العراق يبحث عن محفزات للنهوض بمشاريع البنية التحتية العالقة

وزارة التخطيط تسعى إلى إعادة التوازن التنموي بين كافة المحافظات من خلال مشاريع استثمارية حكومية في مجال البنية التحتية.
الجمعة 2021/11/12
إلى متى ستستمر عملية تزفيت هذا الشارع

بغداد - تتزايد إشارات التشاؤم الصادرة عن السلطات العراقية من عدم قدرتها على النهوض بالبنية التحتية المتهالكة، وهو مجال يقول خبراء إنه يختزل أحد وجوه التقصير في إدارة الأزمات الاقتصادية المتراكمة منذ الغزو الأميركي للبلاد قبل نحو عقدين.

ويعكس إقرار وزارة التخطيط بعجزها عن إنجاز مشاريع حكومية، في قطاعات الخدمات والبنى التحتية الأساسية من الماء والكهرباء والصرف الصحي والطرقات، أن السياسات الاقتصادية المعتمدة طيلة سنوات كانت خاطئة وأن مساعي حكومة مصطفى الكاظمي لإصلاحها تتطلب نفسا أقوى.

وتظهر حاجة العراق بشكل ملح إلى مساعدة القطاع الخاص في خطط التنمية لتحقيق أهدافه في مواجهة هذه المعضلة، لاسيما مع تفاقم مشكلات الدولة وتراجع قدرتها على تمويل برامج التنمية وتحقيق طموحات الناس.

وكشف مدير عام دائرة التنمية الإقليمية والمحلية بالوزارة محمد محسن الخميس أن وزارة التخطيط تعكف على إعادة التوازن التنموي بين كافة المحافظات من خلال مشاريع استثمارية حكومية في مجال البنية التحتية. لكنه لم يذكر قيمتها بالتدقيق.

ونسبت وكالة الأنباء العراقية الرسمية إلى محسن قوله إن “هذه المشاريع تعد بيئة جاذبة لتعزيز أنشطة القطاع الخاص، خاصة أن الدفع الآن باتجاه القطاع الخاص السكني”.

وأوضح أن العديد من البنوك، بالتعاون مع البنك المركزي، باشرت بإعطاء قروض من أجل إنعاش القطاع السكني، ما سيسهم في “تنمية المدن وتحريك القطاع الاقتصادي”.

لكنه أشار إلى أن تلك الخطط “هي عبارة عن سياسات تحفيزية، ولا تستطيع الدولة بمفردها إقامة مشاريع”. وقال إن “تهيئة الأراضي وإعداد تصاميم في المحافظات للمدن السكنية سيتيحان للقطاع الخاص الإسهام في تنفيذ المشاريع”.

محمد محسن: العديد من البنوك بالتعاون مع البنك المركزي باشرت بإعطاء قروض من أجل إنعاش القطاع السكني
محمد محسن: العديد من البنوك بالتعاون مع البنك المركزي باشرت بإعطاء قروض من أجل إنعاش القطاع السكني

وتبرز مشكلة غليان أسعار الأراضي في العاصمة بغداد قياسا ببقية المحافظات أحد أبرز التحديات التي تعترض المطورين والشركات لدخول هذه المغامرة.

وقال محسن إن “هناك تباينا كبيرا في أسعار الأراضي بين بغداد والمحافظات”. ورجح أن يكون توقف الأنشطة الاقتصادية وتعرقلها بسبب آثار الجائحة من جهة، وتوفير فرص وظيفية في العاصمة من جهة أخرى، أحد أسباب ذلك التباين.

وفعليا يعاني البلد النفطي من أزمة سكن خانقة، وتقول وزارة الإسكان إن النقص يصل إلى قرابة 4 ملايين وحدة سكنية لحل الأزمة في بلد يتجاوز تعداد سكانه 40 مليون نسمة، كما توضح إحصائيات وزارة التخطيط.

وكان المتحدث باسم وزارة الإسكان عبدالزهرة الهنداوي قد قال في تصريحات صحافية الصيف الماضي إن “هناك حاجة إلى ما بين 3 ملايين ونصف المليون و4 ملايين وحدة سكنية في عموم المحافظات لسد العجز السكني” في البلاد.

وتظهر البيانات المنشورة على الموقع الإلكتروني للوزارة أن هناك 49 مشروعا بصدد الإنجاز منذ سنوات، وهي موزعة على كامل المحافظات، لكن حتى الآن تم إنجاز عدة مشاريع منها في محافظتي الديوانية وواسط في الجنوب إلى جانب العاصمة بغداد.

ومعظم المشاريع متركزة في المحافظات الجنوبية وخاصة في ميسان والبصرة والمثنى وذي قار، فيما تحظى محافظات ديالى ونينوى وصلاح الدين بمشاريع أقل، ولكن أغلبها في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة، كما يوضح رسم بياني للوزارة لا يشير إلى تكاليفها.

ويتفق المتابعون للشأن الاقتصادي العراقي على أن أي خطوة حكومية لبلورة مشاريع البنية التحتية واقعيا تتطلب مناخ أعمال مستقرا وتشريعات وقوانين ملائمة، إضافة إلى مكافحة الفساد والبيروقراطية وتعزيز الشفافية والاستقرار الأمني.

ويرى البعض أن تحقيق هذا الهدف يبدو في غاية الصعوبة في ظل تواصل الفوضى وضعف كفاءة المؤسسات العراقية التي تديرها المحاصصة الطائفية بعد اجتثاث الكفاءات التي يمكنها التعاون مع المستثمرين والشركات الأجنبية لتنفيذ المشاريع.

وفي بلد يعاني من أزمة بطالة حادة تبلغ نسبتها نحو 25 في المئة، تعتمد 40 في المئة من القوة العاملة على رواتب الحكومة، بينما شهد البلد، العضو في أوبك وثاني منتج للنفط بعد السعودية، تقلص القطاع الخاص وقدرته على توفير وظائف.

ويكافح العراق الذي شهد حروبا وفترة حصار طويلة بحثا عن حلول تساعد في تحفيز أصحاب الأعمال المحليين على ضخ أموالهم في مشاريع تسهم في تخفيف مستوى البطالة وتضييق دائرة الفقر وتدفع عجلة النمو.

11