عبدالسلام أحيزون مهندس برؤية مستقبلية ربط بلاده بأفريقيا والعالم

تثبيته على رأس "اتصالات المغرب" مسألة تتعلق بالأمن القومي لاعتبارات اقتصادية وتقنية حساسة.
الخميس 2021/10/28
أفضل رئيس تنفيذي عربي بقطاع الاتصالات تخذله الرياضة

بقي عبدالسلام أحيزون على رأس مجموعة “اتصالات المغرب” منذ تأسيسها في عام 1998 إلى الآن؛ فقدرته على قيادة الشركة وتحقيقه نتائج ملموسة محليا وأفريقيا، منذ خصخصتها في عام 2001، جعلا المساهمين يقررون إعادة الثقة به مرة أخرى. أحيزون ليس غريبا عن مهمته، فهي المهنة والشغف، وبعدما كان مديراً للاتصالات تم تعيينه وزيرا للبريد والاتصالات من 1992 إلى 1995، ثم بعد سنتين عاد مرة أخرى إلى الوزارة، وبقي في منصبه ما يقرب من ثمانية أشهر.

تثبيته على رأس “اتصالات المغرب” مسألة تتعلق بالأمن القومي لاعتبارات اقتصادية وتقنية حساسة. وثقة صاحب القرار الاستراتيجي في هذه الشخصية المخضرمة لم تأت من فراغ؛ فبالإضافة إلى خبرته وكفاءته ولاؤه للدولة كبير ولا غبار عليه، علاوة على انفتاحه على شركاء المغرب بما يخدم موقع المملكة على المستوى الجهوي والقاري.

القوة الناعمة

أحيزون يتوّج للمرة الثالثة بجائزة التميّز عن فئة "أفضل رئيس تنفيذي عربي في قطاع الاتصالات" وفق تصنيف "غلوبال"
أحيزون يتوّج للمرة الثالثة بجائزة التميّز عن فئة "أفضل رئيس تنفيذي عربي في قطاع الاتصالات" وفق تصنيف "غلوبال"

حين كان أحيزون مدير “اتصالات المغرب” في نهاية التسعينات ومطلع الألفية استحوذت “فيفاندي” على “اتصالات المغرب”، وأصبح آنذاك عضوًا في مجلس إدارتها. وقد شهدت “اتصالات المغرب” في ولايته تطورًا مستمرًا واستحوذت على حصة الأغلبية في شركات مختلفة، بما في ذلك “موريتيل”. وعلاقاته الطيبة وذات العمق الكبير مع رجالات الدولة والاقتصاديين في دول غرب أفريقيا والدول العربية والغربية صنعت لهالقوة الناعمة

حضوراً خاصاً، دفع بدور “اتصالات المغرب” في دول جنوب الصحراء ليصبح حقيقة وواقعاً، فشهدت على مدى سنوات توسيع تأثيرها على كافة المستويات.

نجاحه في إعادة هيكلة وتحفيز الفروع الأفريقية التي تم شراؤها منذ 2002 والتي كانت في وضعية صعبة، يعتبر  أحد أهم إنجازات أحيزون، فهو دائم المتابعة لمؤشرات نشاط المجموعة والشركات التابعة لـ“اتصالات المغرب”، مهتماً بشكل خاص بمؤشرين اثنين هما نمو الإيرادات وهامش الأرباح.

ولهذا تواصل “اتصالات المغرب” والفروع التابعة لها تحقيق أعلى نسب الربح سواء على المستوى المحلي أو عبر القارة، وتمنح مساهميها حتى 7 في المئة من الأرباح، وقد برهنت المجموعة على مرونتها وسرعتها في التكيف مع الظروف التي فرضتها الأزمة الصحية والاقتصادية غير المسبوقة.

خصوم أحيزون الذي يتربع على كرسي رئاسة الجامعة المغربية لألعاب القوى منذ عام 2006 يرفعون البطاقة الحمراء في وجه ترؤسه لها على اعتبار أن الرجل لا ينتمي إلى هذا الميدان

إدارة أحيزون لم تستسلم لتداعيات الأزمة الصحية العالمية الناتجة عن وباء كورونا، فأنهت المجموعة الربع الأول من السنة بنتائج تشغيلية كبيرة تم تسجيلها بشكل خاص في الفروع الأفريقية، يفسّرها رئيسها بالنجاعة الاستراتيجية المرتكزة على التنويع.وتبرز أهمية “اتصالات المغرب” في اختيارها الجمع بين مختلف الفروع تحت الهوية المرئية المشتركة “موف أفريكا”، التي تعكس دينامية النمو التي أبانت عنها هذه الفروع، كما استمرت في تنزيل رقمنة الخدمات التي أثبتت فاعليتها في مواجهة الإكراهات التي فرضتها جائحة كوفيد – 19، ما يعكس دينامية النمو التي كشفت عنها هذه الفروع.

