الغاز مازال يحفز أوروبا على محاربة الجهاديين في غرب أفريقيا

الاتحاد الأوروبي يدرب القوات المحلية في موزمبيق على مواجهة الإرهاب.
الجمعة 2021/11/05
أمن هش

مازالت استثمارات الغاز في غرب أفريقيا تغري دول الاتحاد الأوروبي على دعم دولة مثل موزمبيق في مواجهة الجهاديين، حيث قررت تكثيف تدريباتها العسكرية لقواتها المحلية لاسترجاع الأمن من جهة، ولحماية حقول الغاز من خطط التنظيمات الإرهابية من السيطرة عليها من جهة أخرى.

مابوتو - أعلنت موزمبيق أنّ بعثة عسكرية تابعة للاتّحاد الأوروبي بدأت تدريب وحدات من جيشها على محاربة الجهاديين الذين يبثّون الرعب منذ أربع سنوات في شمال شرق البلاد الغنيّ بالغاز، في خطوة تؤكد حرص الغرب على إعادة الاستقرار لغرب أفريقيا حفاظا على استثماراته في هذا المجال في المنطقة بالرغم من التحديات الأمنية.

وأوضح قائد القوات المسلّحة الموزمبيقية يواكيم مانغراس لوسائل إعلامية الأربعاء، في العاصمة مابوتو، أنّ “العسكريين الذين سيتدرّبون هنا سيكونون قادرين على الذهاب في مهمّة”.

وكان الاتّحاد الأوروبي أرسل إلى موزمبيق في سبتمبر 1100 عسكري في مهمة تستمرّ عامين لتدريب وحدات التدخّل السريع على قتال الجهاديين.

كما سيزوّد الاتّحاد الأوروبي الجيش الموزمبيقي بأسلحة غير فتّاكة.

وستدوم ولاية البعثة في البداية سنتين. وخلال هذه الفترة، سيكون هدفها الاستراتيجي دعم بناء قدرات وحدات القوات المسلحة الموزمبيقية التي ستكون جزءا من قوة الرد السريع في المستقبل.

وستوفر البعثة، على وجه الخصوص، تدريبا عسكريا يشمل الإعداد للعمليات، وتدريبا متخصصا في مجال مكافحة الإرهاب، وتدريبا وتثقيفا بشأن حماية المدنيين والامتثال للقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان.

وبعد ضغوط إقليمية أذعنت حكومة الموزمبيق في نهاية المطاف من أجل السماح لقوات أجنبية بالمشاركة في قمع التمرد الجهادي شمالي البلاد والذي يهدد الاستقرار الإقليمي بأسره. وحتى الأشهر القليلة الماضية رفضت مابوتو المساعدة العسكرية الأجنبية بسبب حسابات سياسية وعرقية.

البعثة الأوروبية ستوفر تدريبا عسكريا يشمل الإعداد للعمليات وتدريبا في مجال الإرهاب، وتثقيفا بشأن حماية المدنيين

وأجبرت الهجمات الجهادية الدامية الحكومة الموزمبيقية على التخلي عن المحظورات السياسية والسماح بتواجد قوات عسكرية أجنبية على أراضيها من أجل مواجهة خطر جهادي يتهدد الاستقرار الإقليمي الهش.

واضطر الجيش الموزمبيقي الذي عجز عن دحر داعش لطلب الاستعانة الخارجية من دول مثل الولايات المتحدة وجنوب أفريقيا إضافة إلى الدول الأوروبية.

وطلبت موزمبيق المساعدة في الأمور اللوجستية والتدريبات والمساعدات الإنسانية بسبب قلة الإمكانيات قياسا بالخبرات التي اكتسبتها حكومات دول الشطر الشمالي للقارة الأفريقية في معاركها ضد جماعات أخرى تتقاسم معها نفس الميول.

ووافق الأوروبيون العام الماضي على المساعدة في “تعزيز قدرة” حكومة موزمبيق في حربها ضد الإرهاب، وقال سفير الاتحاد في موزمبيق أنطونيو سانشيز في تصريحات سابقة إن “الاتحاد الأوروبي أعطى ردا إيجابيا لطلب موزمبيق للمساعدة”.

