حزمة إغراءات سودانية لاستقطاب استثمارات المغتربين

الخرطوم - شككت أوساط اقتصادية سودانية في قدرة خطط الحكومة الانتقالية على استقطاب أموال واستثمارات المغتربين، في ظل استمرار الضبابية المتعلقة بالإجراءات والتشريعات المعرقلة لتأسيس المشاريع، رغم الجهود التي تبذلها لتحسين مناخ الأعمال.
ويخوض السودان معركة صعبة لإغراء المغتربين بالاستثمار في بلدهم، من خلال محاولة تقديم صورة وردية لبيئة الأعمال وتأكيد أن الاقتصاد يتجه إلى الانتعاش بعد أن تجاوز مرحلة الخطر.
وأكد وزير المالية والتخطيط الاقتصادي جبريل إبراهيم خلال مشاركته في حدث نظمته السفارة السودانية في أبوظبي، على أهمية تذليل كافة العراقيل أمام السودانيين المقيمين في الخارج حتى يعاضدوا مجهود الدولة في تنمية الاقتصاد المشلول.
ونسبت وكالة الأنباء السودانية إلى إبراهيم قوله إنه “من الضروري اليوم مشاركة القطاع الخاص من رجال الأعمال السودانيين في دول الاغتراب والمهجر في تنمية الاقتصاد وتشجيع الإنتاج المحلي وتطوير قطاع الصادرات، لرفع القيمة المضافة للإسهام في تحقيق الاستقرار الاقتصادي”.
وسعى إلى طمأنة المغتربين بأن مستوى التضخم في تراجع كما أن الإنتاجية لمحاصيل القمح والذرة والقطن في ارتفاع، فضلا عن اهتمام الحكومة بالصناعات التحويلية وإحياء صناعة النسيج. ووصف الموارد الطبيعية التي يزخر بها السودان بـ”الهائلة” مما تؤهله لتحقيق التنمية.

جبريل إبراهيم: من الضروري مشاركة رجال الأعمال في المهجر في التنمية
وقال إبراهيم “نحن لا نبيع الأحلام ولكن علينا الصمود. نعلم أن بيئة الاستثمار سيئة، ولكن نرغب في اغتنام الفرص في مجال الموانئ والمياه والكهرباء وغيرها”.
وتأتي هذه الخطوة بغرض تعظيم فرص الاستفادة من المهاجرين والخبراء والكفاءات السودانية بالخارج، خاصة الذين قادوا تجارب ناجحة في ريادة الأعمال والمشاريع على المستوى الإقليمي والدولي من أجل تحقيق قيمة مضافة لموارد البلد المختلفة.
ويرى خبراء أن الأوضاع في السودان ليست مشجعة على أي استثمار في الوقت الحالي، بالرغم من وجود بعض المحاولات لجذب رؤوس الأموال الأجنبية لقطاعات جديدة مثل الطاقة الشمسية.
ويعتقدون أن الحكومة أمامها طريق طويل حتى تضع حوافز أكبر، بحيث لا يتم تعطيل الاستثمارات في حال تعرض أصحاب المشاريع إلى أزمات في الوقود أو تعطل الصادرات عبر الموانئ بصرف النظر عن الإجراءات الإدارية التي قد تكون سببا لعزوف رؤوس الأموال.
وكانت الحكومة الانتقالية قد نجحت في محاولات قليلة لجذب المغتربين، ومن بينهم رجل الأعمال أحمد التيجاني، وهو المدير التنفيذي لشركة الروابي للألبان التي تتخذ من دبي مقرا لها، والذي أعلن في مايو 2020 أنه بدأ في تأسيس شركة في قطاع الألبان.
وقال التيجاني في ذلك الوقت إن “المشروع سينفذ على 3 مراحل، ويشتمل على مخطط لإنتاج الأعلاف وتربية وتسمين العجول، ومصنع لمنتجات الألبان، ومصنع للمنتجات الغذائية، ومعهد لتدريب الحرفيين وصغار المربين”.
وتبلغ تكاليف المشروع نحو 200 مليون دولار وسيقام المصنع الرئيسي بالمنطقة الحرة بمدينة بورتسودان والمزرعة بمدينة عطبرة.
وطيلة عقود، ظلت تحويلات المغتربين هدفا للحكومات السابقة، ولكن عدم الثقة في الأجهزة الحكومية جعلها تنحسر باستمرار مما أفقد البلد مبالغ يمكن أن تغطي قرابة 40 في المئة من فاتورة الواردات سنويا.
وفي غياب أرقام رسمية، أشارت بعض التقديرات إلى أن تحويلات السودانيين في الخارج، وعددهم يصل إلى قرابة ستة ملايين نسمة، بلغت في النصف الأول من هذا العام حوالي 717 مليون دولار قياسا بنحو 136 مليون دولار بمقارنة سنوية.
ولكن هذا الرقم يبقى بعيدا جدا عن أقصى مستوى بلغه وكان ذلك في العام 2008، حيث تظهر بيانات جهاز تنظيم السودانيين العاملين بالخارج أنها وصلت في ذلك العام إلى قرابة ثلاثة مليارات دولار.
ويعدّ هذا المبلغ مهما بالنسبة للاقتصاد بغض النظر عن دور السلطات التي تحكم البلاد في الفترتين، والذي ظهر الفرق فيه واضحا عند معاينة سعر صرف العملة المحلية التي تدحرجت إلى مستوى قياسي أمام الدولار، خاصة بعد إجراءات التعويم في فبراير الماضي.
وكان الجهاز قد أعلن في شهر مارس الماضي عن مجموعة من الحوافز الخاصة للمغتربين والمهاجرين في إطار قرارات الحكومة الانتقالية الخاصة بتوحيد سعر الصرف والسياسات المالية.
وشملت تلك الإغراءات إلغاء الضرائب والجبايات والرسوم والاستعاضة عنها برسم موحّد إلى جانب تسهيلات استثمارية كبرى.
وإلى جانب ذلك، سيتم إنشاء صندوق ضمان اجتماعي للمغتربين ومعالجة الاستثناءات للسيارات وفتح حسابات بالنقد الأجنبي وإنشاء بنك المغترب للتحويلات المالية ومعالجة المشاريع المتعثرة ومنح القروض الاستثمارية.
وتوقع الأمين العام لجهاز مكين تيراب أن تفوق تحويلات المغتربين عتبة ثمانية مليارات دولار دون احتساب مدخراتهم ومشاريعهم في الداخل.
وقال إن “قرار توحيد سعر الصرف سيمكن المغتربين من تحويل مدخراتهم بالقنوات الرسمية، مما يساعد في تعظيم الفائدة للمغترب والدولة”.