أهلا بالوحدة العربية

في عالمنا العربي دول منشغلة بسياسات كلها شعارات رنانة لا تجلب خبزا ولا غذاء ولا توفر رعاية صحية ولا اجتماعية، ودول تتوجه نحو المريخ وتقيم مشاريع عالمية.
الخميس 2021/11/11
مشاريع عالمية برؤية عربية

يمكننا التحدث مطولا عن الآمال في أمة عربية قوية تسير نحو المستقبل بحيوية، وترتقي سلّم المجد الحضاري بمهارة، ويمكننا التحدث عن أحلام الوحدة العربية والتطلعات القديمة الجديدة في هذا السياق، لكن الواقع العربي ينبئ بحالة أعمق تقود نحو الاختلافات ونحو التباعد، ولا سبيل لتأسيس منظمة أو مشروع وحدوي أو اتحادي إلا بفهم تلك الخلافات وجميع الأسباب التي تؤدي إلى التباعد بدلا عن التقارب.

أحد أهم تلك الأسباب التفاوت الواضح بين الدول العربية من الناحية الاقتصادية وأثر هذا التفاوت في عدة مجالات مثل العلوم والمجتمع والتطور التقني والمعرفي.

توجد دول ومجتمعات ترتفع فيها أهمية القراءة والكتابة، وهناك دول أخرى هاجسها القضاء على أمية التقنيات الحديثة، بينما توجد دولة تكافح من أجل توفير الحد الأدنى من الرعاية الصحية، وهناك دول ترسل لشعبها رسائل تذكير لأخذ الأدوية وترتيب مواعيد آليا للناس لزيارة ومراجعة عيادة طب الأسرة.

وتوجد دول يحدث فيها هروب للأطفال من مقاعد الدراسة والتوجه إلى سوق العمل المضني المتعب والشاق بسبب شظف العيش وقلة الحيلة، وهناك دول سنّت قوانين تعاقب أولياء الأمور وتحاكمهم إن لم يلتحق أطفالهم بالمدرسة.

في عالمنا العربي دول منشغلة بسياسات كلها شعارات رنانة لا تجلب خبزا ولا غذاء ولا توفر رعاية صحية ولا اجتماعية، ودول تتوجه نحو المريخ وتقيم مشاريع عالمية، بينما دول تتعثر فيها وسائل المواصلات وما تزال الحيوانات تعمل مع الإنسان في الحرث والزرع.

توجد دول صحراوية حولت صحاريها إلى جنات من المزارع والثمار، ولديها شبكة من الطرقات الحديثة ومطاراتها وجهة عالمية تجاوزت مطارات غربية عريقة..

إذا تم فهم هذه الهوّة الحضارية بين مختلف الدول والمجتمعات العربية، نفهم بعض أسباب كل هذه الخلفيات وحجم هذا التباعد.

هناك من يرفع الشعارات الرنانة ويريد من الجميع أن يوافق عليها ويؤيدها، وإن لم تؤيد، فأنت عدو ستُصبّ عليك اللعنات، ولدينا أمثلة وشواهد عديدة.

توجد دول تدخل في معارك وصراعات سببت حروبا وسفكا للدماء ومعاناة بالغة للناس، وتريد من دول مستقرة ومتطورة وتهتم بالتنمية والإنسان أن تشاركها معاركها في قتل السعادة والإنسان، وإن لم تشارك فهي عدوّة للأمة العربية وقضاياها المصيرية.

هذا هو الحال، تفاوت في الاهتمامات والغايات والأهداف، واختلاف في النظرة إلى الحياة وكيفية التعامل مع الآخر.

لم يعد من المقبول القول بأن دول الخليج ساعدتها الثروة النفطية، لأن المشاريع الخليجية والمساعدات والتبرعات لبعض الدول العربية كانت ستستمر وتتواصل وتتزايد وتكون شريكة في التنمية والتطور لو أنها اتحدت بالعاطفة فقط، لو أنها تضامنت مع هدف الحياة وبث السعادة، ولو أنها أرادت بناء مدارس ومستشفيات.

وفي الجانب الآخر لا توجد دولة عربية فقيرة من الموارد الطبيعية والخيرات؛ إذن المشكلة عدم التخطيط الجيد المبتكر، وعدم وضع أهداف حقيقية تخدم الناس وتستهدف النماء والرخاء البشري، فقد استبدلت كل هذه البديهيات بالشعارات الرنانة والقيم الكاذبة والحروب الزائفة.

20