"نبت غريب" رواية أردنية بطابع سينمائي

عمان - يقدم الروائي الأردني ياسر قبيلات في روايته “نبت غريب” سيرة جماعة، يقوم المكان بما فيه من تفاصيل وتغيرات وتضاريس بدور محوري في أحداثها، ويمتزج الإطار الفني خلالها بالإسقاطات التي توجّه القارئ إلى ما يتجاوز الملامح المباشرة لشخصيات الرواية وأحداثها.
واتخذت الفصول في الرواية، طابعا سينمائيّا يعاين القارئ من خلاله تفاصيل المشهد، ويعيش تقلّباته ومفاجآته.

حكاية صراع أجيال بين الماضي والحاضر
تدور الحكاية في الرواية، الصادرة عن “الآن ناشرون وموزعون” في 532 صفحة، حول قبيلة تعاني شظف الحياة في بيداء لا تستقر على حال، فتخوض صراعات مع محيطها، وفي ما بين أفرادها، قبل أن يظهر في أرضها نبت غريب، وأشخاص قادمون من خارج الديار، ما يضع القبيلة أمام أسئلة مصيرية تجعلها على مفترق طرق يشتبك فيه مخزونها التراثي الذي يشدها إلى الأصول، مع رغبة جزء من أجيالها الجديدة في الانعتاق والولوج إلى عالم يقدم لهم إغراءات متواصلة.
ووسط الرموز التراثية وعالم الغيبيات والسحر والخطر القادم من المجهول، تمتد أحداث الرواية التي جاء على غلافها الأخير أنها “تستحضر التفاصيل البكْر للمكان لتثير في نفس القارئ المتمرس على تلك التفاصيل شوقا لا حدود له. بيدَ أنها لا تكتفي بذلك، فقد انقضى عهد الفن من أجل الفن منذ زمن بعيد؛ إنها إذ تستحضر المكان وتنعش الذكريات، ترتقي بهما وبما يثيرانه من حنين، لتوجّه الأنظارَ إلى فحوى الكلام التي أراد النصُّ الإفصاحَ عنها”.
ومن ثم فإن الرمز الذي تتكئ عليه الرواية يحافظ على جمال الحكاية، وينبّه إلى أصالتِها، ويضفي على السَّرد فيها سمةَ المفاجأة، ويشدُّ القارئَ فيلاحظ أنَّ الأحداث لا تتوقَّف عن التَّوالد، والشَّخصيات ترسل رسائلَها، بينما النَّبتُ الغريبُ يتغلغل في الخفاء إلى أن لا يسْلم منه شبر من الأرض.
وفي نصّ تأسيسي جاء في مقدمة الرواية، ما يضع القارئ أمام الجو العام الذي يأخذه في مساحات غامضة تتطلب منه قدرة على فك التشابكات، تقول الرواية تحت عنوان “لعب”، “الطفل ذو الأعوام الخمسة، الذي أجهد نفسه باللعب طوال النهار، لم يدرك إلى اليوم ما الذي حدث معه على وجه اليقين وكيف حدث. وما تزال طفولته تغلبه فيظنُّ أن في الأمر سحرا وغموضا وعجائب دنيوية. ولم يكن قد حدث شيء على وجه التحديد، سوى أن الطفل ذا الأعوام الخمسة، الذي غفا ذات يوم بعد أن أجهده اللعب، أفاق على نفسه شيخا طاعنا، يودّع خريف العمر”.
إنها حكاية صراع أجيال بين الماضي والحاضر، بين متشبثين بالعادات كما هي وبين راغبين في التمرد عليها، ولا يأخذ الكاتب موقفا يناصر طرفا على الآخر وإنما يترك الحكم معلقا فيما يستعرض التصادم بين الشباب وآبائهم.