آفاق واعدة تنتظر صناعة الطيران في المغرب

سبريت آيروسيستمس الأميركية تطلق مشروعا ضخما بالقرب من المنطقة الحرة بالدار البيضاء.
السبت 2022/07/02
انظروا جيدا.. هذا المصنع يقع في طليعة التكنولوجيا العالية للقطاع

تعززت صناعة الطيران في المغرب بإطلاق مشروع جديد مؤخرا سيعطي زخما أكبر للقطاع، الذي يشهد نموا متسارعا بالنظر لما يعيشه من تحولات على مستوى الاستثمار ونوعيته، وكذلك منتجاته المدرجة ضمن خانة المهن الجديدة التي تتطلب موارد بشرية مؤهلة تأهيلا عاليا بالاعتماد على التكنولوجيا المتقدمة.

الدار البيضاء- أطلقت شركة سبريت آيروسيستمس الأميركية برنامجها الصناعي الجديد في قطاع الطيران المغربي، من خلال منشأتها التي استحوذت عليها من شركة بومبارديي الكندية، لإنتاج الجزأين الأمامي والخلفي لطائرات أيرباص أي 220.

وأكد المسؤولون بالشركة الأميركية خلال تدشين المنشأة الاثنين الماضي أنهم ملتزمون ببناء صناعة طيران قوية ومستدامة بالمغرب، بالنظر إلى مناخ الأعمال المستقر والمشجع على الاستثمار.

وتعليقا على ذلك، قال غيوم فوري، الرئيس التنفيذي لمجموعة أيرباص الأوروبية، “لا توجد طائرة في العالم لا تحمل جزءا صُنع بالمغرب”.

واعتبر مسؤولون مغاربة أن المشروع يبشر بالآفاق التنموية المستقبلية الواعدة لهذا المصنع، ويؤكد الديناميكية التي تعرفها قاعدة صناعة الطيران والثقة التي تحظى بها لدى المصنعين العالميين، اعتبارا لتنافسيتها وجودة الكفاءات المحلية.

ميكيل هواري: إنتاج أجزاء أيرباص أي 220 إضافة لبصمتنا بالمغرب

وقال وزير الصناعة والتجارة رياض مزور إن “هذا المصنع عرف نموا سريعا في أعماله، منذ أن أطلق العاهل المغربي الملك محمد السادس أشغال بنائه في سبتمبر 2013 بالقرب من المنطقة الحرة بالدار البيضاء (ميدبارك)”.

وأوضح أن منذ ذلك الحين وهذا المصنع، الذي يقع في طليعة التكنولوجيا، والمتخصص في تصنيع أجزاء الطيران وهياكله، يفرض نفسه كأحد رواد صناعة الطيران في البلاد.

وسيتم شحن مكونات جسم الطائرة التي سيتم تصنيعها في منشأة الشركة الأميركية بالمغرب، التي تبلغ مساحتها 25 ألف متر مربع، ثم سيتم تجميعها في مصنع سبريت آيروسيستمس في بلفاست عاصمة إيرلندا الشمالية.

وكانت سبريت آيروسيستمس قد استحوذت على كلا المنشأتين في 2020 ضمن استراتيجية تنويع كبرى تنتهجها، مضيفة محتوى أيرباص ومواصلة تطوير البصمة العالمية للشركة، بالإضافة إلى أنشطتها لخدمات ما بعد البيع.

وأشار ميكيل هواري، رئيس أيرباص لمنطقة أفريقيا والشرق الأوسط، إلى أن المغرب يصنع بالفعل أجزاء لكل الطائرات التجارية لعملاق صناعة الطائرات، بما في ذلك أي 220.

وقال إن “هذا الجزء من الطائرة آخر إضافة إلى سلسلة منتجاتنا، وبالتالي لبصمتنا الصناعية بالمغرب”.

ومن خلال البرنامج الجديد للشركة الأميركية، يعزز موقع المغرب ضمن عمليات معقدة عالية القيمة المضافة، بالإضافة إلى الإشعاع الدولي لمنظومة الطيران المحلية.

وأكد مزور أن الشراكة المتينة مع سبريت ستتواصل بالحماس نفسه، كما يحتمل انفتاحها على فرص أخرى “نرغب في تطويرها بشكل أكبر في المغرب”.

وحسب إحصائيات رسمية، شهد قطاع صناعة الطيران بالبلاد نموا بواقع 60 في المئة خلال الأشهر الخمسة الأولى من السنة الحالية، كما أن نتائج الأعمال تشير إلى أنها زادت عما كان عليه الحال في 2019.

