"برتقالة جدتي" لوليد عودة.. حكاية العودة إلى أرض منهوبة

يافا (فلسطين) – في “برتقالة جدتي” يروي وليد عودة حكاية شعب من لحم ودم، كان وسيبقى يحيا فوق أرض عربية الهوية له فيها تراث وتفاصيل وذكريات أكثر من أن تحصى، وأبعد من أن يُغيبها النسيان. هي رواية ملحمية تقول للقارئ لقد كانت شجرة البرتقال هنا، كما هم الفلسطينيون دائما هنا وعاشوا هنا وماتوا هنا وسيعيش أبناؤهم هنا.
والرواية الصادرة حديثا عن الدار العربية للعلوم ناشرون للكاتب والروائي الفلسطيني وليد عودة تمضي على إيقاع التطوّر الدرامي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي؛ وعملية التهويد التي تتعرّض لها القدس؛ والتي تأتي على المقدّسات والناس، وفي ظل خضوع القضية الفلسطينية لتجاذبات محلية وإقليمية ودولية وهي لا تزال رهينة الاحتلال والتهويد.

حكاية شعب
هذا الواقع جاء كأحد المبرّرات لخلق نص روائي عربي له امتيازه ورصانته وسرديته العالية التي عُرف بها عودة في أعماله الروائية.
وفي “برتقالة جدتي” يروي الكاتب حكاية أسرة فلسطينية مهاجرة تعيش في كندا وتستعدّ للعودة إلى فلسطين لقضاء العطلة السنوية بعدما قرّر الأب، وبناء على اقتراح ابنته، أن يزوروا المدينة التي ينحدر منها الأجداد، والسرايا التي هُجّروا منها بعد الاحتلال، فكان شعور الحنين إلى الوطن الأم هو الباعث للعودة ولخطوة جريئة أخرى جعلته يبحث عن سرايا عائلته في (يافا) وتملُّكها من جديد كونه يمتلك الجنسية الكندية.
ولأن المكان/ الأصل لا يراكم تفاصيله إلاّ عبر انفعال الذات بتقاسيمه، وانغمارها بلحظات الفرح أو الحزن في سياقه؛ فإن شجرة البرتقال المزروعة في فناء السرايا ستكون بالنسبة إلى العائلة العائدة قرين الوجود الحي لشخصيات الأجداد التي كانت تسكنها، وبمثابة إعادة لأواصر الانتماء إلى الهوية الفلسطينية والتماهي مع الأصل.
ويقول عودة في روايته “كل حجر من تلك السرايا قادر على التعرّف علينا نحن. برتقالة جدتي السامقة زرعها جدنا قبل أن تقوم تل أبيب كلها”.
“برتقالة جدتي” حكاية شعب وأرض وقضية أبعد من أن يُغيبها النسيان، هذا ما تقوله الرواية بتفاصيلها التي تواكب اقتحام الإسرائيليين المسجد الأقصى ومحاولة طرد بعض العائلات الفلسطينية من بيوتها في أحد أحياء القدس الشرقية والحرب الأخيرة على غزة.
هذه الأحداث ستكون لها إرهاصات غير متوقّعة على العائلة الفلسطينية العائدة إلى يافا على المستوى العام، أما على المستوى الخاص، فسيكون مقتل أحد سياسيي إسرائيل ودفنه تحت شجرة البرتقال في فناء السرايا المأزق الحقيقي الذي يواجه العائلة الفلسطينية العائدة وهي تحاول إيجاد صكّ براءتها ممّا يحدث.
ووليد عودة روائي فلسطيني، ولد في الكويت عام 1973، حصل على الدكتوراه في هندسة الكمبيوتر، عمل مديرا لمشاريع تقنية في دبي بالإمارات.
له العديد من الروايات أبرزها “الغريب” (2010)، وفيها يسرد قصة جندي أميركي يلتحق بزملائه في الجيش لغزو العراق متأثرا بالدعاية الأميركية حول نشر العدل والديمقراطية في الشرق الأوسط ومحاربة أعداء الحرية ومنعهم من نشر أسلحة الدمار الشامل. وفي هذه الأثناء يتمّ تكليفه مع مجموعة من رفاقه بمهمة خطيرة وهي اقتحام منزل أحد كبار قادة الجيش العراقي، فتتعقّد الحكاية.
ومن مؤلفاته أيضا: “نصف وجه دامع” و”كنز القصر المفقود”، و”شقيقان وعروس أوكرانية” و”أين ولدي: حكاية اختطاف طفل سوري”.
