علي العزي مبدع عراقي دفعته السيناستيجيا إلى عالم الموسيقى والرسم والأدب

علي العزي مبدع عراقي متداخل حواس (سيناستيت) يمازج بين العديد من الاهتمامات والمواهب المتنوعة من الفن إلى الكتابة، متميزا بجرأته التي انعكست على أعماله التشكيلية والموسيقية وكتاباته، إذ يرى أن الإبداع سيكون مشوها إذا وقف عند حدود نوع معين، ووُصِف عمله الروائي الأول بـ”رواية الوطن الجريح”، وقالوا عن حالته الخاصة مع الموسيقى إنها “انعكاس لعمق كبير ممّا يتمتع به من موهبة عظيمة”. في هذا الحوار الشامل معه تتوقف “العرب” عند تجاربه الإبداعية المتنوعة التي تبدو غريبة للوهلة الأولى على غير المتخصصين أو العارفين.
يعتبر الفنان والكاتب علي العزي أول حاملي صفة متداخل حواس (سيناستيت) في العالم العربي، وإضافة إلى معارضه الشخصية لديه مساهمات ومشاركات متنوعة في معارض تشكيل وكتب ومهرجانات ومؤتمرات محلية وعربية وعالمية وحاز على جوائز ومراكز متقدمة هنا وهناك في أكثر من منظمة محلية وعربية وعالمية.
ومع تطور التجربة ارتأت شركة مشاريع إبداعية للحلول البرمجية والتسويقية والإدارية أن تقدم إلى السيناستيت والفنان والكاتب العزي موقعا إلكترونيا تعريفيا به نظير جهوده المستمرة والمتواصلة لنشر الوعي المحلي والعربي حول هبة تداخل الحواس (السيناستيجيا)، واعتمدت الشركة عبارة “الفنان والظاهرة علي العزي” كمفتاح بحث باللغة العربية عند البحث عن الموقع عربيا، حيث أن مفاتيح البحث عن الفنان في محركات البحث ضمن الشبكة العنكبوتية قد وصلت إلى خمس لغات وهي: العربية، الإنجليزية، الألمانية، الإيطالية والروسية.
هبة نادرة

الفنان مكنته هبة تداخل الحواس من خوض مجال التأليف الموسيقي كما يستوحي منها بعض المجاميع التشكيلية
لم يدرس العزي الموسيقى كتخصص أكاديمي، ونقلا عنه فهو لا يستطيع أن يكتب أو يقرأ النوتات الموسيقية، لكنه تمكن من تأليف وعزف مؤلفاته الموسيقية والتي استطاعت أن تنافس موسيقيين محترفين في مسابقة موسيقية على صعيد الوطن العربي، ويقول “ذلك بحكم ما أتمتع به من هبة تداخل الحواس (السيناستيجيا) أستطيع تأليف وعزف القطع الموسيقية الخاصة بي”.
ويضيف “ولدت بظاهرة يتمتع بها تقريبا فقط 4 في المئة من سكان العالم أجمع، ألا وهي ظاهرة تداخل الحواس (السيناستيجيا) وتعريف هذه الظاهرة بشكل مقتضب هي ظاهرة عصبية يؤدي فيها تحفيز مسار حسي أو معرفي إلى تجارب تلقائية لاإرادية في مسار حسي أو معرفي ثان. للسيناستيجيا أنواع عدة وفي حالتي أنا أتمتع بثلاثة أنواع وهي: رؤية ألوان مصاحبة لكل ما هو مسموع، رؤية ألوان مصاحبة لكل ما هو مكتوب مثلا الأرقام والأحرف، ورؤية ألوان مصاحبة للأيام والأشهر ككينونة وليس كاسم”.
ويتابع العزي “عندما أود تأليف قطعة موسيقية بداية أعزف جملة موسيقية وعلى ضوء اللون المصاحب لهذه الجملة أتمكن من تأليف هذه القطعة، مثلا إذا عزفت جملة باللون الأزرق أكمل بقية القطعة ضمن الإطار ذاته. في عام 2013 تمكنت من المشاركة في مسابقة ‘سمعنا‘ التي نظمها فرع مؤسسة المورد الثقافي في القاهرة وتمكنت من منافسة موسيقيين محترفين في دار الأوبرا المصرية وفرق تونسية محترفة والعديد من الملحنين على صعيد الوطن العربي، وحازت، وقتها، مؤلفاتي الموسيقية المشاركة في هذه المسابقة على أصداء طيبة في لبنان وبعض دول الخليج العربي”.