وقال الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالاستثمار محسن الجزولي إن “الاستثمارات الكبيرة في قطاع الطيران لها قيمة مضافة عالية”.

وأشار إلى أن الأمر يتعلق باستثمارات كبيرة بهذا القطاع بمئات الملايين من الدولارات، وستنتج عنها فرص عمل كثيرة.

وخلال السنوات الأخيرة تمكن المغرب من تشييد منصة صناعية متنوعة للطيران عالية الجودة، وذات قدرة تنافسية، كما يشهد القطاع ازدهارا ملحوظا وديناميكية غنية، فقد تم فعلا تطوير مهن جديدة ذات قيمة مضافة عالية.

محسن الجزولي: الاستثمارات الكبيرة في القطاع لها قيمة مضافة عالية

وتغطي مجالات القطاع الأخرى تخصصات مختلفة، مثل تصنيع الأسلاك الكهربائية والميكانيك وتصنيع المعادن والتركيب والتجميع الميكانيكي وغيرها من المدخلات التي تشملها هذه الصناعة.

وتدفقت استثمارات مهمة في قطاع صناعة الطيران، وهو ما أكده تحديدا رئيس الحكومة عزيز أخنوش خلال زيارته أواخر الشهر الماضي لقطب صناعة الطيران بالنواصر، الذي يعد أول مركز لهذه الصناعة التي انطلقت بالمغرب منذ عقدين.

ولفت حينها إلى أن هناك شركات عالمية كبرى مستعدة لمواصلة هذا المسار الصناعي المهم، الذي يشرف الملك محمد السادس على الارتقاء به وتطويره.

وقامت المجموعة الرائدة سافران ناسيل موروكو المحلية بتوسعة موقعها الخاص بإنتاج حاضنات محركات الطائرات، على مستوى مصنعها بالنواصر، بمساحة تصل إلى ستة كيلومترات مربعة.

وتقوم سافران ناسيل موروكو بإنتاج حاضنات محركات الطائرات بالنواصر، التي تكتسي أهمية بالغة من حيث حجمها والتكنولوجيا الدقيقة التي تستعملها، وهذا يؤكد بالملموس الأهمية الكبيرة التي يكتسيها هذا القطاع، فضلا عن تميز منتوج هذه الوحدة الذي يكتسح العالم.

وأشاد رئيس الحكومة بالتقدم السريع والنوعي للأنشطة الصناعية بهذا القطب، الذي بات وجهة جذابة للمستثمرين.

كما ثمّن الزخم الذي تعرفه هذه الصناعة، وفق ما تعكسه نتائج القطاع، التي تفوق ما سجل في سنة 2019 قبل جائحة كوفيد – 19، وهو ما يبرز المكانة البارزة التي تحظى بها البلاد في مجال صناعة الطيران عالميا.

ويشغّل القطاع أكثر من عشرين ألف شخص، ويحقق معدل نمو سنوي بلغ 17 في المئة خلال الفترة الفاصلة بين 2017 و2020، فضلا عن بلوغ رقم معاملات يصل إلى 20 مليار درهم (قرابة ملياري
دولار).

واختارت أكبر الشركات العالمية مثل بوينغ وسافران وستيليا الاستثمار في السوق المحلية، حيث بات المغرب شريكا مهما لها ولغيرها، ليس فقط بسبب استقرار مناخ الأعمال، بل أيضا لأن القوى العاملة المغربية الماهرة تعتبر ميزة كبيرة في هذا القطاع المهم.

من خلال البرنامج الجديد للشركة الأميركية، يعزز موقع المغرب ضمن عمليات معقدة عالية القيمة المضافة

ويضطلع معهد التكوين في مهن الطيران “آي.أم.أي” بدور كبير في توفير شباب مؤهلين بشكل عال، قادرين على مواكبة التطورات التكنولوجية السريعة التي يشهدها هذا القطاع.

ويقول حميد الأندلسي، الرئيس الشرفي لتجمع الصناعات المغربية للطيران والفضاء، إن المغرب يعد فاعلا أساسيا في القطاع، بعدما انخرط في مرحلة أكثر دقة ونوعية لتطويره خلال السنوات المقبلة.

وسبق وأن أبرمت السلطات المغربية في سبتمبر 2016 اتفاقا مع بوينغ لتوطين صناعاتها المتطورة في السوق المحلية. ونص الاتفاق حينها على توطين 120 شركة متعاقدة مع بوينغ في المنطقة الصناعية في مدينة طنجة، مما وفر قرابة 8700 فرصة عمل إضافية.

11