الهند تتحرك للتخفيف من مخاطر عودة طالبان إلى الحكم

نيودلهي تستضيف أول اجتماع أمني إقليمي بشأن التعامل مع الحكام الجدد في أفغانستان.
الخميس 2021/11/11
الهجمات الأخيرة في كشمير ترغم الهند على التحرك

دفعت الهند بمساعٍ للتخفيف من عواقب سيطرة حركة طالبان على الحكم في أفغانستان، حيث استضافت نيودلهي الأربعاء أول اجتماع أمني إقليمي حول كيفية التعامل مع الحكام الجدد في كابول، في خطوة تأتي في أعقاب توترات شهدها إقليم كشمير المتنازع عليه مع باكستان وسط مخاوف من أن تحفز عودة طالبان إلى الحكم المتمردين الإسلاميين في هذا الإقليم على تصعيد هجماتهم.

نيودلهي – استضافت نيودلهي الأربعاء اجتماعا أمنيا حضره دبلوماسيون ومحللون أمنيون من دول مجاورة لأفغانستان في خطوة تعكس سعي الهند للتحرك للتخفيف من استيلاء حركة طالبان على الحكم في كابول على استقرارها خاصة بعد ما شهده إقليم كشمير من توترات مؤخرا.

واستثنى الاجتماع الصين وباكستان التي نجحت في استعادة نفوذها في أفغانستان بعد سيطرة طالبان على الحكم في أغسطس الماضي عقب انهيار القوات الحكومية المدعومة من الغرب.

وحضر ممثلون عن الهند وإيران وروسيا وكازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان الحوار الأمني الإقليمي بشأن أفغانستان في نيودلهي، والذي عُقد بعد مرور ثلاثة أشهر على انسحاب القوات الأميركية والغربية من كابول.

أجيت دوفال: للتطورات في أفغانستان تداعيات على جيرانها والمنطقة
أجيت دوفال: للتطورات في أفغانستان تداعيات على جيرانها والمنطقة

وقال أجيت دوفال أبرز مستشار أمني للحكومة الهندية “كنا جميعا نراقب عن كثب التطورات في هذا البلد. ولهذه التطورات تداعيات مهمة ليس فقط على شعب أفغانستان ولكن أيضا على جيرانها وعلى المنطقة”.

واستعادت باكستان نفوذها في كابول منذ الإطاحة بالحكومة المدعومة من الغرب في أغسطس، وتأمل طالبان في جذب استثمارات من الصين لإعادة بناء اقتصادها الذي انهار بعد وقف المساعدات الغربية.

وغابت الدولتان عن اجتماع نيودلهي، فتذرعت الصين بأن لديها ارتباطات أخرى في هذا الموعد، في حين قاطعت باكستان الاجتماع واتهم مستشار الأمن القومي الباكستاني مؤيد يوسف الهند الأسبوع الماضي بأنها الطرف “المفسد” في المنطقة.

وعقدت الهند أول اجتماع رسمي لها مع مسؤولي طالبان الشهر الماضي في قطر، واجتمع عدد من ممثلي الحكومات المشاركة في المؤتمر كذلك مع حكام طالبان الجدد.

ويقول خبراء أمنيون مستقلون ودبلوماسيون هنود سابقون خدموا في أفغانستان في السنوات القليلة الماضية إن التعامل مع طالبان مطلوب لمعادلة نفوذ باكستان والصين في أفغانستان.

ولم يتضح ما إذا كانت الهند قد دعت طالبان لحضور الاجتماع.

وبدأ أمير خان متقي القائم بأعمال وزير الخارجية في حكومة طالبان زيارة تستمر ثلاثة أيام إلى باكستان الأربعاء. وأبدى متحدث باسم طالبان في كابول تفاؤله بشأن اجتماعات عقدت في إسلام آباد وموسكو وطهران ونيودلهي، قائلا إنها أظهرت أهمية أفغانستان في المنطقة.

وقال المتحدث باسم حركة طالبان ذبيح الله مجاهد “نحن متفائلون لأن المنطقة بأسرها تحتاج إلى استقرار وأمن أفغانستان (…) الاجتماعات التي ستعقد تمهد الطريق للتفاهم ونأمل أن تكون مفيدة لأفغانستان”.