بيكاسو، سلفادور دالي، مونييه شاغال، خوان ميرو فينسنت، فان كوخ وفاسيللي كاندينسكي هؤلاء الفنانون يمثلون أبرز الفنانين التشكيليين في مختلف العصور، نسأل العزي كيف تم إدراج اسمه إلى جانب هؤلاء الفنانين الكبار، ليجيبنا “في إحدى جلسات مزاده في الحادي عشر من فبراير عام 2015 عرض مزاد كودنر الذي يعد واحدا من أعرق المزادات في الولايات المتحدة وتأسس في عام 1906، أحد أعمالي التشكيلية إلى جانب أعمال تشكيلية لبيكاسو ودالي وشاغال ومونييه وميرو، وتم بيع العمل في هذه الجلسة، وعلى إثر ذلك تم إدراج اسمي وتوقيعي في موقع ‘فايند آرت إنفو‘ والذي يعنى بتوثيق أبرز الفنانين التشكيليين في العالم على مر العصور، ليتم جمعي مرة أخرى مع بيكاسو ودالي وشاغال ومونييه وخوان ميرو”.
حتى هذه اللحظة في الوطن العربي أي شخص متداخل حواس عندما يفصح عن هذه الظاهرة يتم قمعه
ويضيف “في مطلع هذا العام أعد موقع ‘سيناستيجيا تري‘ الإلكتروني الذي تتم إدارته من قبل جامعة قرطبة الإسبانية، قائمة بأبرز الفنانين ممن يتمتعون بهبة تداخل الحواس (السيناستيجيا) كذلك على مر العصور، وتم إدراجي بهذه القائمة إلى جانب فان كوخ وفاسيللي كاندينيسكي وكوكبة من فنانين تشكيليين من أميركا الشمالية والصين وأستراليا ونيوزلندا وأوروبا”.
أحد أعمال العزي الفوتوغرافية التي نفذها في مصر، وتحديدا عن الأهرامات، تم نشرها في الموقع الإلكتروني الرسمي لمؤسسة ناشيونال جيوغرافيك، وتم اختيارها لتكون من أكثر الصور التي تأسر السائح عند زيارته لمصر، يحدثنا عن ذلك قائلا “تم ذلك عندما ارتأت كاتبة الأسفار البريطانية كارين غاردنر أن تختار أحد أعمالي الفوتوغرافية التي نفذتها في مصر وتحديدا لأهرامات الجيزة، على أن تكون الصورة التي من الممكن أن تأسر السائح أثناء زيارته لمصر في مقالة أعدتها لهذا الغرض، وتم نشرها في الموقع الإلكتروني الرسمي لمؤسسة ناشيونال جيوغرافيك”.
نسأله إن كانت هبة تداخل الحواس (السيناستيجيا) المعين الرئيسي لمجالاته الإبداعية في الفن التشكيلي والفوتوغرافي والتأليف الموسيقي، وحتى على صعيد الكتابة وتصميم الأزياء الخاصة به، فيقول “هبة تداخل الحواس (السيناستيجيا) هي حالة نولد بها أي هي ليست مكتسبة، وتستطيع أن تقول إنها تعد الآن من أبرز مميزات الهوية الشخصية والفنية لي، اعتمدت على هذه الهبة بشكل مطلق فقط في ما يخص مجال تأليف قطعي الموسيقية وعزفها، وأستوحي منها من وقت لآخر بعض المجاميع التشكيلية على سبيل المثال مجموعة اليوم الثامن ومجموعة 12”.
إبداع متعدد
بحكم كونه يمثل العراق والوطن العربي في ما يخص هبة تداخل الحواس (السيناستيجيا)، ويمثل إحدى أهم المنظمات العالمية ضمن هذا الإطار في العراق وفي الشرق الأوسط، نسأله إن كان يجد أن اختلاف دوره مرة بتمثيل العراق والوطن العربي في العالم الغربي وتمثيل العالم الغربي في العراق والوطن العربي يتطلب منه أدوات ولغة خطاب مختلفة؟ فيقول العزي “هذا الأمر شكل لي في بادئ الأمر تحديا صعبا وكبيرا إلا أن الوقت كان كفيلا بأن يجعلني أتمكن من تأدية هذه المهمة على أتم وجه، والدليل اختياري الدائم من قبل أبرز الجامعات الغربية لتمثيل العراق والوطن العربي في جميع المحافل العلمية والفنية التي تتعلق بهبة تداخل الحواس (السيناستيجيا)”.
ويتابع “أما محليا وعربيا حاليا أعمل على تهيئة قاعدة صلبة للانطلاق بخطوات ثابتة وغير متعثرة في ما يخص نشر الوعي المجتمعي بخصوص هذه الظاهرة الجميلة والتي تم رصدها قبل أكثر من 200 عام، مع عظيم الأسف أن المجتمع العراقي والمجتمع العربي تداول أمورا مغلوطة عن هذه الظاهرة خلال الثمانية أو العشرة أعوام الماضية، ولم تنصف حقيقة هذه الظاهرة سوى الباحثة في مجال التاريخ الشيخة حصة بنت حمود آل خليفة في محاضرة ألقتها في متحف البحرين الوطني بتاريخ السابع من فبراير من عام 2016 فقط ولم يتم تداول هذا الموضوع عربيا أو محليا حتى هذه اللحظة”.
