جامعة الدول العربية تدخل على خط الأزمة السودانية

الخرطوم – فرّقت قوات الأمن السودانية الأحد متظاهرين مناهضين للانقلاب في الخرطوم بإطلاق قنابل غاز مسيّل للدموع، في اليوم الأول من حملة عصيان مدني جديدة ضد الجيش الذي سيطر على الحكم منذ الانقلاب الذي نفّذه في أكتوبر، فيما يكثّف مفاوضون من جامعة الدول العربية وجنوب السودان والأمم المتحدة اللقاءات مع الطرفين المدني والعسكري لحلحلة الأزمة، إلا أنّ مهمّتهم معقّدة.
وأعربت جامعة الدول العربية الأحد عن أهمية اعتماد الحوار كوسيلة للتعامل مع الأزمات التي تطرأ خلال عملية الانتقال الديمقراطي في السودان.
والتقى قائد الجيش السوداني الفريق ركن عبدالفتاح البرهان في العاصمة الخرطوم الأحد مع وفد لجامعة الدول العربية برئاسة أمينها العام المساعد حسام زكي.
وقال زكي إن “الوفد نقل رسالة شفهية من الأمين العام للجامعة أحمد أبوالغيط تؤكد دعم جامعة الدول العربية للتحول الديمقراطي في السودان”.
وأدانت دول ومنظمات إقليمية ودولية عديدة إجراءات الجيش السوداني، ودعت إلى استكمال المرحلة الانتقالية، فيما تشهد البلاد احتجاجات مناهضة للانقلاب العسكري.
وكان متظاهرون مناهضون للانقلاب أغلقوا ليل السبت – الأحد بعض الشوارع الرئيسية في العاصمة الخرطوم ومدينتي بحري وأم درمان. وصباح الأحد فتحت بعض المتاجر أبوابها وبقيت أخرى مغلقة في الخرطوم.
ويريد السودانيون أن يُسمعوا صوتهم من خلال “إضراب عام” أو تظاهرات ضخمة، فيما تتواصل بعيدا عن الشارع وخلف أبواب مغلقة المفاوضات بين العسكريين والقادة المدنيين والوسطاء المحليين والدوليين لإيجاد حلّ للأزمة.
ولم تفضِ الوساطات حتى الآن لا إلى تشكيل حكومة جديدة ولا إلى عودة الحكومة التي أطاحها فجأة قائد الجيش السوداني البرهان ولا إلى تبني موقف واضح بشأن استئناف الانتقال الديمقراطي الذي بدأ عقب سقوط الرئيس السابق عمر البشير عام 2019.
وأعلن تجمع “المهنيين السودانيين”، قائد الحراك الاحتجاجي في البلاد، السبت عن مقترح إعلان سياسي يشمل تشكيل سلطة انتقالية مدنية مدتها 4 سنوات، واختيار شخصية مستقلة لرئاسة الحكومة، ومجلس وزراء من كفاءات، وتشكيل برلمان خلال شهرين، وإلغاء الإعلان الدستوري، إلا أن المقترح لم يلق تجاوبا من قبل قائد الجيش.
وينص المقترح على “استكمال الانتقال المدني الديمقراطي بالمقاومة السلمية للانقلاب، وتشكيل سلطة انتقالية مدنية مدتها 4 سنوات وإلغاء الوثيقة الدستورية الموقعة عام 2019، وما تأسس عليها”.
كما يشمل المقترح “اختيار شخصية وطنية مستقلة لرئاسة مجلس الوزراء من قبل القوى الموقعة على الإعلان وميثاق استكمال ثورة ديسمبر (التي أطاحت بالبشير)، والتي تُفوض لاختيار مجلس وزراء لا يتجاوز العشرين عضوا من كفاءات وطنية ملتزمة وذات موقف سياسي ووطني متسق مع ثورة ديسمبر وأهداف التغيير الجذري دون محاصصة حزبية”.
كما ينص المقترح على أن “يكون مجلس الوزراء مسائلا أمام البرلمان، وأن تتوافق القوى الموقعة على الإعلان والميثاق على اختيار مجلس سيادي مدني مصغر لا يتجاوز الخمسة أعضاء بصلاحيات تشريفية”.
وينص أيضا على “تشكيل المجلس التشريعي خلال شهرين عبر اختيار القوى الثورية القاعدية في 189 محلية بالبلاد لشخصيات تمثلها، إلى جانب 61 مقعدا مخصصا للتمثيل النوعي (النقابيين والمهنين والكائنات المطلبية والفئوية الأخرى) بما يضمن التمثيل العادل للشباب والمرأة”. إضافة إلى “الشروع في الإعداد لانتخابات عامة شفافة ونزيهة بنهاية الفترة الانتقالية يختار عبرها السودانيون من يحكمهم وتكون انطلاقة للتداول السلمي الديمقراطي للسلطة”.
ويطالب كذلك بـ”إعادة هيكلة القوات المسلحة عبر تغيير عقيدتها لتتماشى مع دورها في حماية الوطن والدستور، وتصفية جهاز أمن حكومة الرئيس المعزول عمر البشير، وتأسيس جهاز أمن قومي جديد مهمته جمع وتحليل المعلومات التي تهم الأمن الوطني وتقديمها للجهات العدلية والتنفيذية”.
ومنذ أغسطس 2019 كان يحكم السودان مجلس سيادة مشترك بين مدنيين وعسكريين كجزء من الانتقال نحو حكم مدني كامل، لكنّ كثرًا يعتبرون اليوم أن مثل هذه الشراكة باتت مستحيلة.