تحت خيمة العربي

ما الذي تغير في العقلية العربية حتى أصبحنا أمة ممزقة، حتى أن المبادئ التي قامت عليها حضارتنا تواجه الانهيار والاندثار؟
الخميس 2021/11/04
أمة عربية تعاني الإنقسام والانهيار

عرف عن المستشرق الفرنسي أنطوان إيزاك سِلفستر دي ساسي‏ أنه أستاذ في اللغات الشرقية وخاصة العربية، وقد عمل في معهد اللغات والحضارات الشرقية في باريس، ودرس اليونانية واللاتينية ثم العربية والعبرية، وحسب موقع ويكيبيديا، فإن لقبه البدوي كان شيخ المستشرقين الفرنسيين.

هذا المستشرق الذي أفنى عمره يدرس الحضارة والمجتمعات العربية توفي في عام 1838 وترك الكثير من الكتب.

لهذا المستشرق كلمة معبرة عن العرب جاء فيها “تحت خيمة العربي يحترم الوعد المقطوع”، وبطبيعة الحال هو يتحدث عن جانب أخلاقي ومبدأ متأصل في العقلية العربية.

وكثير من المستشرقين تحدثوا عن جوانب تتعلق بالكرم والشجاعة والوعد والإنصاف والعهد عند الشعوب العربية. الآن وبعد أكثر من 180 عاما على وفاته، أعتقد أن هناك من قد يختلف مع البعض من تلك المفاهيم، حيث يعتبر أنها لا تنطبق على السواد الأعظم من العرب، فالوعود لا يُلتزم بها، والمواثيق لا تحترم، والوفاء يكاد يكون عملة نادرة.

ما الذي تغير في العقلية العربية حتى أصبحنا أمة ممزقة، حتى أن المبادئ التي قامت عليها حضارتنا تواجه الانهيار والاندثار؟

أولا، لا يمكن أن نعمم مثل هذه الأحكام ونجعلها حقيقة عامة، دون شك توجد استثناءات، لكن الحالة العربية من التمزق والانهيار المعرفي والعلمي في كثير من البقع الجغرافية فضلا عن تواضع المنجزات الحضارية تجعل من الكثير من تلك البقاع من هذه الأمة مسرحا للتخلف والتراجع، وبالتالي بيئات خصبة لكل ما هو مشوه وغير حسن.

قيم مثل الأخلاق والقيم العربية الأصيلة كالوفاء بالوعود والأحلاف والمواثيق، جميعها واهنة ولا قيمة لها. لعل البعض سيجد في مثل هذه الكلمات قسوة غير مبررة، ولكننا عندما نرتشف الدواء في العادة لا يكون مستساغا ولا طيب المذاق.

أعود للإشارة إلى حالة العرب داخليا، وأقصد مع بعضهم البعض، وكل ما يصاغ من الأكاذيب ونشر الشائعات ضد مقومات أي بلد عربي آخر يسير نحو التطور والتقدم، بل لا يغذي وسائل الإعلام الغربية بمزاعم غير صحيحة ومعلومات مضللة عن هذا البلد أو ذاك إلا البعض من العرب الذين يخالفون جميع القيم العربية الأصيلة في النزاهة والحكمة وصدق القول.

صحافيون وكتّاب لا يعجبهم هذا البلد أو ذاك، وبسبب شخصي واهن، يقذفون ويُسخّرون أقلامهم للنيل من مقدرات أمة كاملة، وينكرون حقوق شعب كامل.

من هنا ندرك أن قيم الشهامة والنخوة والمروءة التي عرف بها العربي منذ القدم تآكلت وباتت ذكرى ولا أكثر.

واحدة من علاجات النهوض العربي الحديث هي علاج القيم المنهارة وبناء لبنة جديدة من المبادئ في العقلية العربية تقوم على العدالة والمصداقية والشفافية، وهي معان غابت لفترة ليست قصيرة عن العقل العربي، ولن تعود دون جهد حقيقي وعميق.

20