زخم نشاط الخدمات والزراعة ينعش سوق العمل في المغرب

الاقتصاد المغربي يمكن تصنيفه ضمن الاقتصادات المعنية بالدرجة الأولى بقطاع الخدمات.
السبت 2022/03/05
لطفا كم حمولة هذه الرافعة؟

كشفت أحدث المؤشرات أن زخم نشاط قطاع الخدمات جعله يقود قاطرة سوق العمل المغربي رغم تداعيات الإغلاق، متفوقا بذلك على الزراعة والصناعة وسط دعوات من الخبراء لوضع أسس أكثر صلابة للحفاظ على الوظائف وتأمين حماية اجتماعية قوية للعاملين.

الرباط – تمكن قطاعا الخدمات والزراعة في المغرب من امتصاص نسبة كبيرة من العاطلين في الفترة الأخيرة، رغم أن سوق العمل لا يزال دون مستوى ما قبل الجائحة.

وأشارت إحصائيات حديثة أن قرابة ثلثي اليد العاملة النشيطة بالبلاد تشتغل في قطاع الخدمات، فيما يعمل 69.4 في المئة في الزراعة، أي بمعدل سبعة عن كل عشرة أشخاص في الأرياف.

وذكرت مندوبية التخطيط في تقرير “المميزات الأساسية للسكان النشيطين المشتغلين” أن الخدمات تأتي في المرتبة الأولى، إذ يشغل القطاع 5 ملايين شخص، ما يمثل 45.8 في المئة من القوة العاملة، تليه الزراعة بأكثر من 3 ملايين أي بنحو 31.2 في المئة.

وحسب مؤشرات المندوبية تبلغ نسبة العاملين الحاصلين على شهادات ذات المستوى العالي بقطاع الخدمات نحو 27.8 في المئة من مجموع القوة العاملة في هذا المجال.

ووفقا للمندوبية، فقد ارتفعت البطالة في البلاد بنهاية العام الماضي إلى نحو 12.3 في المئة قياسا بنحو 11.9 في المئة قبل عام.

محمد ياوحي: الخدمات محرك مهم في دفع عجلة أغلب القطاعات

وتشكل الخدمات 52 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للمغرب ما يجعلها من أنشط القطاعات الاقتصادية من حيث معدل الإنتاج والربحية على رؤوس الأموال الاستثمارية، ناهيك عن تحقيق عوائد إضافية لخزينة الدولة من الرسوم والإيرادات الضريبية.

وأكد محمد ياوحي أستاذ الاقتصاد في جامعة محمد الخامس بالرباط أن الخدمات مرتبطة بشكل وثيق بمجال الزراعة تحديدا من حيث النقل والتخزين والتأمين واللوجستيات وكذلك الصناعة الغذائية.

وقال في تصريح لـ”العرب” إنه “من أجل رفع قيمة المنتجات المضافة يجب تعزيز ربط الخدمات بالزراعة مع تشجيع الشركات على الصناعات التحويلية الغذائية لتوفير فرص عمل أكثر وتحقيق قيمة مضافة أعلى ورواتب مجزية”.

ووفق أرقام المندوبية فإن سوق العمل نما بنهاية العام الماضي بواقع 0.3 في المئة على الرغم من تواتر الإغلاقات جراء الوباء بعد أن انخفض بواقع 2.2 في المئة بين عامي 2019 و2020.

وتؤكد التقارير الدولية وبيانات إحصائية رسمية أن الاقتصاد المغربي يمكن تصنيفه ضمن الاقتصادات المعنية بالدرجة الأولى بقطاع الخدمات.

وحتى يتم دفع هذا القطاع إلى امتصاص المزيد من البطالة، يرى خبراء أنه من الضروري الاهتمام به أكثر لأنه يحرك أنشطة متنوعة منها التجارة والنقل والبنوك وشركات التأمين والاتصالات وغيرها.

وأوصت دراسة صادرة عن البنك الدولي مؤخرا المغرب بالتوسع في تجارة الخدمات وتشجيع اعتماد التكنولوجيا وتدريب العاملين للارتقاء بمستواهم، وتوجيه الخدمات التي توفر المنافع للاقتصاد من أجل تحفيز سوق العمل وبالتالي دعم تعافي مستوى النمو.

وتوجه تركيز الرباط باطراد منذ سنوات نحو الخدمات للحاق بالبلدان المتقدمة إذ تتيح التحولات الاقتصادية التي يحركها هذا القطاع فرصا جديدة للتوظيف من خلال التوسع والابتكار والجهود الاستثمارية غير المسبوقة.

ومع ارتفاع حجم الطلب على الخدمات من الصناعات التحويلية والزراعة وقطاعات أخرى يستفيد عدد أكبر من الأيدي العاملة من ثمار النمو، حيث استطاعت الحكومة الحفاظ على استقرار معظم المؤشرات الماكرو – اقتصادية الرئيسية وتحسينها.

ورغم أن ياوحي يعتبر الزراعة قطاعا مهما لنمو الاقتصاد كونه يساهم بشكل كبير في دعم سوق العمل، لكن قال لـ”العرب” إنه “يجب التعامل مع الهشاشة التي يتعرض لها العاملون في قطاع الخدمات من حيث التغطية الاجتماعية والصحية والرواتب المنخفضة”.

رغم موجة الجفاف تراهن الحكومة على تشجيع الاستثمارات الزراعية لاسيما الصغيرة والمتوسطة منها

وأظهرت مذكرة نشرتها مندوبية التخطيط حول “جودة الشغل” أن أكثر من نصف العمال النشيطين سواء في الخدمات والزراعة ليست لديهم عقود عمل تنظم علاقاتهم بالجهة التي يعملون لديها.

والزراعة مصدر رئيسي للدخل الفردي لعدد كبير من المغاربة، إذ يعتمد زهاء 40 في المئة من إجمالي عدد سكان الذي يتجاوز تعدادهم 40 مليون نسمة بشكل أساسي على هذا القطاع الحيوي، بالنظر إلى إسهامها إلى جانب الخدمات في تحقيق التنمية.

ورغم موجة الجفاف تراهن الحكومة على تشجيع الاستثمارات الزراعية لاسيما الصغيرة والمتوسطة منها، بغية توسيع قاعدة الوظائف بالقطاع من حيث الإنتاج والتصنيع والتسويق والتصدير.

واستغلالا لكافة الفرص المتاحة لتقديم الدعم للجهود المبذولة لتنمية القطاع، أطلقت وكالة التنمية الزراعية منصة رقمية هي الأولى من نوعها بالبلاد لترويج وتسويق المنتجات المحلية محليا وخارجيا.

وتوسع الرقمنة من إمكانية تقديم الخدمات بدرجة أعلى جودة مما هي عليه بالنسبة إلى قطاعي الصناعات التحويلية والزراعة، حيث تعمل الحكومة على تنسيق جهودها مع شركائها لنشر ذلك في مسعى منها لزيادة إنتاج المحاصيل ومواجهة منغصات تغير المناخ.

وأشارت وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح العلوي إلى أهمية الاستثمار في الزراعة، ومساهمة الصندوق الخاص بالقطاع، في تمويل المشاريع وتعزيز رأسمال الشركات ودعم الأنشطة الإنتاجية ضمن شركات مع القطاع الخاص.

وقالت مديرية الدراسات والتوقعات المالية بوزارة الاقتصاد في مذكرة تتعلق بشهر فبراير الماضي، أنه ستتم مواكبة القطاع الخاص لدفعه نحو الاستثمار في الزراعة من خلال برنامج لدعم المزارعين ومربي المواشي المتضررين من آثار انحباس الأمطار.

11