بعد 66 عاما لا يزال أحيزون يتمتع بذكاء وفطنة كبيرة كما عهده الناس. كان هذا التتويج الثالث من نوعه اعترافا بإنجازاته ونجاح رؤيته الطموحة من المؤسسة التي تعدّ نموذجا للشركة التي تخدم أهدافَ ومصالح الاقتصاد الوطني وتساهم في تنمية ورفاهية البلدان التي توجد فيها الفروع التابعة لها، علاوة على انفتاحها على أسواق جديدة أهلتها لتكون “أفضل فاعل اتصالات عربي”.

انطلاقا من الأرقام تستمر المجموعة في تنفيذ مخططها للحدّ من التكاليف والمحافظة على ربحيتها، كما خصصت استثماراتها لتقوية الشبكات والبنيات التحتية وتحسين جودة الخدمة. ونظرا لعمق تجربته وأدائه الجيد والثقة التي يحظى بها قرر مجلس الرقابة لمجموعة “اتصالات المغرب” في يوليو الماضي تجديد فترة ولاية

أحيزون بصفته رئيسا لمجلس الإدارة الجماعية للمجموعة، وسيترأس اجتماع الجمعية العامة العادية للبت في البيانات المالية للسنة المنتهية في الحادي والثلاثين من ديسمبر 2024، وقد عبر عن ارتياحه للنتائج المحققة من طرف المجموعة وهي توافق الأهداف المسطرة.

وقد وصل معدل الأرباح قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك إلى مستوى مرتفع بلغ نسبة 51.2 في المئة، بفضل التدبير المحكم للتكاليف، كما نمت قاعدة مشتركي المجموعة بنسبة 8.1 في المئة في عام 2020، لتصل إلى ما يقرب من 73 مليون مشترك.

الكبوة

تقرير البرلمان المغربي حول ألعاب القوى يلقي اللوم على أحيزون في تراجع المستوى الوطني في الألعاب الأولمبية
تقرير البرلمان المغربي حول ألعاب القوى يلقي اللوم على أحيزون في تراجع المستوى الوطني في الألعاب الأولمبية

على عكس الإشادة بأدائه على رأس “اتصالات المغرب” تعرض أحيزون لانتقادات كثيرة على رأس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم؛ فالكل انتقد النتائج السلبية في الألعاب الأولمبية طوكيو 2020، وباستثناء النتيجة المهمة التي حققها يوسف البقالي قال عدد من المتابعين إنها مشاركة لا تبرر أبدا الأموال العمومية الضخمة المصروفة على الطاقم التقني والإداري الذي توفره الجامعة الملكية المغربية لألعاب القوى التي يرأسها أحيزون.

وهذا ما دفع الناطق الرسمي باسم الجامعة محمد النوري إلى تبرير النتائج التي لم ترض المغاربة بكون مشاركة العدائين المغاربة، ذكورا وإناثا، “لم تكن سهلة” نظرا إلى المستوى العالي للدول المنافسة، معتبرا تأهل العدائين المغاربة إلى هذا المحفل الدولي “إنجازا قويّا”.

ويرفع خصوم أحيزون الذي يتربع على كرسي رئاسة الجامعة منذ عام 2006 البطاقة الحمراء في وجه ترؤسه لها باعتبار أن الرجل لا ينتمي إلى هذا الميدان، وهو ليس كمجال عمله في “اتصالات المغرب”؛ فالذين يفقهون في طرق تسيير هذه الرياضات هم المؤهلون لقيادتها وأحيزون لا يستطيع ذلك، على حد قول هؤلاء الخصوم.

وشهدت الجامعة المغربية لألعاب القوى قبل عامين احتجاجات كبيرة من قبل البطل العالمي والأولمبي هشام الكروج ومؤيديه الذين رفضوا قبول ترشح أحيزون لولاية رابعة، واعترضوا على المؤيدين الذين أكدوا أن تطورات كثيرة طرأت على طرق وإجراءات

تدبير هذا الصنف من الرياضات تقنيا واستثماريا، وهذه الجوانب تحتاج إلى رجل من عيار أحيزون للرقي بهذه الرياضات والمرور بها إلى واقع أفضل.

