معرض الكتاب السوري يهيئ مستقبلا أفضل لصناعة الكتب

بنكهة سورية خاصة ومميزة افتتحت مكتبة الأسد الوطنية في دمشق معرض الكتاب السوري الذي يقام للمرة الأولى بطابع مختلف عن دورات المعرض الدولي للكتاب، إذ تأجل الأخير نظرا إلى الظروف الصحية العالمية والتوقي من انتشار فايروس كورونا المستجد. ويشكل المعرض الذي تشارك فيه العشرات من دور النشر السورية العامة والخاصة فرصة لتقديم الكتاب السوري في مختلف المجالات ولكل الشرائح.
دمشق - افتتح مساء الثلاثاء معرض الكتاب السوري بعنوان “كتابنا غدنا” في مكتبة الأسد الوطنية بطابع مختلف عن دورات المعرض الدولي للكتاب نتيجة الإجراءات الحكومية التي تم اتخاذها من أجل التصدي لجائحة كورونا.
المعرض الذي يستمر إلى غاية السادس من نوفمبر تشارك فيه 48 دار نشر عامة وخاصة تقدم ما يناهز 5000 عنوان جديد في مختلف المجالات الثقافية والسياسية والاقتصادية والفكرية والأدبية.
طقس ثقافي وفكري

المعرض يرافقه برنامج ثقافي متنوع من عروض سينمائية وحفلات وندوات أدبية وفكرية وأخرى عن أدب الطفل
يشغل عالم الأطفال حضوراً خاصاً في المعرض إذ تشارك ضمن فعالياته 11 دار نشر مخصصة لهم، كما تشهد صناعة كتاب الطفل تجارب حديثة على مستوى الطباعة والألوان، بالإضافة إلى الأدوات والوسائل التعريفية التي تغني معرفتهم وتساهم في جذبهم إلى عالم القراءة واقتناء الكتب.
وفي تصريح صحافي ذكرت لبانة مشوح وزيرة الثقافة السورية أنه “خلال عشر سنوات لم تتوقف الثقافة في سوريا، ورغم الإرهاب والقتل والتدمير وما تتعرض له اليوم من حصار اقتصادي جائر إلا أنها مستمرة في عطائها والمثقفون مستمرون في إبداعاتهم”.
ولفتت وزيرة الثقافة إلى أن “مكتبة الأسد الوطنية كانت على مدار السنوات الماضية الطويلة تحتضن معرضاً مهماً على المستوى العربي، ولكن نتيجة للظروف الناجمة عن جائحة كورونا فضلت الوزارة عدم إقامته هذا العام، لكن شغف القراءة ومطالبة المهتمين بالمعارف ورغبة دور النشر في التعريف بإصداراتها الجديدة شجعتنا على إقامة معرض يحتفي بالكتاب السوري”.
ودعت مشوح الكتاب والمفكرين والمثقفين إلى “إعادة بناء الفكر والإنسان على أسس متينة وعصية ضد كل مسيء لحضارتنا وثقافتنا وهويتنا والانطلاق نحو مستقبل سوريا المشرق”.
من جهته بين مدير عام مكتبة الأسد إياد مرشد أن وزارة الثقافة بمختلف مؤسساتها “تتطلع إلى أن يقام معرض خاص للكتاب السوري بشكل دوري في دمشق والمحافظات لكون الكتاب لا يزال وسيبقى أساس المعرفة والثقافة والفكر، لافتاً إلى أن المعرض ليس احتفاء بالكتاب فقط وإنما هو طقس ثقافي وفكري ولقاء غني مع المفكرين والمثقفين بهدف تبادل المعرفة والخبرات في صناعة الكتاب والنشر”.
وحول مشاركة مكتبة الأسد في المعرض أوضح مرشد أنها تخصص جناحاً يضم مجموعة من إصداراتها السنوية التي تصل إلى العشرين وتعنى بتوثيق التراث الثقافي السوري من فهارس خاصة بالأطروحات والرسائل الجامعية والكتب النادرة والبيوغرافيا الوطنية وكشافات للفهارس وكل ما يخدم عملية توثيق هذا التراث.
وذكر مرشد أن ارتفاع سعر الكتاب يأتي نتيجة تأثره بسوق الورق والأحبار في العالم، لكن القائمين على المعرض أشاروا ضمن دفتر شروط المشاركة لدور النشر إلى تقديم تخفيضات تصل نسبتها إلى 25 في المئة، بينما قدمت بعضها تخفيضا وصل إلى 50 في المئة. كما سيتم توقيع نحو 50 كتاباً لمختلف دور النشر، وقد جاءت هذه المؤلفات بأقلام مفكرين من الوسط الثقافي السوري وهي تستحق القراءة والاهتمام.
