بدائل اقتصادية للمغاربة لإنهاء التهريب بين سبتة ومليلة

حزمة من المشاريع الواعدة لاستيعاب السوق الموازية في الأقاليم الشمالية المحاذية لإسبانيا.
الاثنين 2022/05/23
مطلوب عمال فورا فلا تتأخروا..

فتحت السلطات المغربية آفاقا لسكان المناطق المحاذية للحدود مع إسبانيا لضمهم إلى الاقتصاد الرسمي بتوفير وظائف لهم وفق أسس مدروسة أملا في إغلاق صنبور التهريب عبر سبتة ومليلة وفي الوقت ذاته تنشيط الحركة التجارية بما يعود بالنفع على تحفيز النمو.

الرباط- أطلق المغرب مبادرات اقتصادية بالمدن الشمالية وباقي الأقاليم الشرقية، للقطع مع تهريب البضائع واندماج المواطنين في دواليب التجارة القانونية بالعمل في مهن تضمن لهم مداخيل مستقرة.

وجاء هذا المنحى بعد قرار المغرب وإسبانيا بإعادة فتح معبري سبتة ومليلية، إثر اتفاق تم بينهما مؤخرا حيث لن يتم السماح بإحياء نشاط تهريب السلع والبضائع من هناك.

وستقدم الحكومة حزمة من المشاريع البديلة لتوفير فرص اقتصادية واستثمارية مهمة ومتنوعة لفائدة جهتي الشرق وطنجة وتطوان والحسيمة.

رشيد ساري: المغرب مُصر على القطع مع التهريب بتلك المعابر

وتريد السلطات القطع نهائيا مع أنشطة غير رسمية دأب عليها متساكنون هناك طيلة عقود من الزمن، حيث كانت المنطقة متمركزة على اقتصاد غير مهيكل مرتبط في غالبيته بشكل مباشر بأنشطة المعابر وقوامه تهريب السلع والبضائع.

ويمتص اقتصاد السوق الموازية بطالة العديد من الشباب، وهو يساعد على الاستقرار الأسري، لكنه في المقابل يشكل تحديا للرباط جعلها منذ فترة تخطط لاستيعابهم في إطار مشاريع صغيرة لها الصفة القانونية داخل النسيج الاقتصادي لتقوية قدراتهم المالية والتقنية.

ويعد مشروع تهيئة المنطقة الاقتصادية بمدينة الفنيدق شمال المغرب بتكلفة إجمالية بلغت 200 مليون درهم (20 مليون دولار) بديلا اقتصاديا لتجارة التهريب المعيشي بباب سبتة.

كما أنه سيسهم في إدماج المهنيين خاصة أن المنطقة قادرة على توفير ألف فرصة عمل مباشرة وألفي فرصة غير مباشرة ويساعد في تنمية وإنعاش وتسويق وتسيير المساحات المتواجدة إضافة إلى تطوير وتهيئة المشاريع العقارية.

وعمّ التفاؤل بين المهنيين بخصوص الجهود التي قامت بها السلطات، من أجل تذليل كافة المعيقات التي تعترض المستثمرين والتجار بالمنطقة التي تضم حاليا 60 مستثمرا ينشطون في قطاعات متنوعة.

وشرعت المنطقة الاقتصادية في جزئها الأول البالغ مساحته 10 هكتارات وتضم 76 مستودعا في مباشرة العمل واستقبال المستثمرين لتوفير بدائل تشغيل لفائدة فئات عديدة كانت تشتغل ضمن أنشطة التهريب المعيشي بالمعبر الحدودي سبتة.

وأكد مستثمرون بالمنطقة أن هذا الحيز المكاني يحتضن أنشطة تجارية متعددة، من بينها الملابس والمواد الغذائية والعجلات ومواد التجميل وقطع الغيار والعقاقير والأجهزة الإلكترونية، القادمة من ميناء طنجة-المتوسط، وتمر في وقت وجيز عبر الجمارك في عملية لا تتجاوز الساعتين.

واعتبر الخبير الاقتصادي رشيد ساري أن المغرب كان واضحا في قراره بعودة فتح المعابر لكن بشروط، وهو القطع مع التهريب الذي كان يشغل أكثر من مليون شخص بينهم 300 ألف امرأة منهن “ما يصطلح عليه للأسف نساء حمالات أو بغلات أي يقمن بدور الدواب وهذا الوضع مهين جدا”.

