هجمات سيبرانية ضد إيران بدل الصدام العسكري

استهدفت الهجمات السيبرانية في السنوات الأخيرة البنى التحتية في إيران المنخرطة هي الأخرى في مجال الهجمات الإلكترونية ضد الولايات المتحدة، كمواجهة غير مباشرة بديلة عن الصراع العسكري الذي تتجنبه.
طهران – أعلن أبوالحسن فيروز آبادي أمين المجلس الأعلى للأجواء الافتراضية في إيران السيطرة على الهجوم السيبراني واسع النطاق الذي استهدف 4300 محطة وقود في البلاد الثلاثاء، فيما تتزايد الهجمات السيبرانية التي تستهدف بنية إيران التحتية وأصبحت بديلا عن الصدام العسكري.
واتهم فيروز آبادي دولةً أجنبية لم يسمّها بالوقوف وراء الهجوم السيبراني واسع النطاق الذي استهدف محطات التزود بالوقود المدعوم، وقال “رغم أنه تمت السيطرة على هذا الهجوم السيبراني إلا أنه خلق الكثير من المشاكل”.
وأضاف أنه من السابق لأوانه تحديد هذه الدولة والطريقة التي استخدمت في الهجوم.
وكانت مشكلة فنية أصابت نظام الدفع ببطاقات الدعم في محطات الوقود في أنحاء البلاد بحالة شلل الثلاثاء، وتسببت في تكدس المركبات أمام محطات الوقود.
وأثار توقف توزيع الوقود في المحطات ذهول السائقين في بلاد تعد من الأغنى عالميا بالنفط، وتوفر مشتقاته بأسعار مخفّضة ومدعومة.
ويستطيع الإيرانيون تزويد سياراتهم بالوقود بدون بطاقة الدعم، ولكن سعره يتضاعف في هذه الحالة.
وألمحت وكالة “فارس” الإيرانية المحسوبة على التيار المحافظ إلى أن يكون توقيت الهجوم مرتبطاً باقتراب ذكرى احتجاجات واسعة اندلعت في إيران منتصف نوفمبر 2019 إثر قرار بزيادة أسعار الوقود في خضم أزمة اقتصادية حادة.
وخلال هذه الحوادث التي تعاملت معها قوات الأمن بشدة ووصفتها الحكومة بأنها “أعمال شغب” دبّرها “أعداء” أجانب، أحرقت محطات وقود وبنوك، وتعرضت مراكز شرطة لهجمات ومحلات تجارية للنهب، كما قطع الاتصال بشبكة الإنترنت لنحو أسبوع.
وعلق الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الأربعاء على الهجوم الإلكتروني قائلا إنه كان يهدف إلى الإخلال بالنظام وإثارة غضب المواطنين.
وأضاف رئيسي في تصريحات لوسائل إعلام رسمية “علينا أن نكون مستعدين بجدية في مجال الحرب السيبرانية”.
وعادة ما يتهم الإيرانيون الولايات المتحدة وإسرائيل بالوقوف خلف هذه الهجمات، بينما يقول محللون إن الهجمات السيرانية وفرت مجالا بديلا للصدام العسكري الذي قد يؤدي إلى حرب لا تريد كل من واشنطن وطهران خوضها.
وارتفعت وتيرة الصراع السيبراني بين الولايات المتحدة وإيران منذ عام 2020 بشكل متزايد، إذ أقرت الحكومتان بوضع الهجمات السيبرانية في قلب استراتيجياتهما.
وشكلت إيران في الأعوام الماضية هدفاً لعدد من محاولات الهجمات المعلوماتية، وفي الثالث والعشرين من يوليو الماضي اعترفت وزارة الخارجية الإيرانية بأن الهجمات السيبرانية التي استهدفت بنية إيران التحتية ارتفعت خلال الشهور الماضية، وذلك بعد استهداف وزارة النقل الإيرانية.
وفي الشهر نفسه تأخرت خدمات القطار في إيران بسبب هجمات إلكترونية في ما يبدو، إذ تم وضع رقم هاتف مكتب المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي باعتباره رقم الاتصال للاستعلام.