ويرافق المعرض برنامج ثقافي متنوع من عروض سينمائية وحفلات موسيقية تحتفي بالقدود والموشحات الحلبية وندوات أدبية وفكرية وأخرى عن أدب الطفل، وذلك بمشاركة باقة من المثقفين والمبدعين السوريين وبمرافقة عدد من حفلات توقيع الكتب لعدد من دور النشر العامة والخاصة.
وحول توقيت إقامة المعرض بيّن مدير مكتبة الأسد أن هذا التوقيت مناسب، ولاسيما بعد بدء العام الدراسي وتخفيف الضغوط عن كاهل الأُسَر السورية، إذ يتطلع القائمون على المعرض إلى تحقيق إقبال جيد. ودعا مدير المكتبة الجمهور وطلاب المدارس وكل من هو معني بالمشهد الثقافي إلى الحضور لأنه لا يمكن لأي عمل أن ينجح دون حضور جماهيري.
وعن الإجراءات الاحترازية التي تم اتخاذها من أجل التصدي لوباء كورونا والتي ستطبقها إدارة المكتبة ذكر مرشد أن هناك حملة توعويّة ضمن المعرض ستكون من خلال المنشورات الجدارية وحملات التعقيم المستمرة داخل أرجاء الأجنحة، داعياً الزوار إلى الالتزام بالإجراءات الصحية للوقاية من هذا الفايروس.
دعم الكتاب السوري
حضر العشرات من الناشرين السوريين بإصداراتهم الحديثة من الكتب ذات العناوين المختلفة في معرض الكتاب السوري.
واعتبر مرشد أن هذا المعرض يؤسس لمستقبل الكتاب السوري لأنه يستحق الدعم والاهتمام وصناعته جزء من الصناعات الثقافية التي تدعو سوريا إلى دعمها وترويجها وتسويقها لكونها تساهم في بناء الاقتصاد السوري.
أما مدير المعرض فادي غانم فلفت في تصريح مماثل إلى أن معرض هذا العام جاء بهدف تشجيع الناشر السوري وإطلاع القارئ على كل ما هو جديد من الإصدارات، حيث اقتصر على مساحة 500 متر مربع بسبب قدوم فصل الشتاء بمشاركة 48 دار نشر تقدم مئات العناوين من سنة 2015 إلى غاية العام الحالي وبتخفيضات هامة.
وكانت إقامة معرض كتاب يجمع مؤسسات ودور النشر السورية مشروعا سعى له اتحاد الناشرين في سوريا منذ سنوات، وفق قول رئيسه هيثم حافظ، ولكن المشروع وجد طريقه إلى النور هذا العام بعد أن ارتأت وزارة الثقافة تأجيل معرض الكتاب الدولي في مكتبة الأسد نظرا إلى استمرار الظروف المرتبطة بجائحة كورونا.
المعرض ليس احتفاء بالكتاب فقط وإنما هو طقس ثقافي ولقاء مع المفكرين والمثقفين لتبادل المعرفة
وأكد رئيس اتحاد الناشرين في تصريح له أن المعرض “موجه إلى الجمهور السوري لتعريفه بالكتاب المتميز الذي تصدره دور النشر في بلادنا والذي حقق مكانة مرموقة عربيا حيث تتراوح نسب التخفيضات في المعرض بين 30 و50 في المئة تحقيقا لشعار الكتاب في متناول الجميع”، فضلا عن سلسلة من العروض الأخرى تشمل الهدايا والمسابقات.
وأوضح حافظ أن معرض الكتاب السوري منفصل عن المعرض الذي تقيمه مكتبة الأسد بشكل سنوي منذ عام 1985، كاشفا عن مساعي اتحاد الناشرين بالتعاون مع وزارة الثقافة لإقامة معارض مماثلة لصناعة الكتاب في سوريا بمختلف المحافظات دعما للقراءة عموما وللناشرين خصوصا وبحثا عن المزيد من المعرفة.
وخصص هذا المعرض -وفقا لحافظ- نسبة عالية من كتبه لمؤلفين سوريين، “حيث يحتضن أكثر من خمسين حفل توقيع في إطار التعريف بكتابنا وتقديمهم للجمهور”.
وأشار رئيس اتحاد الناشرين إلى أن أجنحة المعرض تحتوي الكتب الموجهة للأطفال والناشئة مع تقديم تخفيضات بشأنها تشجيعا على اقتنائها لأنها ذات تكاليف باهظة حيث تعتمد الورق المصقول والألوان والصور، منوها بدور الهيئة العامة السورية للكتاب في تقديم الكتب بأقل سعر ممكن.