هل تلتزم إيران بالحوار لحل خلافاتها مع أذربيجان

تأكيد إيران وأذربيجان في محادثات بين وزيري خارجيتيهما على ضرورة حل الخلافات المتصاعدة بين البلدين بالحوار لا يعني نهاية هذه الخلافات، حيث تتعاظم التساؤلات بشأن ما إذا كانت طهران ستلتزم بالحوار خاصة بعد الاستعراض العسكري الذي قامت به والموجه ضد باكو وفقا لمراقبين.
طهران - يثير تأكيد إيران وأذربيجان على ضرورة إيلاء الحوار الأولوية في حل الخلافات بين البلدين تساؤلات عن مدى التزام طهران بالحوار، خاصة أن النظام الإيراني كان قد استعرض عسكريا في وقت سابق في رسالة موجهة أساسا لباكو.
وأكدت إيران وأذربيجان خلال اتصال هاتفي بين وزيري الخارجية أولوية الحوار بين البلدين الجارين لحل الخلافات التي أثيرت بينهما في الآونة الأخيرة على خلفية مسائل عدة أبرزها قلق طهران من وجود إسرائيلي قرب حدودها.
وأجرى الوزير الإيراني حسين أمير عبداللهيان ونظيره الأذري جيحون بايراموف اتصالا هاتفيا مساء الثلاثاء، وفق وزارتي الخارجية، هو الأول المعلن على هذا المستوى بين الجانبين منذ انتقاد باكو مناورات أجراها الجيش الإيراني قرب حدودها، وشكوى طهران من فرض القوات الأذرية رسوما جمركية على شاحنات البضائع المتجهة إلى أرمينيا.
ونقلت الخارجية الإيرانية عن عبداللهيان تأكيده ضرورة أن تمنع إيران وأذربيجان “حدوث سوء الفهم في العلاقات بينهما ومن الجدير أن تواصلا علاقاتهما بسرعة في المسار الصحيح والمتنامي”.

حسين أمير عبداللهيان: ضروري أن نمنع حدوث سوء الفهم في العلاقات بيننا وبين أذربيجان
وشدد على ضرورة “الاحترام المتبادل والاستقلال والسيادة ووحدة أراضي الدول”، مشيدا بـ”علاقات عريقة” بين الجمهورية الإسلامية وجارتها الشمالية الغربية التي تتشارك وإياها حدودا بطول نحو 700 كلم.
ورأى الوزير الإيراني أن “لطهران وباكو أعداء ولا ينبغي للبلدين أن يمنحا الفرصة للأعداء للإخلال بالعلاقات بينهما ويتوجب حل وتسوية الهواجس عن طريق الحوار والتعاون”.
وأكدت الخارجية الأذرية إقرار الطرفين بأن “الخطاب الراهن أضر بالعلاقات الثنائية، وأي تباينات يجب أن يتم حلها بالحوار”.
وكرر مسؤولون إيرانيون في الآونة الأخيرة رفضهم أي تواجد لإسرائيل، العدو اللدود لإيران، قرب حدودهم، في إشارة ضمنية إلى العلاقة الوثيقة، ومنها التعاون العسكري، بين باكو والدولة العبرية.
وخرج التباين بين طهران وباكو إلى العلن مع انتقاد الرئيس الأذري إلهام علييف مناورات عسكرية بدأتها إيران في الأول من أكتوبر في مناطق شمال غرب البلاد قرب الحدود مع أذربيجان.
واعتبر علييف آنذاك في حوار مع وسائل إعلام محلية أن هذه المناورات “حدث مفاجئ جدا”، مضيفا أن “هذا حقهم السيادي، ولكن لماذا الآن، ولماذا عند حدودنا؟”.
وردّت الخارجية الإيرانية بتأكيد الحق “السيادي” في إجراء المناورات، مع التشديد على أن “الجمهورية الإسلامية لن تتسامح مع أي شكل من تواجد الكيان الصهيوني بالقرب من حدودها. وفي هذا المجال، ستتخذ ما تجده مناسبا لأمنها القومي”، من دون تفاصيل إضافية.
وأبدى عبداللهيان خلال زيارته موسكو هذا الشهر قلق بلاده من “التواجد” الإسرائيلي في القوقاز، بينما نفت أذربيجان وجود أي قوات إسرائيلية على أراضيها.
وتتخوف إيران من علاقات أذربيجان وإسرائيل. ووفقا لوكالة بلومبرغ، فإن إسرائيل مورّد رئيسي للطائرات دون طيار وغيرها من الأسلحة التي ساعدت باكو على قلب الميزان العسكري لصالحها في المواجهات العسكرية التي وقعت العام الماضي بينها وبين أرمينيا.
ورغم أن إيران حرصت على إظهار الحياد في الصراع بشأن إقليم ناغورني قرة باغ، إلا أن تقارير إعلامية تحدثت حينها عن أن طهران سمحت بمرور أسلحة ومعدات روسية باتجاه أرمينيا. كما لم تخف توافقها مع موسكو بشأن تحميل تركيا مسؤولية التوتر من خلال جلب مرتزقة سوريين إلى الإقليم.
وعلى غرار دوافعه السياسية، فإن تحالف إيران مع أرمينيا لديه مبررات اقتصادية، من ذلك أن تجارة الكحول الرائجة في إيران تمرّ عبر أرمينيا ويستفيد منها متنفذون في السلطة الإيرانية.
ووفق مراقبين، شكلت إيران شريان الحياة لأرمينيا، التي تعتمد بشكل كامل على طهران في توفير موارد الطاقة، خاصة في أوقات الحرب، وقد أدى هذا الاعتماد إلى تعزيز صورة إيران كداعم لأرمينيا ضد أذربيجان وفق وجهة نظر باكو.
وبشأن حركة الشاحنات، نقل بيان الخارجية الأذرية أن الطرفين اتفقا على أنه “من الضروري إجراء حوار مباشر بين الهيئات الحكومية في البلدين بشأن قضايا الترانزيت”.
وبدأت أذربيجان بفرض رسوم جمركية اعتبارا من منتصف سبتمبر على الشاحنات الإيرانية المتجهة إلى أرمينيا، لدى عبورها في أراض باتت تحت سيطرة قوات باكو في أعقاب النزاع بينها وبين يريفان في إقليم ناغورني قرة باغ العام الماضي.