طلاق الفنانات العنوان العريض في الإعلام العربي

وسائل الإعلام التقليدية تنافس مواقع التواصل الاجتماعي على تفاعلات الجمهور.
الاثنين 2022/01/03
طلاق مصطفى فهمي كل "الحكاية"

بدأت الكثير من وسائل الإعلام العربية تنجرف نحو ملاحقة مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن أصبحت ساحة للغوص في تفاصيل الحياة الشخصية للمشاهير. وتحول بعضها إلى خدمة لمصالح وتوجهات من تعمدوا إفشاء أسرارهم عبر المنصات من دون التزام بالمعايير المهنية التي تضع محاذير في التعامل مع هذا النوع من القضايا التي تبحث عن جذب جمهور عزف بعضه عن متابعتها.

القاهرة- تحول انفصال الفنان المصري أحمد الفيشاوي عن زوجته ندى الكامل أخيرا إلى حالة إعلامية بعد أن اتجهت وسائل مختلفة إلى التركيز على كلمات مبهمة كتبتها طليقته على صفحتها الخاصة فيسبوك ومحاولة الخروج منها بتفسيرات بشأن الطلاق.

ولم يعد من المستغرب ألّا يولي برنامج توك شو اهتماما بالقضايا السياسية والمجتمعية بل يهتمّ بمناقشة تفاصيل الحياة الزوجية للفنانة المصرية شيرين عبدالوهاب التي أثار طلاقها من زوجها حسام حبيب جدلا واسعا الأيام الماضية.

وأفسح برنامج “كلمة أخيرة” الذي تقدمه الإعلامية لميس الحديدي على فضائية “أون.إي” المصرية المجال أمام حديث الإعلامية اللبنانية نضال الأحمدية عن أدق تفاصيل علاقة شيرين بطليقها، الأمر الذي تكرر في برامج أخرى تطرقت لانفصال المطربة وكأنها الشغل الشاغل للجمهور والإعلام.

ليلى عبدالمجيد: العامل الأول المؤثر في الإعلام يرتبط بطبيعة الجمهور

وخصص برنامج “الحكاية” الذي يقدمه الإعلامي عمرو أديب على فضائية “أم.بي.سي.مصر” مساحة كبيرة للفنان المصري مصطفى فهمي للخوض في تفاصيل خلافاته التي قادت إلى انفصاله عن الإعلامية اللبنانية فاتن موسى، وأذاع البرنامج تسجيلا صوتيا بين فهمي ووالد طليقته حاول خلاله تبرئة ذمته من الاتهامات التي وجهتها إليه عبر مواقع التواصل، وأصبح البرنامج طرفا في صراع شخصي بين طرفين.

وأثارت الحلقة الأخيرة من برنامج “بصراحة مع” على فضائية “أم.بي.سي” الثلاثاء جدلا واسعا، حيث شهدت حوارا مطولا بين الفنانة المصرية غادة عادل وطليقها المخرج مجدي الهواري حول تفاصيل سنوات الزواج لنحو عقدين، فلم يعتد الجمهور على مثل هذه الحلقات الحوارية الساخنة بين شخصين وظفا الحلقة كأداة لمصارحة ومكاشفة جرت أمام أعين الجمهور بدلا من أن يكون ذلك مسألة خاصة بينهما.

ما يجري بثه حول هذه القضايا يشكل جرءا بسيطا من اهتمامات المواقع الإلكترونية التي تتسارع لنشر مقاطع فيديو تتضمن الخوض في الحياة الزوجية للمشاهير، وتعتمد في الجوانب التسويقية لمادتها التحريرية على المنصات الإلكترونية التي يشكل بعضها تطورا خطيرا في شكل الصحافة الصفراء التي انتشرت في عصر ما قبل الإنترنت.

يتفق البعض من الخبراء أن وسائل الإعلام سلاح يستخدمه المشاهير لتحقيق أهداف خاصة بهم دون أن يكون هناك إدراك من القائمين على تلك الوسائل بأن ذلك يندرج في إطار السقطات، حتى لو حققت نسب مشاهدات مرتفعة وأرباحا مالية تحتاجها القنوات والصحف والمواقع في ظل الأزمات الاقتصادية التي تمر بها.

وعلى المدى البعيد فإن هذه الوسائل سوف تتعرض لخسارة موجعة بسبب انصراف الجمهور عنها، حيث من المتوقع أن تتحول إلى أداة للترفيه والتسلية، ولن تتمكن من القيام بأدوارها التوعوية ومن ثم تفقد قدرتها على التأثير.

