الدولة الاجتماعية، وإنعاش الاقتصاد الوطني عبر دعم الاستثمار، وتكريس العدالة المناطقية، واستعادة الهوامش المالية لضمان استدامة الإصلاحات.

ووجه رئيس الحكومة إلى مختلف المصالح الوزارية المذكرة التوجيهية لمشروع قانون المالية برسم سنة 2023، مجددا من خلالها التزام الحكومة بتعزيز أسس الدولة الاجتماعية.

ولا تقدم هذه المذكرة، التي تعلن عن التوجهات الرئيسية المطلوب من كل مصلحة وزارية اتباعها في إعداد ميزانية سنة 2023، تفاصيل على شكل أرقام حول الفرضيات المعتمدة من طرف الحكومة في إعداد ميزانية 2023، لكنها تبرز بوضوح التزام السلطة التنفيذية بمواصلة إجراء الإصلاحات اللازمة لتعزيز أسس الدولة الاجتماعية، وذلك بالرغم من السياق المتسم باضطرابات كبيرة على المستوى الدولي.

هناك رغبة للحفاظ على الوتيرة الحالية في وضع مالي صعب ووضع عالمي يتميز بركود لا مثيل له في السابق

وأبرزت مذكرة رئيس الحكومة، أن هذه السياسة مكنت من الحفاظ على استقرار الوضعية الوبائية، وتقديم الدعم لفائدة الأسر والشركات المتضررة مع إطلاق إصلاحات كبرى تتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية، وإنعاش الاقتصاد الوطني عبر إحداث صندوق “محمد السادس للاستثمار وإصلاح القطاع العام”.

وسجلت رئاسة الحكومة أن هذه الاجراءات انعكست بشكل إيجابي على الوضعية الماكرو – اقتصادية للمغرب، حيث حقق الاقتصاد معدل نمو يقدر بـ7.9 في المئة نهاية سنة 2021، وهو المسار الذي تواصل مع بداية سنة 2022، من خلال فتح الحدود الوطنية خلال شهر فبراير الماضي والذي مكن مجموعة من القطاعات الاقتصادية المهمة كالقطاع السياحي والنقل الجوي من استعادة نشاطها تدريجيا.

وأكد إدريس الفينة، المحلل الاقتصادي والأستاذ بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي، لـ”العرب”، أن “المذكرة تشير إلى أن هناك طموحا إلى متابعة الأوراش الكبرى للدولة وتوفير التمويلات المالية الضرورية لذلك من خلال تحسين استعمال الموارد المالية الهامشية”.

وتأثر المغرب بأزمة ارتفاع الأسعار على المستوى الدولي والتي تعمقت نتيجة اندلاع الأزمة الأوكرانية وهو ما شكل صدمة قوية للاقتصاد العالمي التي ألقت بظلالها على الاقتصادات المتقدمة والصاعدة على حد سواء.

ويأتي مشروع قانون المالية الجديد متماهيا مع قرار الحكومة المغربية بدعم الاستثمار لجعل المغرب قطبا قاريا ودوليا جاذبا للاستثمارات، من خلال مشروع القانون الإطار الذي أعدته الحكومة، حيث تم وضع أنظمة لدعم الاستثمار تتضمن نظام دعم أساسي وأنظمة دعم خاصة.

قرار حكومة أخنوش بالرفع من الميزانية المخصصة للاستثمار ساهم إلى حد كبير في خلق أزيد من 285.000 منصب شغل

وكشف، محسن الجزولي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالاستثمار أن طموح الميثاق الجديد للاستثمار يتجلى في الرفع من حصة الاستثمار الخاص الوطني والدولي، مما سيجعل القطاع الخاص يحظى بثلثي مجمل الاستثمارات الوطنية مقابل الثلث بالنسبة إلى القطاع العام، أي عكس التوزيع الحالي بين القطاعين.

وأكد الجزولي أن فلسفة ميثاق الاستثمار تهدف كذلك إلى الرفع من نسبة الاستثمارات العمومية، بالموازاة مع استثمارات القطاع الخاص الذي سيتم تشجيعه ومرافقته، وبالتالي الرفع من نسبة مجمل الاستثمارات التي تشكل حاليا 30 في المئة من الناتج الداخلي الخام، وذلك في أفق 2035.

وعلى مستوى الاستثمار العمومي، أكد إدريس الفينة أن هناك رغبة للحفاظ على الوثيرة الحالية في وضع مالي صعب ووضع عالمي يتميز بركود تضخمي لا مثيل له في السابق، ما يدفع إلى ضرورة ترشيد المصاريف المرتبطة بالتسيير دون الحد منها وهذا أمر إيجابي.

 وأوضح الفينة أن القانون المالي لسنة 2023 لن يكون تقشفيا بل هو داعم للديناميكية الاقتصادية التي بدأت خلال سنة 2021 وأعطت معدل نمو اقتصادي في حدود 7.9 في المئة. أما بخصوص معدل النمو الاقتصادي المرتقب سنة 2023 فقد قدرته وزارة المالية في مذكرة سابقة بحدود 5.4 في المئة.

وساهم قرار حكومة عزيز أخنوش بالرفع من الميزانية المخصصة للاستثمار، التي وصلت إلى 245 مليار درهم ( 23.7 مليار دولار) كرقم غير مسبوق، في تاريخ قوانين المالية بالمغرب، إلى حد كبير في خلق أزيد من 285.000 منصب شغل، وإحداث حركية مهمة في الاقتصاد الوطني.

وعلى هذا الأساس، وبالاستفادة من التحسن الكبير في الإيرادات الضريبية، فتحت الدولة اعتمادات إضافية بقيمة 16 مليار درهم (1.5 مليار دولار) في يونيو الماضي لفائدة نفقات التشغيل.

10