دراما رمضان في ليبيا: تعدد في الإنتاجات وتنوع في المضامين

ستكون للجمهور الليبي في رمضان مواعيد مع عدد من الأعمال الدرامية المحلية ذات الأبعاد الاجتماعية والتاريخية والكوميدية التي تتميز بالثراء والتنوع وبالانفتاح على التجارب العربية، وببوادر العمل على تأسيس صناعة ليبية في هذا المجال، لاسيما أن لهجة الخطاب الدرامي الليبي مرشحة للفت الانتباه وخطف أنظار المهتمين سواء في دول المشرق أو المغرب العربيين.
في الوقت الذي انتهى فيه نجوم الكوميديا من تصوير المسلسلات الكوميدية التي ستعرض خلال الإفطار، ستتنافس القنوات الليبية على تحقيق أعلى نسب المشاهدة وذلك بعرض عدد من الأعمال الدرامية الجديدة ومنها مسلسل “السيرة العامرية” الذي يعتبر من أضخم الإنتاجات لهذا الموسم وسيعرض على قناة 2018 وهو من تأليف وإخراج نزار الحراري، والمسلسل دراما تاريخية يتوقف عند حقبات زمنية مختلفة وصولا إلى حي الأكواخ، بما يعني أنه يحاول الخوض في مسارات تاريخية وسياسية واجتماعية من خلال عوائل وشخصيات تصنع الأحداث المتلاحقة التي ينتظر أن يكون لها جزء ثان في رمضان 2023 وهو من إنتاج الهيئة العامة للخيالة والمسرح والفنون.
ويعود الممثل الليبي القدير يوسف الغرياني المعروف باسم “قزقيزة” إلى شاشة التلفزيون عبر مسلسل “صدر الحكم” وهو عمل من نوع الفنتازيا يتكون من حلقات منفصلة ناطقة بالعربية الفصحى، ويأتي ضمن التعاون الفني بين ليبيا وسوريا، في نص للكاتبة السورية بشرى عباس وإخراج الفنان الليبي الشاب علي الجالي وتتولى تنفيذ الإنتاج شركة بارانويا للإنتاج والتوزيع الفني.
☚ "السرايا" هو العمل الأضخم من حيث الإنتاج ويروي واحدة من أكثر القصص دموية في الصراع على السلطة
ويجسد الغرياني الذي يعود للظهور بعد 11 عاما من الغياب بسبب مواقفه السياسية السابقة شخصية رئيس دائرة القضاء ويختار رئيس قسم الشرطة التابع له مباشرة شرطيا غبيا يقوم بأداء الشخصية الفنان سفيان قرفال من خلال شخصية الحاجب، وفي كل حلقة تكون هناك لوحات جديدة تقدمها للمشاهد بقالب كوميدي مؤثر شيّق يتطرق إلى مختلف القضايا الاجتماعية ويشارك في تجسيدها فنانون ليبيون مع نخبة من النجوم السوريين وتم تصوير أحداث المسلسل بحواري دمشق العتيقة.
وقد يكون “السرايا” هو العمل الدرامي التاريخي الأضخم من حيث الإنتاج والذي سيعرض في رمضان على شاشة قناة “سلام” حيث يروي واحدة من أكثر القصص دموية في تاريخ الصراع على السلطة بطرابلس وهي تلك المتعلقة بالصراع الكبير الذي حدث بين عامي 1783 و1795 بين أبناء علي باشا القره مانلي على حكم إيالة طرابلس الغرب.
والمسلسل من إنتاج وليد اللافي وتأليف سراج الهويدي وإخراج أسامة رزق، وبطولة نخبة من كبار الفنانين الليبيين من بينهم حسن قرفال وفتحي كحلول وأنور التير وعلي الشول ونخبة من الوجوه الشابة وبعض الممثلين التونسيين.
وتدور أحداث المسلسل في إطار تاريخي بين العامين 1783 و1795، حيث كان حسن بك ابن علي باشا معروفا بحسن معاملته للرعية، وبشجاعته وبسالته في الذود عن بلاده، وبصيرته وحسن تدبيره لشؤون الناس، من جهة، وباعتباره وليا للعهد ووريث العرش من جهة ثانية، وهو ما منحه محبة أهل طرابلس وولاءهم لسياسته وتقديرهم لحكمته، بينما أثار عليه حقد وكراهية شقيقيه أحمد ويوسف، ولاسيما بعد إصابة الوالي علي باشا بمرض السل في ديسمبر 1787 لتدخل معركة الخلافة طورا خطيرا في ظل الحديث عن إمكانية تنازل الوالي عن العرش لولي العهد، وهو مقترح تم طرحه لكن الأخوين أحمد ويوسف رفضاه بشدة.
وسيكون الجمهور الليبي كذلك على موعد مع الجزء الرابع من المسلسل الكوميدي الجماهيري “شط الحرية” الذي انطلق أساسا من فكرة التوقف عند المشاكل بين الريف والحضر في إطار ضاحك يعود لحقبة الستينات والسبعينات من القرن الماضي حيث يتطرق المسلسل إلى خلاف محتدم بين عائلتين إحداهما متحضرة وتقيم في أكواخ خشبية ولديها قوة اجتماعية تحميها والأخرى تعيش في الخيام ويتضمن العمل إسقاطات سياسية واجتماعية.
ورغم أن إنتاجه بدأ بإمكانيات جد ضعيفة وتكاليف بسيطة، إلا أن النجاح الواسع للمسلسل جعل صفقة بيع جزئه الرابع لتنفرد قناة 2018 ببثه، ويعد الأعلى سعرا في تاريخ الدراما الليبية بقيمة بلغت ثلاثة ملايين دينار (حوالي 650 ألف دولار أميركي).
