رئيس وزراء الكويت السابق يغادر بكفالة وقد لا يعود

من المتوقع أن يسعى الشيخ جابر المبارك لإطالة أمد بقائه في ألمانيا وهو ما يترك قضية الفساد مفتوحة في ظل عدم تحديد موعد لعودته.
الأحد 2021/11/21
سفرة قد تطول

الكويت - حصل رئيس الوزراء الكويتي السابق الشيخ جابر المبارك على قرار من محكمة الوزراء الكويتية يسمح له بالسفر خارج الكويت، لمرة واحدة، لأسباب صحية، وذلك مقابل كفالة تبلغ 33 ألف دولار وسط تساؤلات إن كان سيلتزم بالعودة أم لا.

ولم تحدّد المحكمة موعدا لعودة المبارك الذي توجه على الفور إلى ألمانيا “لإجراء فحوص”. ومن المتوقع أن يسعى المبارك لإطالة أمد بقائه في الخارج ريثما يتم التوصل إلى تسوية، أو الحصول على عفو.

وكانت المحكمة أخلت سبيل المبارك في الخامس من أكتوبر الماضي بعد نحو 6 أشهر من السجن، وذلك في مقابل كفالة مماثلة.

أمير الكويت تعمّد أن يترك تحديد ضوابط وشروط قرارات العفو الأخيرة إلى رئيس الحكومة والنائب العام ووزير الداخلية لكي يرفع عن كاهله المسؤولية عن تلك الضوابط والشروط

ويُتهم المبارك في قضية سوء استخدام الأموال في “صندوق الجيش”، وهو عبارة عن صندوق مساعدات وقروض تمويلية تقدم لضباط ومنتسبي الجيش بالإضافة إلى توزيعات نقدية في المناسبات الاجتماعية والعسكرية كالاحتفالات الوطنية المختلفة، وتكريم ذوي شهداء الجيش الكويتي.

وكان وزير الدفاع الراحل الشيخ ناصر الصباح هو الذي اكتشف الاختلاسات في نوفمبر 2019 وقدم بها بلاغا إلى النائب العام قائلا بوجود شبهة جرائم تتعلق بالمال العام في مؤسسة الجيش خلال السنوات التي سبقت تولّيه الوزارة.

وتولّى المبارك رئاسة ست حكومات خلال الفترة الممتدة من نهاية عام 2011 حتى نهاية 2019، حيث تقدم باستقالة حكومته عقب الفضيحة التي أثارت صداما مع “مجلس الأمة” الذي طلب استجوابه واستجواب أكثر من وزير في حكومته، بينهم خالد الجراح وزير الداخلية والدفاع سابقاً، وسبعة آخرين بينهم ضابطان كبيران في الجيش.

ووجه النائب العام اتهاما لخالد الجراح بالقيام بتحويلات مالية تجاوزت 240 مليون دينار (790 مليون دولار) من الصندوق بموافقة الشيخ المبارك إلى حسابات مشبوهة.

وتسببت الفضيحة بأزمة داخل الأسرة الحاكمة دفعت أمير البلاد الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح إلى عزلهما معا، ابنه وزير الدفاع الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح ووزير الداخلية الشيخ خالد الجراح الصباح، من منصبيها.

وتوفي الشيخ ناصر صباح الأحمد في ديسمبر الماضي بعد شهور قليلة من وفاة والده. ولكن القضية ظلت مطروحة أمام محكمة الوزراء التي استأنفت التحقيقات فيها وقضت بسجن المبارك والجراح، كما قضت بإبقاء المداولات سرية، تحاشيا لإثارة الرأي العام. إلا أن أجواء البرلمان ظلت مشحونة بالتوترات بسببها، بالنظر إلى الحجم الكبير للاختلاسات.

وينفي المبارك والجراح مسؤوليتهما عن استخدام أموال الصندوق.

الراحل الشيخ ناصر الصباح اكتشف الاختلاسات في نوفمبر 2019 وقدم بها بلاغا إلى النائب العام

ويقول مراقبون إن هذه القضية، حتى وإن لم تكن هي قضية الفساد الوحيدة التي يتهم بها مسؤولون وأفراد من الأسرة الحاكمة، إلا أنها واحدة من أكبر القضايا التي تهدد استقرار البلاد.

واختار أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد أن يترك القضية للقضاء لكي يصدر حكمه فيها. وامتنع في الوقت نفسه أن يستخدم صلاحياته بالعفو عن المتهمين، لكي لا يلطخ بهم اسمه ومكانته. ولكن هناك ضغوط داخل الأسرة الحاكمة تدعو إلى إيجاد سبيل لطيّ صفحة الماضي، من أجل البدء بصفحة جديدة تتوفر فيها وسائل مؤسسية كافية لمكافحة الفساد، ومحاكمة المتهمين.

وتقضي هذه الدعوات إلى أن يتم العفو عن كل قضايا الماضي المعروفة، ومنها قضية “صندوق الجيش”. كما أن هناك دعوات إلى أن يقوم المتورّطون برد الأموال غير المشروعة مقابل العفو عنهم. إلا أن شيئا لم يتقرر بعد بالنظر إلى أن السجال الداخلي والقانوني والبرلماني ما يزال مفتوحا على خيارات شتى.

ويشير المراقبون إلى أن أمير الكويت تعمّد أن يترك تحديد ضوابط وشروط قرارات العفو الأخيرة إلى رئيس الحكومة والنائب العام ووزير الداخلية لكي يرفع عن كاهله المسؤولية عن تلك الضوابط والشروط، لاسيما وأن بعضها ما يزال مثيرا للجدل، ومنها تخفيف الأحكام على المتهمين بالتستر على “خلية العبدلي” المدعومة من حزب الله وإيران، وهي المجموعة الإرهابية التي كانت تعد لشن هجمات مسلحة ضد عدد من المؤسسات الحكومية.

ولا يستطيع المبارك أن يمتنع عن العودة إذا ما طلبته المحكمة، لأنه سوف يخرق شروط الكفالة مما يعيده إلى السجن. إلا أن عدم تحديد موعد لعودته يترك القضية مفتوحة ريثما يستجلي المعنيون بحزمة الأزمات التي تعانيها البلاد سبل الخروج منها.

3