وقال رئيس تحرير موقع “إعلام.دوت.أورغ” محمد عبدالرحمن، إن مواقع التواصل أجبرت وسائل الإعلام التقليدية على الاهتمام بهذا النوع من القضايا، وأسهم اختلاف أشكال التنافس بدور في الرواج الحالي، فالمنصات لم يكن ممكنا أن تنافس برنامج توك شو حول نفس القضية التي أثارها برنامج آخر، لكن تصدر أزمات المشاهير مواقع التواصل جعل هناك فرصة لنقل ما يدور إلى شاشات وبرامج عديدة.

محمد عبدالرحمن: يجب على وسائل الإعلام أن تلتزم بالقيم المهنية

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن استخدام بعض الفنانين لمواقع التواصل بحثا عن دعم الجمهور أو رغبة في ابتزاز الطرف الآخر يحول تفاصيل حياتهم الشخصية إلى قضايا عامة يصعب أن يتجاهلها الإعلام، ونقطة البدء لحصار هذه الظاهرة تأتي من المشاهير ومن يرتبطون بهم وحل المشكلات بعيدا عن الجمهور، كما أن الإعلام عليه أن يلتزم بالقيم المهنية وعدم التذرع بما هو  منشور على مواقع التواصل الاجتماعي.

وذهب خبراء الإعلام للتأكيد على أن الصراع على الجمهور هو العامل المشترك بين رغبات المشاهير ووسائل الإعلام المختلفة، فالطرف الأول قد يوظف الأزمة لصالح تحقيق المزيد من الشعبية أو توجيه الانتقادات والهجوم على أشخاص آخرين.

وتقوم اقتصاديات مواقع التواصل على تفاعلات الجمهور، والأمر ذاته بالنسبة إلى وسائل الإعلام التقليدية، إلا أن وجود قوانين ومواثيق مهنية يوجد ضرورة لتحرك الجهات القائمة على تنظيم وسائل الإعلام وضبط بوصلة اهتماماتها.

ويشكل تراجع أدوار الجهات النقابية والرقابية مؤشرا على أن تصدر مثل هذه القضايا للرأي العام في مجتمعات عربية متباينة يعد محض إرادة لجهات رسمية تستفيد من الأمر لصالح شغل الجمهور عن مشكلات داخلية حيوية قد تتوارى أمام قضايا المشاهير التي تستحوذ على قدر كبير من شغف وسائل الإعلام.

ويربط خبراء إعلام بين سيطرة شركات دعاية وإعلان بعينها على سوق العمل الصحافي والإعلامي وبين السعي إلى تغذية الاهتمام بمشكلات المشاهير، حيث تدعمها باعتبارها أداة لجذب الجمهور من دون أن يتعلق الأمر بالقضايا السياسية التي تجعلها تتصادم مع جهات رسمية وحكومات تنزعج من التركيز على القضايا الجادة.

ويؤدي الارتباط المباشر بين اقتصاديات القنوات الفضائية والمنصات الإلكترونية إلى التلاقي في نوعية المحتوى المقدم، وأن اعتماد وسائل الإعلام على عوائد مقاطع الفيديو التي تنشرها على موقع يوتيوب ومن خلال صفحاتها على الوسائط الاجتماعية المتعددة يجعلها أسيرة لهذه الأزمات التي تتوافر لها تلقائيا عوامل جذب الجمهور.

وسائل الإعلام سلاح يستخدمه المشاهير لتحقيق أهداف خاصة بهم دون أن يكون هناك إدراك من القائمين على تلك الوسائل بأن ذلك يندرج في إطار السقطات

وقالت أستاذة الإعلام بجامعة القاهرة ليلى عبدالمجيد، إن العامل الأول المؤثر في اهتمامات وسائل الإعلام التقليدية يرتبط بالطبيعة الشخصية للجمهور، لأن الأشخاص العاديين الذين أبدوا حرصا على خصوصية علاقاتهم الشخصية أضحوا أكثر رغبة في نشرها على مواقع التواصل، ما أدى إلى اختلال موازين العلاقات الاجتماعية والمعايير المهنية والأخلاقية لوسائل الإعلام.

وأكدت في تصريح لـ”العرب” أن المشاهير لديهم رغبة في نشر خصوصياتهم على الملأ لمواكبة الترند بما يجعلهم في بؤرة الأحداث، وقد ينعكس الأمر على حياتهم المهنية بشكل إيجابي على حساب حياتهم الشخصية، إلى جانب أن وسائل الإعلام نفسها التي تنتهك يوميا معايير العمل الإعلامي دون أن تواجه بانتقادات أو لوم من الجهات المشرفة عليها، فقد اعتادت على استخدام الإثارة كوسيلة مناسبة لاستمرارها.

16