المغربي نجيب الشرادي يرسم المعاني الصوفية بإيقاعات موسيقية

الرباط - تحت عنوان “تردّدات اللّامكان” يتواصل برواق “ضفاف” بالعاصمة المغربية الرباط حتى الخامس عشر من نوفمبر القادم معرض الفنان المغربي – الهولندي نجيب الشرادي، الذي يأتي بمبادرة من مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج.
وعن المعرض يقول الفنان المغربي المقيم في هولندا “أحاول في المعرض استنهاض بعض من عوالمي الذاتية الخاصة لأسائل من خلالها الأشياء والوجود الإنساني في هذا العالم بصفة عامة، حيث أن هناك بعض الأشياء نراها بشكل ظاهري وجليّ، وأشياء أخرى باطنية لا يمكن استكشافها، بل يجب البحث والتنقيب عنها”.
وهو يعتبر أن “العمل الفني بشكل عام هو استمالة لخطوط القوة (…) إنه مثل المرآة التي نجد أنفسنا أمامها باستمرار، حيث توصنا اللوحات إلى منعطفات يعجز الفنان نفسه عن التقاطها أحيانا”.

نجيب الشرادي: اللوحة هي المرآة التي توصلني إلى أشياء أعجز عن التقاطها منفردا
ومن جهتها سلّطت فتيحة أملوك المكلفة ببنية الفن والثقافة والتواصل بمؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج الضوء على مميّزات الأعمال الفنية للفنان المغربي بقولها “أعمال الشرادي تهتزّ من خلالها الحركة التي تكون أحيانا أفقية وأحيانا عمودية، وأحيانا أخرى دائرية، وكل هذه الحركات تولّد ديناميكية عميقة جدا تجد مصدرها في الروحانيات الصوفية”.
وتضيف “المعرض فرصة للمهتمين بالفن التشكيلي لاستكشاف الفنون والأساليب والطرق الخاصة لإبداع المغاربة المقيمين بالخارج، إنهم فنانون عاشوا في الخارج وانغمسوا في إبداعات البلدان المُضيفة، وهذه فرصة لهم أيضا للاقتراب من بلدهم الأصلي ومن الجمهور المغربي”.
وعن رواق ضفاف تقول أملوك “منذ تدشين الرواق في العام 2016، نظمت مؤسّسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج العديد من المعارض عبر مختلف دول العالم، بما في ذلك فرنسا وكندا والإمارات، ومعرض ‘تردّدات اللّامكان’ للشرادي المقيم في هولندا تكملة لهذا المشروع الذي يصل المغتربين بوطنهم ويؤصّل علاقتهم مع جمهور الفن بالمغرب”.
ونجيب الشرادي فنان تشكيلي، موسيقي ومغنّ، من مواليد مدينة سلا بالمغرب، تابع دراسته الجامعية بجامعة باريس 8 شعبة علم الاجتماع والفلسفة والفن التشكيلي وعلم الموسيقى والسينما.
اشتغل لمدة أربع سنوات في ورشات للطباعة والحفر بمدينة أوتريخت الهولندية والتي حصل منها على منحة لتحقيق منشأته “الجسد والرمز”، وكذلك عمله التشكيلي “الشاعرة التائهة”. كما حصل على منحة لمدة أربع سنوات (2000 – 2004) من قبل وزارة الثقافة الهولندية للقيام بمشاريعه الموسيقية والفنية المتعدّدة والمختلفة.
وتعامل مع فنانين من جنسيات متعددة وفي تخصّصات مختلفة كالموسيقى والتشكيل والمسرح والرقص والسينما.
وشارك في العديد من التظاهرات الفنية والمعارض التشكيلية الجماعية والفردية بالمغرب وأوروبا. ومن بين أشهر أعماله منشأة “أوروبا حبيبتي” و”عبور الغائب” و”جسد دون أعضاء”.

وللفنان المغربي مجموعة من المنجزات التشكيلية متعدّدة الوسائط عرضت بكل من متحف ستايدلك موزايم بمدينة أمستردام، ومتحف موكا بمدينة أنتفربن، وبسنترال موزايم بمدينة أوتريخت وبالمسرح الملكي بالأردن.
وشارك الشرادي بأعماله أيضا في العديد من المهرجانات المغربية المختّصة في الفنون التشكيلية مثل مهرجان بصمات للفن المعاصر بمدينة سطات وكذلك في مهرجان ألوان دكالة للفن المعاصر بمدينة الجديدة وبصالون أغادير الدولي للفن المعاصر والمهرجان الدولي للفنون التشكيلية بطنجة.
كما كانت له مساهمة في ملتقى الإبداع الدولي الرابع بمصر، وأخرى بمتحف لوفن لانوف ببلجيكا من خلال معرض جماعي تحت عنوان “الهجرة السرية” جمعه بمجموعة من الفنانين من مختلف الجنسيات.
عيّن مندوبا لتظاهرة “من أجل القدس” بمدينة شفشاون بالمغرب عام 2016، قبل أن يتم تعيينه في عام 2019 من قبل المركز الدولي لرواد الفنون التشكيلية كرئيس للقسم الهولندي، وهو إلى جانب هذا عنصر فاعل في المركز الثقافي والإبداعي لرابطة مجموعات محمود درويش في مجال الرسم. وتتّصف أعماله التشكيلية بالندرة والطرافة، حيث يستخدم فيها وسائط فنية متعدّدة.
وفي المجال الموسيقي أسّس الفنان المغربي مجموعة “وشم” الموسيقية بهولندا، والذي يتولى إلى اليوم مهمة إدارة جمعيتها، وفيها اشتغل على نصوص لشعراء من مختلف التوجهات والحقب كجميل بثينة وأبونواس وابن زيدون والحلاج والنفري وابن عربي واللعبي ومحمود درويش وسميح القاسم وأدونيس وغيرهم. ونال في العام 2007 جائزة أحسن ملحن في المهرجان الدولي للسينما بأبوظبي عن الموسيقى التصويرية لفيلم “آخر فيلم” للمخرج التونسي النوري بوزيد.
وعن تجربته الموسيقية تقول الإعلامية بإذاعة مونت كارلو الدولية عبير نصراوي “كان هم الشرادي الأول خلخلة البنى الكلاسيكية وتصوّر أغنية عربية جديدة، فانطلق في مشروعه بعدما تشبّع منذ الصغر بأساسيات الموسيقى العربية بشقّيها المغاربي والمشرقي، ثم نهل من تقنيات الغناء الأخرى وحرص على اختيار نصوص ذات معنى ورسم بكل هذه العناصر مسيرته الفنية في إطار فرقة ‘وشم’ التي أسّسها في العام 1987”.
وتضيف “عندما يغني الشرادي يُخيّل للسامع أنه يرسم لوحة تجريدية بالنغمات، وهذا ليس غريبا على فنان تشكيلي نجح في رمي الجسور بين الفن التشكيلي والموسيقى والمسرح، وتاق دائما إلى تجارب تخرج عن المألوف غير آبه بالاعتبارات التجارية، وهو الذي أنشد لكبار شعراء الصوفية منهم الحلاج وابن عربي كما غنى لأبي نواس ولجبران خليل جبران وأدونيس، ولكل هؤلاء أعطى للنص الشعري بعدا جديدا وقراءة مختلفة تخرج من التكرار المملّ وتعطيها حيوية وجمالية يبقى منبعها الأول الطرب الأصيل”.