وادعت إيران أنها استطاعت تحديد الجناة والجهات المطلقة لها، والتي كانت في بعض الحالات تابعة لجهات رسمية، حسب قولها.
وفي مايو 2020 تحدثت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية عن وقوف إسرائيل العدو الإقليمي اللدود لإيران خلف هجوم معلوماتي طال أحد الميناءين الواقعين في مدينة بندر عباس بجنوب إيران، وذلك رداً على ما قالت الصحيفة إنه هجوم إلكتروني إيراني على منشآت هيدروليكية مدنية إسرائيلية.
وفي فبراير من العام ذاته أعلنت وزارة الاتصالات الإيرانية أنها تمكنت من صد هجوم معلوماتي استهدف شركات مزودة لخدمات الإنترنت، وأدى إلى اضطراب الاتصال بالشبكة لنحو ساعة.
وفي أواخر 2019 أعلنت طهران تعرض مواقع حكومية لهجوم “شديد التنظيم”.
وأكد وزير الاتصالات محمد جواد آذري جهرمي حينها أن السلطات “حددت وصدّت” التهديد الإلكتروني دون أن يكشف عن هوية المهاجمين أو القطاعات المستهدفة.
وقال تقرير لموقع “إيران بريمر” إن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب منح وكالة الاستخبارات المركزية في سبتمبر 2018 مزيدا من الصلاحيات لشن هجمات إلكترونية على البنية التحتية المدنية الإيرانية.
وذكر التقرير أن الحملة الأميركية السيبرانية ضد إيران تعود إلى حملة سرية تدعى “عملية الألعاب الأولمبية” انطلقت في عام 2006 تحت إدارة الرئيس الأميركي الأسبق جوردج دبليو بوش من أجل استهداف قدرات إيران النووية.
وقد وسع باراك أوباما الحملة لتشمل استخدام الأسلحة الإلكترونية ضد منشآت التخصيب النووية الإيرانية. وفي عام 2010 زعمت إيران أن فايروس “ستاكسنت” الذي ضرب منشأة “نطنز” النووية صنعته إيران والولايات المتحدة.
وبعد أن أمر ترامب بتوسيع سلطة وكالة المخابرات المركزية “سي.آي.أي” لشن هجمات إلكترونية، كثفت الولايات المتحدة جهودها السيبرانية ضد إيران.
وفي يونيو 2019 ردت إدارة ترامب على إسقاط إيران طائرة بدون طيار أميركية من خلال هجمة سيبرانية على قاعدة بيانات خاصة بالحرس الثوري كانت تستخدم للهجوم على ناقلات النفط.
وهاجمتها الولايات المتحدة مرة أخرى في سبتمبر 2019 بعدما أطلقت إيران هجمات درونز وصواريخ كروز ضد منشأتين سعوديتين، وفي المقابل اخترقت إيران حسابات بريد إلكتروني وأهداف ناعمة أميركية.
وفي 2020 هاجم قراصنة إيرانيون أهدافا إلكترونية لحسابات مواطنين أميركيين، وقد أعلنت غوغل في يونيو 2020 أن إيران حاولت اختراق حسابات البريد الإلكتروني المرتبطة بحملة إعادة انتخاب ترامب.
وتعود الهجمات الإلكترونية الإيرانية ضد الولايات المتحدة إلى عام 2009 عندما قام ما يسمى بـ”الجيش السيبراني الإيراني” بتشويه صفحة تويتر الرئيسية ردا على تظاهرات الثورة الخضراء التي اندلعت في إيران احتجاجا على التزوير المزعوم في إعادة انتخاب الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد.
يذكر أنه في أكتوبر 2020 صادرت الولايات المتحدة 92 نطاقا إلكترونيا مملوكا للحرس الثوري الإيراني.
وقد تظاهرت أربعة مواقع على الإنترنت بأنها مؤسسات إخبارية حسنة السمعة لكنها في الحقيقة كانت تعمل على الترويج لـ”دعاية إيرانية للتأثير على السياسة الداخلية والخارجية للولايات المتحدة”.