و”شط الحرية” من تأليف فتحي القابسي وإخراج علي العروشي ومن إنتاج اتحاد وفناني أجدابيا، وشارك في بطولته عدد من الفنانين الذين شكلوا ظاهرة فريدة من نوعها، حيث جاؤوا من الخفاء إلى الأضواء بسرعة قياسية، ومن بينهم سليمان اللويطي وخالد ابريك نجم فرج وأحميدة حميد وعبدالهادي بوخريم وعادل بوشهبة وإبراهيم منصور وجمال الرقعي وعبدالباسط الفالح وغيرهم.
وفي فبراير الماضي، وأثناء التصوير، توفي أحد نجوم المسلسل وهو الممثل صالح الرقعي بعد معاناة من المرض، وقد كان يقوم في الأجزاء السابقة بدور الأستاذ رفعت المدرس المصري بالمدرسة الوحيدة في منطقة “مقلب الشراب” النائية حيث تدور الأحداث.
ومن بين الأعمال التي ستعرض خلال شهر الصيام مسلسل “العهد مهيار” الذي تم تصويره بالكامل في مدينة طبرق، وينقسم إلـى جـزئـين يتكون كل منهما مـن 15 حـلـقـة، وتتـمحور أحـداثـه حـول ستّ عـائـلات تـجري بيـنها الكثير مـن الأمور والأحداث في سياقات درامية متعددة ومتوازية برؤية اجتماعية تراجيدية لعدد من العهود التي حدثت أو التي لم تحدث، ويراهن فريق الإنتاج على أن يمثّل هذا العمل إضافة مهمة للمشهد الدرامي في ليبيا ولاسيما أنه فسح المجال لأول مرة لإعادة جسور التواصل بين فناني المنطقتين الشرقية والغربية.
و”العهد مهيار” من تأليف الكاتب السوري عبدالعزيز قاسم وإخراج المخرج الليبي علاء بوفضيل، ويتولى مهمة مدير التصوير عبدالعزيز هاشم، ويشارك في البطولة عدد من نجوم الدراما الليبية من بينهم لطفية إبراهيم وعـبدالرزاق أبوروينـة وياسميـن الورفلي وحليمة الـدرسي وفـاطمـة الورفلي وعـائـشـة الـبدري وغيرهم، ومـن سوريا عبدالرحمان سلام وصياد حجازي وزيـنب الـحمدان ونـور الحمو ونخبة بارزة مـن النـجوم.
التنافس سيحتد بين مسلسلي "السيرة العامرية" و"السرايا" باعتبارهما يبحثان في التاريخ السياسي والاجتماعي
في الأثناء، يأتي مسلسل “الكتيبة” في 15 حلقة وهو أول التجارب التلفزيونية للمؤلف والمخرج معاذ الأصفر الذي يسعى من داخل إطار سياسي لملاحقة الأحداث وتتبع مجرياتها اليومية عبر أسلوب كوميدي ساخر، مع فنانين أغلبهم يخوضون تجربتهم الأولى أمام الكاميرا ما عدا الفنان فرج الجعيدي.
ومن الممثلين المشاركين في العمل بلقاسم ارميلة وحمد خنفور وأيمن راضي وميلاد جمعة ويونس عوض وغيرهم من المواهب الشابة أو من ممثلي المسرح في المنطقة الشرقية ممن وقع عليهم اختيار معاذ الأصفر الذي كان قد برز كمؤلف من خلال أعمال “هدرازي 8″ و”مارد البراد” وكمخرج من خلال بعض الأعمال المسرحية.
وفي إطار المسلسلات الكوميدية تعود الممثلة القديرة مهيبة نجيب بسلسلة “شن الحكاية” إخراج مصطفي الكرمادجي وكتابة الفنان صلاح الأحمر وبمشاركة النجوم عبدالرزاق أبورنية والعماري المجذوب وصالح أبوالسنون وكريمة الترهوني وأحمد كعيب ومحمد كاره وبعض الوجوه الجديدة.
وسيكون للمشاهدين موعد مع “في منها” تأليف شريف الشريف وإخراج أيمن القدار وبطولة زياد صبحي ورضا القب وخولة سليمان وغادة علي وسلمي يوسف، وكذلك مع سلسلة “فندق المغرب العربي” الذي تدور أحداثه بين مقيمين من ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا داخل فندق واحد حيث تتعدد الأحداث والمفاجآت الطريفة بأسلوب ساخر أثناء فترة الإجراءات بسبب تفشي فايروس كورونا المستجدّ، وفي بطولة لعدد من الفنانين من بينهم خدوجة صبري وزياد صبحي ومصطفى بركة من ليبيا وإكرام عزوز وكوثر بالحاج من تونس ومراد صاولي وعاشور بوراس من الجزائر وحسين ميكيات من المغرب ومحمد شيخاني من موريتانيا.
ويرى مراقبون أن التنافس سيحتد بين الأعمال الليبية ولاسيما بين مسلسلي “السيرة العامرية” و”السرايا” باعتبارهما الأكثر كلفة إنتاجية ويحاولان الغوص في التاريخ السياسي والاجتماعي للبلاد، كما سيكون للضحك والابتسامة مجال واسع في الأمسيات والسهرات الرمضانية ضمن إطار التقاليد التلفزيونية والعلاقة الراسخة بين المشاهد الليبي ونجومه المحليين وكذلك مع الوجوه الجديدة التي بدأت في الظهور بشكل واسع.