تطبيقات النقل التشاركي والشركات الناشئة في مرمى دوائر الضرائب السعودية

الرياض - تواجه شركة أوبر تكنولوجيز المتخصصة في النقل التشاركي وشركة كريم التابعة لها استحقاقات ضريبية بملايين من الدولارات في السعودية ما يجعلها في سباق مع الزمن لتسوية وضعيتها قبل تفاقم الغرامات.
وكشفت مصادر مطلعة لوكالة بلومبرغ أن أوبر وكريم عليهما فاتورة ضريبية مُجمعة تبلغ قيمتها نحو 100 مليون دولار يفترض أن يتم دفعها للهيئة العامة للزكاة، وهي الجهة الحكومية المخولة بجمع الضرائب.
وأوضحت أن هذه المطالبات مرتبطة بنزاعٍ حول كيفية احتساب ضريبة القيمة المضافة المستحقة خلال السنوات القليلة الماضية، وآلية اقتسامها ما بين شركات العمل المؤقت والمتعاقدين الأفراد معها. كما تتضمن غرامات كبيرة نتيجة تأخر هذه الشركات في السداد.
ويتسق هذا الوضع مع النقاش العالمي حول كيفية فرض ضرائب على أنشطة شركات العمل المؤقت أو منصات الاقتصاد التشاركي مثل أوبر وأير بي.أن.بي وتاسك رابيت، والتي تعتمد على السائقين أو الناقلين أو المضيفين الذين لا تطالهم غالباً السقوف الضريبية.
الشركات تدخل في نقاشات مع هيئة الزكاة حول كيفية احتساب ضريبة القيمة المضافة المستحقة وآلية اقتسامها
لكن في المقابل فإن التكاليف غير المتوقعة لمثل هذه العقبات قد تكمن في إثارة مخاوف المستثمرين في وقت يحاول فيه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والمسؤولون السعوديون جذب الشركات متعددة الجنسيات إلى البلاد وتعزيز الاستثمار الأجنبي.
وبرزت مطلع أكتوبر الجاري قضية ضريبية مشابهة لأول مرّة في السعودية عندما أفصح مستثمر كبير في تطبيق فتشر لإرسال واستلام الطرود، والذي شكل يوما نموذجا للشركات الناشئة الواعدة في الشرق الأوسط، أن الشركة تدرس التقدم بطلب تصفية بعدما أصبحت “مفلسة” بسبب الفاتورة الضريبية المتنازع عليها في السعودية والبالغة 100 مليون دولار.
ويرى خبراء أن القضية أكبر من فتشر وتؤثر على شركات تكنولوجية أخرى تعمل في السعودية، لكن المتابعين يرجحون أن تعالج الرياض هذه المسألة سريعا حيث تسير مع وتيرة الإصلاحات التي يفترض أن تكون منسجمة مع نظام الضرائب المعتمد في البلد.
وبينما تعهد المسؤولون السعوديون مرارا بإيلاء الاهتمام لهواجس القطاع الخاص، يشكو بعض رجال الأعمال من أن التحولات غير المتوقعة في السياسات خلال السنوات الخمس الماضية تجعل من الصعب التخطيط للمستقبل واحتساب المخاطر.
ورغم أن ذلك يتزامن مع تزايد المنافسة مع إمارة دبي التي تشكل الوجهة الأساسية للشركات الناشئة في المنطقة، إلا أن بعض المحللين يعتقدون أن الحكومة السعودية باستطاعتها تخطي أي عقبات قد تعيق استقطاب الشركات الأجنبية أو حتى دعم القطاع الخاص الذي بات أحد أعمدة بناء الاقتصاد السعودي.

واعتادت الرياض الاعتماد بشكلٍ شبه كامل من حيث الإيرادات على صادرات النفط الخام. لكن في 2018 وكجزء من الجهود المبذولة لتعزيز المداخيل غير النفطية، تمّ فرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5 في المئة.
ورفعت الحكومة تلك النسبة إلى 15 في المئة بعد انتشار الجائحة وانخفاض أسعار النفط، لكن الأمير محمد بن سلمان تعهّد بخفض الضريبة في المستقبل مع تحسن ظروف الاقتصاد والمالية العامة للدول بشكل أفضل.
ومنذ فرض الضريبة لأول مرة، كانت شركات مثل أوبر تدفعها على ما تعتبره القيمة المضافة الخاصة بها، أو عمولة الشركة، وهي مجرد جزء من المبلغ الإجمالي الذي يدفعه الزبائن، إذ يذهب قسم كبير من المال إلى السائقين الذين يستخدمون منصات هذه الشركات.
وقالت المصادر المطلعة على المسألة “لكن في العام الماضي، بدأت هيئة الزكاة بإرسال إعادة تقييم للشركات تتضمن الضرائب على المبلغ بالكامل بما في ذلك حصة السائقين”.
وتعتبر السلطات أن هؤلاء السائقين يقعون تحت مظلّة ضريبة القيمة المضافة وسيكون من غير العملي تحصيل الضرائب منهم بشكل مباشر.
ونظرا إلى أن الفواتير تعود إلى عدّة سنوات وتتضمن غرامات تراكمية، فإن هذه الخطوة تترك الشركات في مأزق بالنسبة إلى الأموال التي لم تقم بتحصيلها.
وبحسب مصدريْن مطلعين، فقد حاولت بعض الشركات طلب المساعدة من وزارة الاستثمار السعودية ومن كياناتٍ معنية أخرى، لكن قيل لها إن المشكلة تتطلب حلاً على صعيد السياسة الضريبية بالكامل.
وأوضحت وزارة الاستثمار السعودية في بيان مُوجه إلى وكالة بلومبرغ أنها “على علم بمثل هذه الحالات”، وهي تعمل “بشكل وثيق مع الهيئات الحكومية ذات الصلة لمعالجتها وإيجاد حلول سريعة وعادلة”.
وأشارت إلى أن التغييرات في السياسة التي تم تحديدها في إطار استراتيجية الاستثمار المُعلن عنها الأسبوع الماضي “مصممة على إيجاد بيئة أعمال عادلة وفاعلة تدمج احتياجات المستثمرين المحليين والدوليين في عملية صنع القرار الحكومي”.