وتعهد مانحون دوليون في الأسابيع القليلة الماضية بمساعدات تزيد قيمتها على 1.1 مليار دولار لأفغانستان. ويفر الآلاف من الأفغان من البلاد يوميا هربا من الفقر والجوع اللذين تفاقما منذ تولي طالبان السلطة.

خطوة تعكس سعي الهند للتخفيف من استيلاء حركة طالبان على الحكم في كابول
خطوة تعكس سعي الهند للتخفيف من استيلاء حركة طالبان على الحكم 

وتأتي هذه التطورات في وقت لا تُخفي فيه نيودلهي مخاوفها من سيطرة طالبان على الحكم في أفغانستان وعواقب ذلك على إقليم كشمير المتنازع عليه مع باكستان والذي كان قد شهد بالفعل هجمات مؤخرا.

ويشكل المسلمون غالبية في هذا الإقليم الذي كثف فيه المتمردون من هجماتهم التي تستهدف قوات الأمن الهندية في وقت سابق.

وقتل في الشهرين الماضيين حوالي أربعين شخصا في عمليات إطلاق نار واشتباكات في المنطقة الواقعة في منطقة الهملايا.

ودعا رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في وقت سابق إلى جهود دولية لمنع أفغانستان من التحول من جديد إلى ملاذ “للتطرف والإرهاب”.

وإقليم كشمير مقسوم بين الهند وباكستان منذ استقلال البلدين عام 1947. ويطالب كلاهما بالسيطرة عليه بالكامل، ما تسبب في اثنتين من الحروب الثلاث التي دارت بينهما.

ولم تنسب نيودلهي صراحة مسؤولية التصعيد الأخير إلى سيطرة طالبان على أفغانستان، لكنها كثفت دورياتها في محيط الشطر الباكستاني من كشمير وعززت بعض المخيمات العسكرية، وفق ما أفاد سكان وضباط أمن طالبين عدم ذكر أسمائهم.

خبراء أمنيون مستقلون ودبلوماسيون هنود سابقون خدموا في أفغانستان في السنوات القليلة الماضية يقولون إن التعامل مع طالبان مطلوب لمعادلة نفوذ باكستان والصين في أفغانستان

وطرح مودي مخاوف الهند على الرئيس الأميركي جو بايدن. وأعلن خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر أنه يجب عدم السماح لأي بلد باستخدام الهند “أداة لتحقيق مصالحه الخاصة الأنانية”، ما اعتبر موجها ضمنا إلى باكستان الداعم الأساسي لحركة طالبان خلال حكمها السابق بين 1996 و2001.

وإن كانت إسلام آباد قد امتنعت هذه المرة عن الاعتراف بحكم طالبان الجديد، فإن نيودلهي تتهم باكستان بتحريك مجموعتي “عسكر طيبة” و”جيش محمد” المتمركزتين على أراضيها واللتين تنسب إليهما العديد من الهجمات في كشمير، وهي اتهامات تنفيها باكستان.

وساندت الهند النظام الشيوعي في كابول إلى أن أطاحه المجاهدون عام 1992. وفي العام 2001 ساعدت الهند القوات الدولية بقيادة أميركية التي غزت البلاد وطردت حركة طالبان من السلطة، وكانت من أكبر الجهات المانحة للحكومة التي أسقطها الإسلاميون المتطرفون في أغسطس.

وقاتل ناشطون أفغان إلى جانب متمردي كشمير في الثمانينات والتسعينات. وقال مقاتل سابق من كشمير إن حوالي عشرين أفغانيا من “الضيوف المجاهدين” قتلوا وأسر عشرة آخرون.

وتخشى الهند دخول أسلحة ومقاتلين من جديد إلى المنطقة. وقال رئيس هيئة أركان القوات الهندية الجنرال مانوج موكوند نارافان “ما يمكننا قوله لدى استخلاص العبر من الماضي هو أنه حين كان نظام طالبان السابق في السلطة واجهنا بالتأكيد في ذلك الوقت إرهابيين أجانب من أصل أفغاني في جامو وكشمير”. وتابع “هناك بالتالي ما يدعو إلى الاعتقاد بأن هذا قد يتكرر”.

ومن المستحيل تنظيم احتجاجات في كشمير بسبب القيود التي تفرضها الهند منذ أن ألغت الحكم شبه الذاتي في المنطقة عام 2019. غير أن البعض في كشمير رحبوا بصمت بانتصار طالبان متطلعين بدورهم إلى تحقيق انتصار.

5