لكن برأي محللين، فإن قبول مابوتو بالمساعدة العسكرية من الدول الأخرى جاء متأخرا وهو ما يجعل العملية بطيئة، الأمر الذي يجعل الجماعات الجهادية خطرا أمنيا أكبر لمشاريع الغاز الطبيعي المسال.

وتوشك موزمبيق أن تتحول إلى مركز عالمي لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي في جنوب شرق القارة الأفريقية بعدما توقع خبراء اقتصاديون أن تتصدر المشهد العالمي للطاقة، قريبا، بفضل الاكتشافات الهائلة للغاز.

وبعد أن كانت مجموعات مثل “أنصار السنة” أو “حركة الشباب” تعتمد في هجماتها على أسلوب حرب العصابات بشكل أساسي، التحق بها داعش في 2019 وطور أساليبها في القتال، وأصبحت تسعى للاستيلاء على المدن وحقول الغاز.

ويؤكد المتابعون أن سيطرة داعش على مدينة بالما (شمال شرق)، عاصمة الغاز في موزمبيق، تشكل أكبر تهديد ليس فقط لأمن البلاد واقتصادها، بل لمصالح كبرى الشركات العالمية للطاقة، سواء الأميركية منها أو الفرنسية أو الإيطالية أو الصينية وحتى اليابانية، والتي استثمرت مجتمعة نحو 60 مليار دولار لاستغلال حقول الغاز.

Thumbnail

وأكثر ما تخشاه الدول الغربية وخاصة الشركات التي استثمرت عشرات المليارات من الدولارات أن يستولي داعش على المنشآت الغازية في موزمبيق، وتصبح له قوة مالية يمكن أن يستخدمها في شراء الأسلحة وتجنيد المزيد من العناصر، بل وتأسيس إمارة له في محافظة كابو ديلغادو على الحدود مع تنزانيا.

ويستنتج المتابعون أن السعي للحفاظ على استثماراتها في الطاقة يدفع أوروبا إلى الإصرار على محاربة الجهاديين في غرب أفريقيا.

وتكافح الحكومة الموزمبيقية، التي تعاني من ضائقة مالية شديدة، لتوسيع قدرات القوات المسلحة الدفاعية الموزمبيقية للتعامل مع التهديد دون تعريض قدرة الجيش للخطر، لكن القوات المسلحة الموزمبيقية أخفقت إلى حد كبير في عرقلة سيطرة الجهاديين على أجزاء واسعة في الشمال.

ومنذ نهاية 2017 تزرع جماعات جهادية مسلّحة الرعب في كابو ديلغادو، المقاطعة الفقيرة وذات الغالبية المسلمة والحدودية مع تنزانيا لكن الغنية بالغاز الطبيعي.

وأسفرت أعمال العنف في هذه المقاطعة عن مقتل 3340 شخصا على الأقل وأجبرت أكثر من 800 ألف شخص على مغادرة منازلهم.

وفي وقت سابق من هذا العام أرسلت البرتغال والولايات المتّحدة إلى موزمبيق وحدات خاصة في مهمة تدريبية.

وفي المجموع، هناك أكثر من 3100 عسكري أجنبي من دول أفريقية وأوروبية والولايات المتحدة يتمركزون في مقاطعة كابو ديلغادو.

وكانت رواندا أول دولة أفريقية ترسل قوات إلى موزمبيق وذلك في يوليو.

وفي مطلع أكتوبر قرّرت الدول الستّ عشرة المنضوية في مجموعة تنمية الجنوب الأفريقي تمديد مهمّة القوة الإقليمية المنتشرة في المقاطعة منذ يوليو والتي كان يفترض أن تنتهي في الخامس عشر من أكتوبر.

وأعلنت القوات الرواندية انتصاراتها الأولى في مطلع أغسطس، مؤكّدة خصوصا أنّها دحرت الجهاديين من ميناء موسيمبوا دا برايا الاستراتيجي.

5