سجل إيران من الإعدامات يفوق تقارير الأمم المتحدة

طهران – أظهرت تحقيقات المقرر الأممي لحقوق الإنسان جاويد رحمن، أن إيران أعدمت أكثر من 250 شخصًا، بينهم ما لا يقل عن أربعة أطفال في العام 2020 ونفذت هذا العام 230 عملية إعدام شملت تسع نساء إلى جانب طفل واحد تم إعدامه سرا، لكن التقرير لا يكشف كل الحقائق حول أعمال الإعدامات.
وقال رحمن الذي قدم تقريره أمام لجنة حقوق الإنسان التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، إن إيران تواصل تنفيذ عقوبة الإعدام “بمعدلات مقلقة، وأن نقص الإحصاءات الرسمية وانعدام الشفافية حول عمليات الإعدام يعنيان أن هذه الممارسة تنفذ بمنأى عن الأعين مما يؤدي إلى انتهاكات جسيمة تمنع المحاسبة”.
وتجري بعض المنظمات الحقوقية الدولية اتصالات بسجناء سابقين من أجل إعادة جمع الأدلة والشبهات، حول المجرى الذي تمت فيه عمليات الإعدام.
ويقول معارضون للنظام الإيراني إن ملف التحقيق يحتوي على شهادات من عناصر تابعة للنظام، بعضهم يعيش في الخارج.
وذكرت مصادر من داخل إيران أن عدد الذين تم تنفيذ أحكام الإعدام ضدهم خلال العام الماضي يزيد عن الرقم الذي كشفته الأمم المتحدة بنحو 175 حالة تم تنفيذها في عدد من سجون النظام الإيراني. وفي العديد من هذه الحالات تم دفن الضحايا سرا ولم يتم تسليم جثامينهم إلى ذويهم.
230 عملية إعدام
شملت تسع نساء إلى جانب طفل واحد تم إعدامه سرا هذا العام
وتشير المعلومات إلى أنه تم تنفيذ ما لا يقل عن 620 حكمًا بالإعدام في عهد إبراهيم رئيسي كرئيس للقضاء في النظام. وفي الفترة بين الثاني والعشرين من سبتمبر والثاني والعشرين من أكتوبر الجاري، أُعدم ما لا يقل عن واحد وثلاثين سجينًا في مدن إيرانية مختلفة.
ومنذ بداية العام الحالي وحتى نهاية سبتمبر الماضي، تم تنفيذ ما لا يقل عن 267 عملية إعدام في إيران، وهو ما يمثل زيادة ملحوظة مقارنة بالعام السابق. ومن بين الذين أُعدموا خلال هذه الفترة تسع نساء. وهي أعلى نسبة إعدام للنساء في العالم.
وكانت منظمة حقوق الإنسان الإيرانية أحصت ما لا يقل عن أربعة وستين يافعًا تم إعدامهم في إيران خلال السنوات العشر الماضية، أربعة منهم على الأقل عام 2020. وجرت العادة إذا اتهم طفل دون سن الـ15، بجريمة وحكم بالإعدام، فإن الحكم ينفذ بعد بلوغه سن الرشد.
وفي واحدة من أكثر الحالات إثارة للصدمة، تم إعدام امرأة تدعى زهرة إسماعيلي وهي ميتة في سجن جوهردشت في كرج، حيث أصيبت السجينة بنوبة قلبية وتوفيت قبل وقت قصير من إعدامها، لكن تم شنقها من قبل حراس السجن برغم موتها.
وكتب محامي زهرة إسماعيلي “شنق 16 رجلًا أمام عيني زهرة. وأصيبت بجلطة دماغية قبل ذهابها إلى حبل المشنقة وتوقف قلبها وماتت. ومع ذلك، قام الجلادون المسؤولون عن عمليات الإعدام بشنق جثتها الهامدة”.
ولا يزال المتظاهرون والمدافعون عن حقوق الإنسان والمحامون وأعضاء المجتمع المدني يواجهون الإذلال والاحتجاز التعسفي والمحاكمات الجنائية، الأمر الذي يؤدي في بعض الأحيان إلى تنفيذ عقوبة الإعدام بحقهم. ولا تزال النساء وأبناء الأقليات يواجهون أعمال تمييز منهجي تنطوي على انتهاكات جسدية مفزعة.
وكان من بين الذين نفذ ضدهم حكم الإعدام، أمير حسين مرادي ومحمد رجبي وسعيد تمجيدي لمشاركتهم في احتجاجات نوفمبر 2019. كما نفذت أحكام الإعدام ضد مصطفى صالحي ونافيد أفكاري في الخامس من أغسطس والثاني والعشرين من سبتمبر 2020 على التوالي.
ويعيش السجناء في إيران في ظروف سيئة للغاية. وفي الآونة الأخيرة، تم نشر مقاطع فيديو مسربة من سجن إيفين تكشف عن بعض أساليب سوء المعاملة والتعذيب للسجناء.
وقال التقرير الأممي “إن وباء كورونا يتفشى في سجون مزدحمة دون أماكن إقامة ومرافق صحية أساسية مما يشكل خطرًا إضافيًا على حياة السجناء”.
المتظاهرون والمدافعون عن حقوق الإنسان والمحامون وأعضاء المجتمع المدني لا يزالون يواجهون الإذلال والاحتجاز التعسفي والمحاكمات الجنائية
وأشار التقرير الأممي إلى جهود النظام لتدمير المقابر الجماعية لمذبحة العام 1988 في خاوران سعيا لإزالة آثار الجريمة.
وقال التقرير “تُظهر الأمثلة المبلغ عنها أن بعض الوفيات حدثت نتيجة التعذيب أو الحرمان من الحصول على الرعاية الطبية أو كليهما. وتشير التقارير إلى التعذيب على أيدي الشرطة والمخابرات وقوات الأمن الأخرى”.
وتُظهر الشهادات والصور والملفات الصوتية وأدلة الطب الشرعي حدوث عمليات ضغط جسدي ونفسي للإدلاء باعترافات قسرية في ظل غياب أدلة أخرى.
وقبل ثلاثة وثلاثين عامًا، في صيف عام 1988، تم إعدام 30 ألف سجين سياسي، 90 في المئة منهم أعضاء وأنصار مجاهدي خلق، بعد فتوى المرشد الأعلى روح الله الخميني دعت إلى تصفيتهم. وسرعان ما امتدت موجة إراقة الدماء إلى السجناء الآخرين.
ويواجه بعض المتهمين الذين شاركوا في هذه المجزرة، ممن فروا من إيران، المحاكمة في العاصمة السويدية ستوكهولم، حيث بدأت في العاشر من أغسطس 2021 محاكمة حميد نوري، التي من المنتظر أن تستمر حتى أبريل من العام المقبل.
وتشير بعض الشهادات التي حصلت عليها “العرب” إلى أن أعمال التعذيب والاستهانة بحياة السجناء، تمثل عملا منهجيا تمارسه سلطات السجون الإيرانية. وإذا توفرت أي شبهات بممارسة أعمال معارضة ضد النظام، فإن أحكام الإعدام هي الشيء الوحيد الذي يمكن أن ينتظره المتهمون.