هل تغير تونس بوصلتها خارجيا لتجاوز أزمتها

تونس - دفعت الأزمة الاقتصادية الحادة التي تشهدها تونس أوساطا سياسية إلى تكثيف دعواتها إلى إيجاد شركاء دوليين جدد، خاصة في ظل الضغوط التي تكرسها الولايات المتحدة والأوروبيون وهم من الحلفاء التقليديين على البلاد، بسبب عدم تفهمهم لإجراءات الخامس والعشرين من يوليو.
ودعا الناطق باسم حزب التيار الشعبي محسن النابتي إلى تنويع علاقات تونس خارجيا، خاصة بعد أن عملت حركة النهضة على خنق البلاد من خلال تأليب الرأي العام الدولي ضدها، بعد تسويق الإجراءات المذكورة على أنها انقلاب على الديمقراطية.
وقال النابتي في تصريح لـ”العرب” إن “الإخوان (النهضة) عملوا على تخريب الاقتصاد التونسي خلال العشرية الأخيرة، والآن يتم ابتزاز البلاد بهذا الوضع وهذا ما حذرنا منه كثيرا، الآن يعملون على خنق تونس لتركيعها واتخاذ قرارات بعينها، عليها الانفتاح على دول أخرى عربيا وعالميا”.
وتأتي هذه الدعوات في وقت تشهد فيه البلاد أزمة اقتصادية، فيما تتوقف المحادثات مع المانحين الدوليين وعلى رأسهم صندوق النقد الدولي.
وبالرغم من دعوتها إلى إيجاد بدائل لجلب الاستثمار وتعبئة موارد مالية لخزينة البلاد، إلا أن الأوساط السياسية التونسية تشدد على ضرورة ألا يكون ذلك على حساب الشركاء التقليديين، بحيث ينبغي على البلاد موازنة علاقاتها خارجيا.
وقال النابتي إن “الحل هو انفتاح تونس عربيا ودوليا من خلال عقد اتفاقيات ثنائية وتنويع العلاقات وهذا لا يعني طبعا الدخول في صدام مع الشركاء التقليديين وإنما هو قرار سيادي، ففي نظرنا هناك فرص متاحة في العالم سواء مع الصين أو غيرها”.
وأضاف أن “المطلوب فقط أن تتوفر الإرادة السياسية، يجب وضع رؤية وتصورات لعقد اتفاقيات استراتيجية على قاعدة رابح رابح لإنجاز مشاريع كبرى تغير الحياة في تونس إلى الأفضل ونحن قادرون بفضل إمكانياتنا وموقعنا”.
وتعددت بعد تاريخ الخامس والعشرين من يوليو الذي شهد زلزالا سياسيا في تونس اتصالات الرئيس قيس سعيد ووزير الخارجية عثمان الجرندي بالمسؤولين الغربيين، الذين تبدو إداراتهم تحت تأثير مارسته جماعات الضغط وفقا لمراقبين.
ويعتبر الاتحاد الأوروبي الشريك الاقتصادي الأول لتونس، ويستأثر بأكثر من نصف المبادلات التجارية التونسية، وأغلب المستثمرين الأجانب في تونس ينتمون إلى دول الاتحاد الأوروبي.
وبالرغم من تلك الاتصالات التي جرت على أعلى مستوى على غرار اللقاء الذي جمع الرئيس سعيد بممثل السياسات الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل وكذلك لقاء السفير الأميركي في تونس دونالد بلوم، إلا أن العديد من المؤسسات في القوى المذكورة ظلت تتحرك للضغط على البلاد.
وعقد الكونغرس الأميركي جلسة حول تونس، فيما صوت البرلمان الأوروبي على بيان يدعو إلى عودة الديمقراطية في تونس ما أثار مخاوف من إمكانية تطور الضغوط لتشمل عقوبات أو امتناع عن تقديم المساعدات في ظل الوضع الصعب الذي تعيشه البلاد.
وطالب البرلمان الأوروبي باستئناف العمل الطبيعي لمؤسسات الدولة، بما في ذلك العودة إلى ما أسماه “الديمقراطية الكاملة والنشاط البرلماني في أقرب وقت ممكن كجزء من الحوار الوطني، والإعلان عن خارطة طريق واضحة”.
ومنذ اتخاذ الرئيس سعيد لإجراءات الخامس والعشرين من يوليو التي شملت تجميد كافة أعمال واختصاصات البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه، وإقالة الحكومة برئاسة هشام المشيشي كثفت قيادات في حركة النهضة من دعواتها لقوى دولية بإيقاف تقديم المساعدات إلى تونس.
ويرى مراقبون أنه رغم هذه الدعوات من قيادات النهضة والتحرك على مستوى جماعات الضغط في الخارج، إلا أن تونس مطالبة بالتريث وفتح حوار صريح مع شركائها التقليديين على غرار واشنطن وبروكسل من أجل تنويع شراكاتها.
واعتبر المحلل السياسي محمد صالح العبيدي أن “التوجه إلى الشرق والصين مهم لكن لا ينبغي أن يكون ذلك على حساب شراكات تونس التقليدية، لا يجب أن نسعى بأنفسنا إلى عزلة دولية إذ لسنا في ظرف يسمح لنا بذلك”.
وشدد العبيدي في تصريح لـ”العرب” على أن “الحل يتمثل في التواصل مع الدوائر الغربية كما غيرها لإيجاد توازن يجلب الاستثمارات للبلاد ويسهل عملية الخروج من الأزمة الاقتصادية التي قد تؤدي إلى تفجر اجتماعي في أي وقت خاصة وأن الاقتراض الداخلي لم يعد ممكنا”.