المياه سلاح الفصائل الموالية لتركيا ضد أكراد سوريا

الحسكة (سوريا) – تستخدم فصائل موالية لتركيا في شمال سوريا مياه نهر الخابور كسلاح حرب للضغط على المناطق التي تسيطر عليها الإدارة الذاتية الكردية.
وجاء في تقرير لمنظمة “باكس” الهولندية لبناء السلام أن “الجيش الوطني السوري”، الذي تنضوي فيه الفصائل الموالية لأنقرة، استحدث سدودا على نهر الخابور الذي يمر في قرى عدة في شمال شرق سوريا قبل أن يكمل جنوبا ويصب في نهر الفرات في محافظة دير الزور (شرق).
وتسيطر تلك الفصائل بدعم من القوات التركية على مناطق حدودية واسعة في شمال سوريا بعد هجمات عسكرية استهدفت أساسا وحدات حماية الشعب الكردية، العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية التي تعتبرها أنقرة منظمة إرهابية.
ووجد التقرير، الذي اعتمد على العمل الميداني وصور أقمار اصطناعية، أن وضع تلك الفصائل لسواتر على نهر أساسي في وقت واجهت فيه المنطقة فصل الصيف الأكثر جفافا يُعد “مثالا لا لُبس فيه على استخدام المياه كسلاح حرب”.
استحداث الفصائل الموالية لتركيا سدودا على نهر الخابور يعد مثالا لا لبس فيه على استخدام المياه كسلاح حرب
وأظهر التقرير أن السدود الثلاثة فاقمت تداعيات الجفاف القاسي الذي تشهده المنطقة. وأضاف أن “تأثير الحرارة الشديدة تضخّم جراء كميات أمطار محدودة، ما يعني أن لدى المجتمعات الزراعية مياها أقل من أي وقت مضى وفي أكثر وقت تحتاج إليها”.
وأظهرت الصور التي نشرتها باكس السدود الثلاثة، وقد تم بناء السد الأول في 22 مايو من العام الحالي.
ويمتد نهر الخابور على طول 320 كيلومترا، ويعد أحد روافد نهر الفرات. وينبع في تركيا ويمر في محافظة الحسكة التي تعد السلة الغذائية لسوريا.وحُرمت الآلاف من الأسر، وفق التقرير، من الوصول إلى المياه بسبب بناء السدود فيما يعد خرقا واضحا للقانون الإنساني الدولي.
ويورد التقرير أنه “يمكن أن يكون ذلك إجراء مدروسا تستخدمه (فصائل) ‘الجيش الوطني السوري’ بهدف تجويع السكان المدنيين والتسبّب في تهجيرهم قسرا كأسلوب من أساليب الحرب”.
وتحضّ المنظمة في توصياتها المجتمع الدولي على حثّ تركيا على ضمان وصول جميع المدنيين إلى مياه الخابور.
ويأتي هذا في وقت تتقاطع الأنباء حول وجود نية تركية لشن هجوم عسكري في شمال سوريا، فيما كشفت وسائل إعلام روسية عن تحضيرات يقوم بها الجيش التركي للبدء بعمليتين عسكريتين متزامنتين في سوريا قد تنطلقان في أيّ لحظة.
وتستعد الفصائل السورية المعارضة المدعومة من أنقرة لشن عمليتين عسكريتين في آن واحد، إحداهما في محافظة إدلب بغية دعم التشكيلات المسلحة المتواجدة هناك والثانية في شمال شرق البلاد ضد قوات سوريا الديمقراطية ذات الأغلبية الكردية.

وشنّت أنقرة والفصائل السورية الموالية لها ثلاث عمليات واسعة النطاق في السنوات الأخيرة (2016 و2017 و2018 وأكتوبر 2019) على طول حدودها مع سوريا، حيث يعيش عدد كبير من الأكراد، لطرد وحدات حماية الشعب الكردية، العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية، التي تعتبرها أنقرة امتدادا لحزب العمال الكردستاني، لكنها مدعومة من الولايات المتحدة.
ويرى خبراء أن أنقرة تريد تحييد تهديد الأكراد الذين استقروا في شمال سوريا. وكان الأتراك سيطروا بين عامي 2016 و2019، على العديد من المناطق هناك، وهم يسيطرون اليوم على الحدود من بندر خان إلى رأس العين، وكذلك من جرابلس إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط.
ومع ذلك ، فإن المنطقة الواقعة بين جرابلس وبندر خان كانت في أيدي وحدات حماية الشعب الكردية منذ سنوات عديدة.
ومن الأهداف الرئيسية للعملية المقبلة بلدة كوباني الحدودية على بعد 415 كيلومترا شمال شرق دمشق. ويدافع الأكراد عن هذه المدينة منذ عام 2012، ضد داعش أولا، ثم ضد الجيش التركي.
ويفترض هؤلاء أن أنقرة تسعى للسيطرة على المنطقة الواقعة جنوب كوباني من أجل ربط المنطقتين الخاضعتين لسيطرتها ولتحصل على موطئ قدم في شمال سوريا. والهدف الثاني الأقل وضوحا لأنقرة هو تغطية وكلائها في إدلب من ضربة محتملة لدمشق.