وقال في تصريح لـ”العرب” إن “حجم التهريب سنويا يبلغ 2.7 مليار دولار ويكبد خزينة الدولة أكثر من 850 مليون دولار”. وتشير إحصائيات رسمية صادرة عن مؤسسة مالية دولية إلى أن حجم الاقتصادي الموازي في المغرب يصل إلى 34 في المئة.

حوافز للمنطقة الاقتصادية بالفنيدق خاصة للشركات الصغيرة والمتوسطة لتوفير أكبر فرص وظيفية

وتوفر السوق الموازية بالبلاد عموما حوالي 2.4 مليون فرصة عمل، تشكل 37 في المئة من العاملين، باستثناء قطاع الزراعة. وإلى جانب ذلك ثمة 233 ألف تاجر يمارسون تجارة الظل التي توفر 420 ألف فرصة عمل، بأجور سنوية تبلغ حوالي 1.5 مليار دولار.

وأوضح الساري أن إدارة الجمارك استطاعت في فترة الإغلاق رفع عائداتها إلى 450 مليون دولار وهو دليل على أن قرارات المغرب لا رجعة فيها.

وحذرت الجمارك المغربية في بيان أنها لن تسمح للقادمين انطلاقا من سبتة باتجاه المغرب “بإدخال مختلف أنواع البضائع لا منتجات غذائية ولا من أي نوع آخر سواء بكميات كبيرة أو صغيرة”.

ومن المتوقع أن تقدم السلطات مجموعة من الحوافز للمنطقة الاقتصادية بالفنيدق ولا سيما للشركات الصغيرة والمتوسطة من أجل استيعاب أكبر عدد ممكن من اليد العاملة.

وتشكل المنطقة مكونا أساسيا في هذه الجهود الرامية إلى تحويلها إلى مركز تجاري مرجعي، من خلال تأطير وتنظيم أنشطة التصدير والاستيراد عبر ميناء طنجة-المتوسط، وإحداث مركز للتوزيع يكون في خدمة التجار والمستثمرين.

وتخطط الرباط لإنشاء 3 وحدات صناعية متخصصة في تدوير النسيج تواصل أنشطتها وتضاعف فرص العمل لإدماج 1362 شخصا أغلبهم من النساء المشتغلات سابقا في التهريب المعيشي.

كما سيتم إطلاق برنامجين لتشجيع ومواكبة التشغيل الذاتي من خلال برنامج المبادرات الاقتصادية المندمجة.

3

وحدات صناعية متخصصة في تدوير النسيج تخطط الرباط لإنشائها

ويصب هذا الاهتمام في خانة الإصلاحات المستمرة ضمن المشاريع الكبرى المهيكلة التي تستفيد منها الجهة، وخير مثال على ذلك ميناء طنجة المتوسط، إذ حقق هذا المركب المينائي نموا هائلا في فترة وجيزة لتحويل وجهة العاملين بالتجارة الموازية إلى السوق الرسمية.

وتستعد شركة سويدية متخصصة في التجهيزات المنزلية وشركة هولندية متخصصة في الصناعات الغذائية في التوظيف، للعمل بالمنطقة الاقتصادية، مع إيلاء اهتمام خاص باليد العاملة والكوادر المنحدرة من المنطقة.

ووضعت الرباط آليات لتحفيز الاستثمار ودعم الشركات المحلية والدولية، للمساهمة في إحداث فرص التشغيل الذاتي، وتطوير أنشطة اقتصادية تضمن تأطير الاقتصاد الموازي وخلق سوق عمل جديد يتماشى وحاجات السكان المحليين كبديل للأنشطة السابقة ذات الصلة بالتهريب.

ويقول ساري إن المغرب قام بمجهودات كبيرة في توفير وظائف إبان الإغلاق وأكثر من هذا شيد منطقة اقتصادية هدفها إحداث توازن اجتماعي واقتصادي، حيث أن العلاقات المغربية-الإسبانية يجب أن تنبني على مبدأ رابح-رابح وليس انعدام التكافؤ.

ويتوقع أن يساهم ميناء الناظور غرب المتوسط وهو قيد الإنشاء حاليا على خليج بطويا في دفع التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة الشرقية، من خلال تحسين القدرة التنافسية للمنطقة، وتعزيز جاذبية الاستثمارات وخلق الثروة وتوفير فرص العمل.

11