وإذا كان الحكم على أحيزون من مدخل الأرباح فإن الجامعة حققت الشيء الكثير لألعاب القوى والأرقام تتحدث عن هذه الإنجازات، وكثيراً ما نوه أحيزون بالرعاة الذين واكبوا رياضة ألعاب القوى الوطنية ودعمهم لاستراتيجية الجامعة الرامية إلى النهوض بهذا النوع من الرياضات، أما على المستوى الرياضي فالخبراء في الميدان يقولون إنه أخفق.

استراتيجية التأهيل

Thumbnail

أحيزون، من جانبه، دائما يؤكد على ضرورة انخراط الكل في استراتيجية الجامعة في التنقيب والتأهيل، وتشجيعها على توسيع قاعدة الممارسين، والمشاركة في الملتقيات الوطنية الخاصة برياضة ألعاب القوى والعدو الريفي. لكن تقرير المهمة الاستطلاعية البرلمانية حول ملاعب كرة القدم وألعاب القوى الصادر في عام 2020 يناقض ما يقوله أحيزون ويتهم الجامعة بعدم تنفيذ مخرجات

المناظرة الوطنية للرياضة التي نُظمت سنة 2008، ملقيا عليه باللائمة في التراجع الكبير لنتائج ألعاب القوى الوطنية التي اعتادت سابقا حصد ميداليات في بطولات العالم والألعاب الأولمبية.

ويرصد التقرير غياب الفاعلية عن التسيير الإداري وينص على انتفاء الحكامة عن التدبير المالي. وأشار أيضا إلى فشل منظومة التكوين المتبعة من طرف الجامعة والتي لا تتماشى مع المعايير الدولية، ما تسبب في حصد العدائين المغاربة نتائج سلبية خلال السنوات الأخيرة، داعيا إلى اعتماد أساليب جديدة في إنشاء

البنى التحتية وتوسيع قاعدة الممارسين من خلال اتفاقية إطار مع الهيئات المتدخلة في المجال على غرار ما قامت به الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم.

معدل أرباح "اتصالات المغرب" يصل إلى مستويات مرتفعة في الفترة الحالية، بقاعدة تصل إلى ما يقرب من 73 مليون مشترك

فبالرغم من أن الرجل يقول إنه حريص على تتبع كل صغيرة وكبيرة في هذا القطاع المهم، إلا أن مهتمين يرددون أن ألعاب القوى المغربية تحتاج إلى نوعية أخرى من المسيرين تنصت لنبض ممارسي هذه الرياضات الذين لم يستفيدوا من المداخيل والأرباح على المستوى الشخصي واللوجستي.وبعيدا عما هو تقني يرى عدد من المتخصصين في ألعاب القوى أن صناعة أبطال في ألعاب القوى كانت تتم بشكل مكثف بناء على رؤية واضحة للأهداف واستقرار في الطواقم التي سطرت الأهداف المراد بلوغها، وهذا ما لم يعد يعمل به في فترة رئاسة أحيزون، هذا الأخير الذي ما فتئ يكرر أن التحديات التي يجب رفعها تكمن في مجالات تخليق الممارسة الرياضية والحكامة المسؤولة وانخراط جميع الفعاليات المكونة للجامعة في ميادين التنقيب عن المواهب ونهج الاحترافية في التأطير والتدريب في إطار تطوعي مسؤول للأندية والعصب.

وعندما يدافع عن حصيلته في فترة رئاسته للجامعة يعود إلى المراحل التي قطعتها أم الألعاب الوطنية، كما يطلق عليها، في السنوات الأخيرة وخاصة على مستوى البنيات التحتية من مراكز للتكوين وحلبات مطاطية، وإرساء دعائم الحكامة والشفافية في التسيير.

ورغم كل ما يقال عنه لم يكن اعتباطيّا تتويج أحيزون وشركة “اتصالات المغرب” بجائزة التميز في فئة “أفضل رئيس تنفيذي عربي في قطاع الاتصالات”، في النسخة الخامسة من “جوائز غلوبال العالمية” للمرة الثالثة، عقب تنظيم حفل توزيع الجوائز العام الماضي في مدينة مراكش.

12