وحول فكرة إقامة حدث أو محاضرة في العراق لشرح ظاهرة تداخل الحواس (السيناستيجيا) بشكل دقيق ومحترف، يذكر العزي أنه كان من المفترض أن يقام في بغداد في الثاني والعشرين من مارس حدث كان يمكن أن يعد الحدث الأول من نوعه على الإطلاق في جميع الدول العربية، ألا وهو العين الثالثة وبرعاية منظمة (رحلة من خلال الحواس الدولية)، وكان من المفترض أن يتم التطرق من خلال هذا الحدث إلى الجوانب الإبداعية لظاهرة تداخل الحواس (السيناستيجيا)، وكيف لهذه الظاهرة أن تمهد الطريق لظهور جيل جديد من المبدعين، إلا أن الجهة التي تم استئجار إحدى قاعاتها لهذا الغرض قررت قبل أيام معدودات من انطلاق الحدث أن تلغيه بقرار لا رجعة فيه ولا تريث. وحتى هذه اللحظة لا يعلم سبب هذا الإلغاء.

السيناستيجيا هي ظاهرة عصبية يؤدي فيها تحفيز مسار حسي أو معرفي إلى تجارب تلقائية لاإرادية في مسار حسي أو معرفي ثان
حول هذه التظاهرة الملغاة وكيف كانت ستكون انعكاساتها على المجتمع وكيف سيغير الفكرة العربية السلبية السائدة عن هذه الظاهرة، يقول العزي “مع كل الأسف حتى هذه اللحظة، في الوطن العربي والعراق، أي شخص متداخل حواس (سيناستيت) عندما يفصح عما يتمتع به من هذه الظاهرة الجميلة والفريدة يتم قمعه ونهره والتنمر عليه بحجة أنه مجنون أو يعاني من الهلوسة”.
ويضيف “هذا الأمر لمسته لمس اليد عندما كنت أتلقى رسائل من أشخاص من العراق والوطن العربي بعدما كانوا يشاهدون إطلالاتي التلفزيونية وأنا أتحدث عن هذا الموضوع بطريقة علمية سلسة، وكان من المفترض أن يمهد هذا الحدث الطريق نحو جيل جديد من المبدعين في مختلف المجالات وذلك بتعريف واطلاع الآباء والأمهات على ضرورة عدم التعدي اللفظي والجسدي على الطفل عندما يفصح عما يتمتع به من (السيناستيجيا) ظنا منهم أنه ضرب من ضروب الجنون، المتداخل الحواس (السيناستيت) تشريحيا يكون دماغه مختلفا وهذا الاختلاف يساعده على أن يتمتع بذاكرة ممتازة وبذهن حاد وإمكانية نجاحه في أي مجال يود العمل والإبداع فيه”.
وحول نشاطاته الفنية المتعددة يقول “في مجال التشكيل تم تأكيد مشاركتي في بينالي فينيسيا الدولي في دورته التاسعة والخمسين، بلوحة ‘الطوفان‘، وكذلك تأكيد مشاركتي بلوحة ‘يوم القيامة‘ في محفل ‘سويس آرت إكسبو العالمي‘ الذي يقام بشكل دوري في مدينة زيورخ السويسرية، أما في مجال الموسيقى فقد انتهيت من تسجيل أكثر من عشر مؤلفات موسيقية وأنوي طرحها في مطلع يوليو المقبل من خلال قناتي ضمن موقع اليوتيوب، وعلى صعيد الكتابة انتهيت من تأليف عملين روائيين وكذلك انتهيت من ترجمة كلا العملين إلى اللغة الإنجليزية”.
الفنان العراقي علي العزي
علي العزي مبدع متداخل حواس (سيناستيت) فنان متعدد الوسائط وكاتب، ولد في بغداد في الثالث عشر من فبراير عام 1985، حصل على درجة البكالوريوس في علوم الحاسبات من كلية التراث الجامعة في بغداد عام 2008، بدأ مع الكتابة والفن منذ عام 2001، شارك في العديد من المحافل الفنية محليا حتى عام 2011، ومنذ أكثر من 11 عاما كانت له مشاركات تشكيلية وفوتوغرافية وموسيقية عربيا وعالميا، وكذلك يعد الحالة الأولى والوحيدة المسجلة رسميا كمتداخل حواس (سيناستيت) من الدول العربية حتى هذه اللحظة، ممثل العراق والدول العربية كمتداخل حواس (سيناستيت) وعضو في الرابطة العالمية لمتداخلي الحواس والفنانين والعلماء، وممثل لمنظمة رحلة من خلال الحواس الدولية في العراق وفي الشرق الأوسط.