دول الترويكا تضغط لإنهاء أزمة شرق السودان

تصعيد مستمر يشهده شرق السودان في ظل غياب رؤية موحدة تمكن الحكومة بشقيها المدني والعسكري من تقديم وجهة نظر واحدة في ما يتعلق بالأزمة.
السبت 2021/10/09
أزمة سياسية بأبعاد اقتصادية

الخرطوم- عقّدت عملية إغلاق شرق السودان المشهد السياسي والاقتصادي وأربكت حسابات الحكومة المركزية جراء الأزمات المترتبة عن انقطاع السلع الاستراتيجية والتي تصل جميعها من موانئ البحر الأحمر إلى العاصمة الخرطوم، فيما دعت الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج الجمعة إلى إنهاء حصار الموانئ والبنية التحتية للنقل في شرق السودان.

وحثت ما تسمى بدول الترويكا في بيان مشترك الحكومة الانتقالية التي يقودها المدنيون على إجراء محادثات سياسية لإنهاء الاحتجاجات في الشرق والتي قالت إنها تهدد اقتصاد السودان وشعبه.

مقداد خالد: واقع الحال الماثل يستدعي اتخاذ عدة مسارات للحل

وجاء في البيان “يتعين على الزعماء السياسيين في شرق السودان قبول عرض حكومتهم لحل مشاكلهم عبر حوار سياسي ملموس، بدلا من الانخراط في أفعال لن تؤدي إلا إلى الإضرار باقتصاد البلاد”.

وأغلق أفراد من قبائل البجا في شرق السودان الطرق وأجبروا موانئ البحر الأحمر على الإغلاق في الأسابيع الأخيرة احتجاجا على افتقار المنطقة للسلطة السياسية على حد قولهم وتردي الأوضاع الاقتصادية فيها.

وقال مجلس الوزراء السوداني في بيان الأحد إن مخزون البلاد من الأدوية الضرورية والوقود والقمح يوشك على النفاد بعد أن تسببت احتجاجات في إغلاق ميناء بورتسودان وهو الميناء الرئيسي في شرق البلاد.

وذكر البيان “رغم إدراك أن هذه مسألة داخلية فإن الترويكا تحث المجتمع الدولي على تقديم الدعم الكامل لجهود الحكومة السودانية لحل هذه المسألة وإنهاء الحصار المستمر”. ووقعت حكومات الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج اتفاقية جوبا للسلام لعام 2020 في إشارة إلى الدعم السياسي للاتفاقية التي اعتبرت انفراجة في الصراع الذي شهد صداما بين الفصائل والقوات الموالية للحكومة وبين متمردين.

وللخروج من الأزمة قرر مجلس الوزراء السوداني الثلاثاء تشكيل لجنة برئاسة عبدالله حمدوك للاتصال بالمكون العسكري في مجلس السيادة للتوافق حول حلول عملية لقضية الشرق.

وعقب اجتماع له قال مجلس الوزراء في بيان إنه “تداول حول قضية شرق البلاد وإغلاق الميناء والطريق القومي الرابط بين ولاية البحر الأحمر وبقية الولايات” من جانب مجلس قبلي.

وجدد التأكيد على “عدالة قضية الشرق وأولويتها لارتباطها بالقضايا السياسية والاجتماعية والتنموية لمواطني شرق البلاد”. لكنه جدد في الوقت نفسه “التحذير والتنبيه إلى ما يترتب على إغلاق الميناء وإقفال الطرق من آثار وانعكاسات على البلاد”.

ياسر عرمان: ما يعيق الحوار الآن هو التصعيد المستمر وعدم وجود قنوات تواصل

وبالنسبة إلى المستشار السياسي لرئيس الوزراء السوداني ياسر عرمان، فإن الحكومة بمكوناتها جميعا لم تتصالح على استراتيجية واحدة لحل أزمة شرق البلاد.

وقال عرمان إن “الشرق والبحر الأحمر يشكلان قضية استراتيجية مهمة للبلاد؛ ما يستوجب إجراء حوار بين الحكومة ومكونات الشرق كافة”.

وأوضح أن “ما يعيق الحوار الآن هو التصعيد المستمر، وعدم وجود قنوات تواصل، إلى جانب أن الحكومة بشقيها المدني والعسكري ليست لديها استراتيجية، وليست هناك رؤية موحدة تمكنها من تقديم وجهة نظر واحدة في ما يتعلق بشرق السودان”.

وحادثة إغلاق شرق السودان لم تكن الأولى من نوعها، إذ أغلقت قبائل البجا في الخامس من يوليو الماضي الطريق القومي بين الخرطوم وبورتسودان لثلاثة أيام، قبل إرسال الحكومة وفدا وزاريا في السابع عشر من الشهر ذاته للتفاوض معهم حول مطالبهم، لكن من دون الاستجابة لها.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي مقداد خالد أن علاج أزمة شرق السودان يتطلب ابتداءً توحيد اللغة الحكومية إزاء توصيف المشكلة ودواعيها وأسبابها، في حال أرادت الوصول إلى النتائج السليمة، إذ تبرز تباينات كبيرة بين العسكر الذين يرون أن المشكلة سياسية، بينما يقول المدنيون إنها مشكلة تنموية.

وأضاف خالد أنه “على الرغم من عدم موضوعية انصياع الدولة للأطروحات القبلية، فإن واقع الحال يستدعي اتخاذ عدة مسارات للحل تتمثل في التوصل إلى تسوية مُرضية بمنأى عن الانحياز إلى طرف بعينه”.

2