القضاء العراقي يعمق أزمة الفصائل الموالية لإيران

تتجه الأمور في العراق إلى غير ما تشتهيه سفن إيران والفصائل الموالية لها، لاسيما بعد إعلان القضاء العراقي عن عدم تسجيل أدلة قانونية تفيد بحصول تزوير في العملية الانتخابية، ويقول المحللون إن الخيارات تضيق على الفصائل، وقد يبقى أمامها خيار وحيد ومكلف وهو مقاطعة العملية السياسية، في حال فشلت جهود طهران في الجمع بين الإطار التنسيقي والتيار الصدري.
بغداد - نفى رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق القاضي فائق زيدان الخميس “وجود دليل قانوني” حتى الآن على تزوير شاب الانتخابات التشريعية، في إعلان يقطع مع مزاعم الفصائل الموالية لإيران بوقوع عمليات تزوير واسعة في الاستحقاق الذي جرى في العاشر من أكتوبر الماضي.
وتعمد الفصائل الشيعية المنضوية ضمن تحالف الفتح، إلى توظيف ادعاءات بوقوع تزوير في العملية الانتخابية لتدارك الهزيمة القاسية التي تكبدتها وتحسين أوراق تفاوضها، للبقاء في المشهد السياسي.
ويقول مراقبون إن إعلان القضاء العراقي عن عدم وجود أدلة قانونية بشأن تلك المزاعم من شأنه أن يزيد من أزمة تلك الفصائل، التي لم تستفق بعد من ارتجاجات فشل محاولة اغتيال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي.
وقال زيدان في تصريح لوكالة الأنباء العراقية الرسمية، إن “تزوير الانتخابات إلى الآن لم يثبت بدليل قانوني”.
وحشدت الفصائل الولائية أنصارها منذ أكثر من أسبوعين، للاعتصام أمام بوابات المنطقة الخضراء. وفي خطوة تصعيدية سعى متظاهرون إلى اقتحام تلك البوابات، الأمر الذي أدى إلى مواجهات عنيفة مع قوات الأمن سقط خلالها متظاهران اثنان، فيما أصيب العشرات من كلا الجانبين.
وتدحرجت الأوضاع الأمنية في العراق بشكل دراماتيكي الأحد، حيث نجا الكاظمي من محاولة اغتيال فاشلة، عبر هجوم بثلاث طائرات مسيّرة مفخخة بمتفجرات، تم إسقاط اثنتين منها، بينما سقطت الثالثة في مقر إقامته بالعاصمة بغداد، ما أصاب عددا من حراسه.
وتواجه الفصائل الولائية، ولاسيما ميليشيا كتائب حزب الله العراقي وعصائب أهل الحق، اتهامات بالوقوف خلف محاولة الاغتيال، خاصة وأنها كانت هددت رئيس الوزراء بأن ما حدث أمام المنطقة الخضراء من مواجهات لن “يمر دون عقاب”.
وأكد رئيس مجلس القضاء الأعلى أن “التحقيق بقتلة المتظاهرين في محيط المنطقة الخضراء الجمعة الماضي مستمر، وبانتظار انتهاء أعمال اللجنة التحقيقية التي شكلها رئيس الوزراء لعرضها على الهيئة القضائية”.
وأوضح زيدان أن “ملف التحقيق بمحاولة اغتيال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لدى اللجنة المشكلة من قبل رئيس الوزراء، ولم يعرض إلى الآن على القضاء ولا يزال في مراحله الأولى”.

واتهمت كتائب حزب الله الخميس رئيس الوزراء بـ“اللعب بأمن واستقرار العراق”، معتبرة أن استهداف منزله “مسرحية مفبركة”.
وقال المتحدث باسم الكتائب محمد محيي “إن السيناريو الذي أُخرجت به هذه المسرحية مربك، وأطراف الحكومة والأجهزة الأمنية والمتحدثون أعطوا روايات متناقضة”، مضيفا أنه “إلى حد الآن لم تقدم الحكومة أي دليل واقعي على القصف أو الاستهداف بحد ذاته، باستثناء المشهد الذي ظهر، ومعظم الخبراء الأمنيين يشيرون بأصابع التشكيك حول ما عرض وما قدم من أدلة”.
واعتبر محيي في تصريحات صحافية “نحن على يقين من أن الموضوع مفبرك بشكل واضح، ومسرحية يراد منها الضغط على أطراف معينة ومحددة شاركت في تظاهرات الاعتصام وكان لها دور في الاعتصامات”، مشيرا إلى أن ما حصل الأحد يندرج في إطار “محاولات للتنصل من الجريمة التي ارتكبها الكاظمي بقتل المتظاهرين السلميين، ومحاولة لاستدرار عطف العالم والمجتمع الدولي للولاية الثانية، وهذه أهداف أراد الكاظمي الوصول إليها”.
ويقول محللون إن الأمور بالنسبة للفصائل الموالية لإيران تتجه نحو المزيد من التعقيد، وتضعها أمام خيارات أحلاها مر، لاسيما بعد محاولة اغتيال الكاظمي الفاشلة وصمود المفوضية العليا للانتخابات التي أعلنت في وقت سابق نهاية النظر في الطعون مع تأكيد تطابق معظمها مع الفرز الإلكتروني، وأخيرا دحض المجلس الأعلى للقضاء اتهامات تزوير الانتخابات.
ويشير المحللون إلى أن الخيارات التي تبدو متاحة أمام الفصائل حتى الآن تنحصر في مقاطعة العملية السياسية، مثلما توعد زعيم منظمة بدر هادي العامري في وقت سابق، أو القبول بالجلوس في مقعد المعارضة وهو ما سبق وأعلنت رفضها لذلك.
ويرى البعض أن ذلك لا يعني أن تلك الفصائل أسقطت من حساباتها فرص البقاء في السلطة، مراهنة في ذلك على التحركات التي تقوم بها إيران، والتي تسعى من خلالها إلى الجمع بين التيار الصدري الفائز في الاستحقاق والإطار التنسيقي الذي يضم تحالف الفتح.
ولوح رئيس تحالف “الفتح” هادي العامري، عقب لقائه الأربعاء في بغداد وفدا من حزب “الاتحاد الديمقراطي الكردستاني”، بمقاطعة العملية السياسية بالعراق بالكامل.
وذكر مكتب العامري في بيان “لن نقبل بفرض الإرادات، وقد نلجأ إلى مقاطعة العملية السياسية بالكامل إذا لم تعالج الطعون المقدمة بشكل حقيقي وجاد”. وأضاف أن “ممثلة الأمم المتحدة تتحكم بالمفوضية العليا للانتخابات، ولها دور سلبي وتدخلات خارج نطاق عملها”.
وأشار إلى أن “الإرباك والتخبط بعمل المفوضية، سبب رئيسي بالأزمة السياسية الحالية”، مبينا أن “المفوضية تعهدت قبل الانتخابات بعدة إجراءات لطمأنة القوى السياسية بعدم تزوير النتائج، لكنها لم تلتزم بأي منها”.
وتتهم الفصائل الموالية لإيران ممثلة الأمم المتحدة جينين بلاسخارت بهندسة عملية التزوير، بغرض إخراجها من المعادلة السياسية في البلاد، ومحاصرة نفوذها.