شحّ المياه يدفع الآلاف من الإيرانيين إلى الاحتجاج في أصفهان

تجاهل النظام الإيراني لمعضلة المياه تسبب بوجود ما لا يقل عن خمسة آلاف قرية دون موارد مائية علاوة على سبعة آلاف قرية أخرى يتم إمدادها بالمياه بواسطة الصهاريج.
السبت 2021/11/20
مطالب شرعية

طهران - دفع شح المياه الناجم عن جفاف نهر في ولاية أصفهان وسط إيران الآلاف من الإيرانيين الجمعة إلى التظاهر لمطالبة النظام بالتحرك، ما يذكر بالاحتجاجات التي شهدتها البلاد في محافظة خوزستان جنوبي غرب إيران.

وقال مراسل التلفزيون الرسمي الإيراني وهو يتحدث مباشرة من قرب مكان التجمع في مجرى النهر الجاف "الآلاف من الأشخاص من أصفهان، مزارعون من غرب المحافظة وشرقها، تجمّعوا في مجرى نهر زاينده رود مع مطلب أساسي: إعادة جريان مياهه".

وردّد المحتجون شعارات عدة منها "مياه النهر تتعرض للنهب منذ عشرين عاما"، و"على المياه أن تعود إلى مجاري زاينده رود"، وفق ما عرض التلفزيون.

كما رفعوا شعارات منها "شرق أصفهان بات مهجورا"، و"مياهنا رهينة"، وفق صور نشرتها وسائل إعلام إيرانية.

ونظّم المزارعون سلسلة احتجاجات بدءا من التاسع من نوفمبر، على توقف مياه النهر لأسباب عدة منها الجفاف، إلا أن التجمع الجمعة كان الأضخم من حيث حجم المشاركة.

وكان النهر يعد نقطة استقطاب في أصفهان، خصوصا لعبوره أسفل "سي وسه بُل" (جسر الثلاثة والثلاثين) التراثي.

إلا أن مياه النهر انقطعت منذ نحو عقدين من الزمن، باستثناء فترات وجيزة في مراحل مختلفة حين يتم فتح بوابات سد نكو آباد. ومنذ أعوام، يشكو سكان أصفهان من تحويل مياه النهر أيضا إلى محافظة يزد المجاورة.

ووعد مسؤولون بالعمل على حل المشاكل التي تثير احتجاجات أهل المحافظة.

وقال نائب الرئيس محمد مخبر للتلفزيون الرسمي الجمعة "طلبت من وزارتي الطاقة والزراعة اتخاذ إجراءات فورية لإدارة المسألة"، مشددا على أن الحكومة "تبحث جديا عن حل للمشكلة لتجاوز هذه المرحلة الصعبة".

محمد مخبر: الحكومة تبحث عن حل للمشكلة لتجاوز هذه المرحلة الصعبة

وتقدم وزير الطاقة علي أكبر محرابيان بـ"اعتذار من كل المزارعين الأعزاء لأننا غير قادرين على توفير المياه لمحاصيلهم. نأمل في التمكن من معالجة هذه الثغرات خلال الأشهر المقبلة بمشيئة الله".

وأشار إلى أنه تم تكليف "وزارتي الصناعة والزراعة بالعمل جنبا إلى جنب مع وزارة الطاقة للحد من الأضرار التي تعرض لها بعض المزارعين".

وفي الثالث والعشرين من أكتوبر الماضي أفادت وكالة "فارس" للأنباء أن "محتجين" قاموا بتحطيم تجهيزات مخصصة لنقل مياه الشرب إلى محافظة يزد.

وكان الرئيس إبراهيم رئيسي الذي تولى مهامه في أغسطس، وعد في الحادي عشر من نوفمبر بالعمل على حل مشاكل المياه في محافظات وسط إيران، أصفهان ويزد وسمنان.

وأشار إلى أنه سيتم “تشكيل لجنة ومجموعة عمل من أجل دراسة الموضوع وإعادة الحياة إلى زاينده رود وحل المشاكل الناتجة عن ذلك، مثل ترهّل التربة في المناطق الوسطى من البلاد".

وقال مراسل التلفزيون من المدينة إنه "خلال أعوام، لم تتوافر أي إرادة لحل مشاكل هذا النهر المهم". وأصفهان هي ثالث كبرى مدن إيران، ويقطنها نحو مليوني نسمة، وتتضمن ساحة “نقش جهان” (رسم العالم) المدرجة على لائحة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو.

وسبق لمسؤولين إيرانيين أن شكوا خلال أشهر الصيف من معاناة البلاد من جفاف حاد يعود بشكل أساسي لشح المتساقطات.

وقال المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي الأربعاء إن مشكلة المياه هي "المسألة الوطنية".

وأضاف "مشكلة المياه ستصبح المشكلة الأكثر أهمية في العالم في مستقبل قريب”، في تصريحات خلال استقباله عددا من النخب والمواهب العلمية المتفوقة، وفق ما أورد موقعه الإلكتروني الرسمي.

وكانت محافظة خوزستان (جنوب غرب) الغنية بالنفط والحدودية مع العراق، شهدت في يوليو احتجاجات واسعة على خلفية الشح في المياه.

ولجأ النظام الإيراني وقتها إلى نفس الآليات التي ينهي بها في كل مرة الاحتجاجات وهي القمع حيث أفادت وسائل إعلام رسمية أن تلك الاحتجاجات قُتل على هامشها أربعة أشخاص على الأقل واعتقل ما لا يقل عن 102 آخرين.

كل هؤلاء يدافعون عن حقهم في الحياة.. لكن لا من مجيب
كل هؤلاء يدافعون عن حقهم في الحياة.. لكن لا من مجيب 

وخلال العقد الماضي واجهت إيران موجات جفاف متكررة، خصوصا في الجنوب حيث تسجّل درجات حرارة مرتفعة نسبيا. وعلى مدى الأعوام الماضية أدت موجات حر شديد وعواصف رملية موسمية إلى جفاف في سهول خوزستان التي كانت تعرف بالخصوبة، فيما يحمّل الإيرانيون السلطات مسؤولية أزمة شح المياه.

ويقول هؤلاء إن ضعف البنية التحتية للموارد المائية وسوء الإدارة جعلا البلاد غير قادرة على الاستفادة من الأمطار وتحولت هذه الفرصة إلى تحد وتهديد.

وأدى تجاهل النظام الإيراني لمعضلة المياه، حيث لم يتخذ إجراءات قادرة على حلحلتها، إلى وجود ما لا يقل عن 5000 قرية دون موارد مائية في الوقت الراهن، علاوة على 7000 قرية أخرى يتم إمدادها بالمياه بواسطة الصهاريج حسب عضو جمعية المخاطر البيئية والتنمية المستدامة حميد رضا محبوب فر.

وفي مواجهة هذه الأزمة، التي تعد اختبارا جديا للرئيس رئيسي، اتخذت السلطات الإيرانية إجراءات محدودة على غرار قرار يمنع زراعة محاصيل تستهلك الكثير من المياه كمحصول الأرز في العديد من المناطق منها خوزستان التي شهدت احتجاجات واسعة في وقت سابق متحدية الإجراءات القمعية التي اتخذتها السلطات.

واعتبر المرشد الأعلى في حينه أنه “الآن وقد أعرب الناس عن انزعاجهم لا يمكن لَومهم”، معتبرا أن “مشكلة المياه ليست صغيرة خاصة في ذلك المناخ القاسي لخوزستان”، داعيا السكان في الوقت عينه إلى عدم توفير “ذريعة” لأعداء إيران.

5