خارطة طريق مغربية لترسيخ مكانة تصنيع السيارات

كثّف المغرب من جهوده لدعم صناعة السيارات من خلال خارطة طريق جديدة تمتد حتى 2025 لتعزيز الاستثمارات في القطاع، وفي الوقت نفسه توسيع فرص تطوير المجالات المرتبطة به، في مسعى جديد لتثبيت مكانته كأحد أهم المحركات في تنمية الصادرات وسوق العمل.
الرباط – كشفت كنزة العلوي المديرة العامة للصناعة بوزارة الصناعة والتجارة المغربية أن قطاع السيارات سيحظى بخارطة طريق جديدة قيد الإعداد حاليا ستغطي السنوات الثلاث المقبلة.
وستمنح الخطة مكان الصدارة للاستثمارات الجديدة المتعلقة بالقطاعات غير الموجودة بالبلاد، حيث سيتم دمجها في منظومات صناعية مرتبطة بقطاع السيارات.
وتدرس الوزارة إمكانية إنشاء قطاع يتعلق بتقنية إنتاج الزجاج المسطح للسيارات خاصة أن المغرب قادر على إنتاجه من خام السيليكا المتوفر بالفعل في السوق المحلية.
وتهدف هذه الخطوة إلى تطوير خبرات جديدة في هذا النشاط الذي يسعى للحصول على مرتبة المُصدّر الرئيسي للبلاد.

كنزة العلوي: نعدّ خطة تمتد لثلاث سنوات لجعل المغرب منافسا قويا
وقالت في مداخلة خلال لقاء نظمته بالدار البيضاء مجموعة لوماتان حول “السيادة الصناعية: كيف نقلص التبعية للواردات” إن “إجراءات الوزارة تهدف إلى مواكبة ودعم المنظومات الصناعية والاستفادة سريعا من حصيلة إنجازات المجالات المختلفة”.
وأوضحت أن المشروع “يندرج في إطار استراتيجية جديدة لتطوير التكامل الصناعي المتعمق الذي يُمكّن المغرب من أن يكون قادرا على المنافسة في هذا النشاط لأن تكاليف الإنتاج ستكون تقريبا كما هي في أوروبا”.
وأشارت العلوي إلى أن الوزارة تواكب كل منظومة صناعية وفقا لخصوصياتها، مؤكدة على أهمية النهوض بتكامل محلي على مستوى القطاع الصناعي.
وتترقب هذه الصناعة نموا كبيرا في السنوات المقبلة من خلال تنفيذ ثلاثة أهداف، وهي زيادة الاندماج المحلي إلى 80 في المئة، وتحقيق الحياد الكربوني، إضافة إلى تعزيز الاستثمارات المحلية بعد تحقيقها نهضة تؤهلها لإنتاج مليون سيارة.
وحددت الرباط خطة زمنية لتحقيق الأهداف بحلول 2025 رغم الصعوبات التي تواجه القطاع عالميا جراء نقص الرقائق الإلكترونية بسبب الوباء ثم الحرب في أوكرانيا وما نجم عنه من ارتباك في سلاسل الإمداد.
ويقول محمد البشيري نائب رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، أكبر تجمع للشركات بالبلاد، إن التفكير منصبّ حاليا للحصول على مصدر مصنع للسيارات من المواد الخام المحلية.
وأكد البشيري الذي يرأس لجنة الابتكار والتنمية الصناعية أن هذه المشاريع يجب أن تستفيد من المواكبة والدعم في بداياتها، قبل أن تخضع لقواعد المنافسة الحرة خلال مرحلة نضجها لتعزيز قدرتها التنافسية.
وكانت مجموعتا رينو الفرنسية ومناجم المغربية المملوكة للدولة قد أبرمتا مؤخرا اتفاقية لتوريد مادة الكوبالت التي تدخل في صناعة البطاريات.
وبموجب الشراكة ستضمن رينو إمدادات كبريتات الكوبالت بكميات مهمة، وهو ما يمثل طاقة سنوية لإنتاج البطاريات تصل إلى 15 غيغاواط ساعة.
ووفق بيان تلقت “العرب” نسخة منه، فإن الاتفاقية الموقعة تنص على “قيام مناجم بتوفير 5 آلاف طن من كبريتات الكوبالت سنويا لمدة سبع سنوات ابتداء من 2025”.
وأكد خبراء اقتصاد أن المغرب يقدم للشركات الأجنبية في القطاع تكلفة منخفضة، مقارنة بغيره من دول القارة، إضافة إلى العمالة الماهرة والبنية التحتية القوية والحديثة.
وربط محمد فكرات الخبير في المجال الصناعي تحقيق طموح الحكومة بدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة.

محمد البشيري: التفكير منصبّ على توريد المواد الخام المحلية للشركات
وقال إن “هذه المسؤولية تقع على عاتق القطاعين الخاص والعام من خلال الطلبيات العمومية خدمة لسيادة صناعية تحقق الإنتاج المشترك بذكاء لخدمة الأسواق الوطنية والدولية”.
ورغم وباء كورونا، ومن بعده الحرب الروسية – الأوكرانية، فإن المغرب أنتج أكثر من 700 ألف سيارة في 2020، ووفرت الصناعة أكثر من 180 ألف وظيفة.
وحققت الدولة في ذلك العام عوائد بقيمة 72 مليار درهم (7.2 مليار دولار)، واستقبلت 74 دولة سيارات صنعت في المغرب في العام ذاته.
وفي 2021 صنفت المنظمة الدولية لصناعة السيارات المغرب في المرتبة 19 بين الدول المنتجة للمركبات في العالم، والمرتبة الثانية على مستوى أفريقيا.
وكان وزير الصناعة رياض مزور قد قال الأسبوع الماضي خلال جلسة عامة في البرلمان إن “وضع المغرب في الخارطة العالمية لهذه الصناعة جيد”.
وأشار إلى أنه بفضل مخططي التسريع والإنعاش الصناعيين بات بلده حاضرا في خطط كبرى الشركات الصناعية العالمية.
وعملت مجموعة من الشركات على تطوير إنتاجها بالمغرب مثل كلاينز أن.بي موروكو التي دشنت توسعة لوحدتها الصناعية الكائنة بالمحمدية قرب الدار البيضاء والمتخصصة في إنتاج الأجزاء المعدنية الدقيقة لقطاعي السيارات والكهرباء والإلكترونيات.
وهذا المشروع يرتقب أن يمكن من تحقيق رقم معاملات إضافي تبلغ قيمته 12 مليون دولار، وإحداث مئة فرصة عمل، ليرفع بذلك طاقم المصنع إلى 550 موظفا.
كما دخلت مجموعة ستيلانتس في شراكة مع المغرب لتشييد منشأة جديدة للمركز التقني لصناعة معدات السيارات لأول مرة بالبلاد للقيام بتجارب فيزيائية ترتبط بأنشطة تطوير السيارات والتحقق من شروط السلامة والتي كانت تجرى سابقا في الخارج.
ويتعلق الأمر أساسا بالتجارب الكهربائية والإلكترونية والميكاترونيك والصوتية والاهتزازية، علاوة على تحاليل تجميع السيارات.
ويبدي المغرب اهتماما كبيرا بالمركبات النظيفة، فبعدما أطلقت بي.واي.دي الصينية مشروع تصنيع سيارات كهربائية بمدينة طنجة – تك في 2017 وهو الأول من نوعه بأفريقيا، بدأت تسلا الأميركية في تطوير البنية التحتية لمحطات الشحن في طنجة والدار البيضاء.