مهاجمة الشيعة جزء من استراتيجية داعش لتحدي طالبان

هجوم دموي استهدف مسجدا شيعيا لم تعلن أي جهة بعد عن مسؤوليتها عنه لكن يبدو أن الهدف منه هو تحدي طالبان.
السبت 2021/10/09
هجوم دام

قندوز (أفغانستان)- يُسلط الهجوم الدموي الذي استهدف مسجدا شيعيا في ولاية قندوز الواقعة شمال شرق أفغانستان الضوء على جزء من استراتيجية تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) لتحدي طالبان والذي يتمثل في مهاجمة الأقلية الشيعية في البلاد.

وأعلن تنظيم داعش – ولاية خراسان في بيان له مسؤوليته عن الهجوم وذلك بعد أن شنّ مؤخرا العديد من الهجمات التي كانت بمثابة رسالة تحدٍ إلى طالبان خاصة أن آخر هجوم كان بالقرب من مسجد تقيم فيه الحركة مجلس عزاء لوالدة الناطق باسمها ذبيح الله مجاهد في كابول.

وقُتل 55 شخصا على الأقل في الهجوم الانتحاري الذي تم شنه الجمعة كما أعلن مسؤول في طالبان، في أعنف هجوم منذ مغادرة القوات الأميركية البلاد. وقال المسؤول المحلي في طالبان في قندوز مطيع الله روحاني إن التفجير الدامي كان هجوما انتحاريا.

الشيعة يشكلون حوالي 20 في المئة من السكان الأفغان. العديد منهم من الهزارة، وهي مجموعة إثنية تعرضت لاضطهاد شديد في أفغانستان لعقود

وقُتل وأصيب العشرات من الأشخاص من الشيعة في الانفجار الذي لم تعلن أي جهة بعد عن مسؤوليتها عنه، لكن يبدو أن الهدف منه هو تحدي طالبان التي سيطرت على الحكم في البلاد.

وأفاد طبيب في مستشفى قندوز المركزي طالبًا عدم الكشف عن اسمه “حتى الآن، تسلمنا 35 جثة وأكثر من 50 جريحا”. وأعلنت عيادة منظمة أطباء بلا حدود على تويتر حصيلة مؤقتة تفيد بتسلمها 20 جثة ومعاينة 90 جريحا.

وكان الناطق باسم طالبان ذبيح الله مجاهد قال في وقت سابق إن “انفجارا حصل في مسجد لمواطنينا الشيعة” في قندوز. وكان تنظيم داعش، العدو اللدود لطالبان، أعلن ارتكاب فظائع مماثلة أخيرا.

وقال سكان في قندوز، عاصمة الولاية التي تحمل الاسم نفسه، إن التفجير استهدف مسجدا شيعيا خلال صلاة الجمعة. ووصف زلماي ألوكزاي، وهو رجل أعمال محلي هرع إلى مستشفى قندوز للتبرع بالدم، المشاهد بـ”المروعة”. وروى أن “سيارات الإسعاف كانت عائدة إلى مكان الحادث لنقل القتلى”.

وقال عامل إغاثة في المستشفى التابع لمنظمة أطباء بلا حدود في المدينة إن هناك مخاوف من ارتفاع حصيلة القتلى. وأضاف “المئات من الأشخاص يتجمعون عند البوابة الرئيسية للمستشفى ويبكون أقاربهم، لكنّ مسلحين من طالبان يحاولون منع التجمعات تحسبا لحدوث تفجير آخر”.

الهجوم جزء من نمط مقلق من العنف
الهجوم جزء من نمط مقلق من العنف

وأظهرت صور انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي لم يتسن التحقق من صحتها على الفور جثثا ملطخة بالدماء ملقاة على الأرض. وأظهرت صور أخرى أعمدة من الدخان تتصاعد في الهواء فوق قندوز.

وأظهر مقطع فيديو آخر رجالا يهتمون بأشخاص من بينهم نساء وأطفال، بعيدا عن مكان التفجير، وحشودًا خائفة في الشوارع. وقال أمين الله وهو شاهد كان شقيقه في المسجد “بعدما سمعت صوت الانفجار اتصلت بشقيقي لكنه لم يجب”. وتابع “مشيت باتجاه المسجد ووجدت شقيقي مصابا ومغمى عليه. أخذناه على الفور إلى مستشفى أطباء بلا حدود”.

وقالت مدرّسة في قندوز إن الانفجار وقع قرب منزلها وتسبب بمقتل عدد من جيرانها. وأضافت “لقد كان حادثا مرعبا جدا”. وروت “قتل وجرح العديد من جيراننا.. أحدهم يبلغ 16 عاما. لم يتمكنوا من العثور على نصف جثته. وقتل جار آخر عمره 24 عاما”.

وتعتبر قندوز بسبب موقعها نقطة عبور رئيسية للتبادلات الاقتصادية والتجارية مع طاجيكستان. وكانت المدينة مسرحا لمعارك دامية فيما كانت طالبان تشق طريقها للعودة إلى السلطة هذا العام. وغالبا ما كان المسلمون الشيعة مستهدفين من المتطرفين السنة، وقد واجهوا بعض أعنف الاعتداءات في أفغانستان.

ويشكل الشيعة حوالي 20 في المئة من السكان الأفغان. العديد منهم من الهزارة، وهي مجموعة إثنية تعرضت لاضطهاد شديد في أفغانستان لعقود.

وفي أكتوبر 2017، استهدف انتحاري من تنظيم الدولة الإسلامية مسجدا شيعيا فيما كان المصلون مجتمعين لأداء صلاة العشاء في غرب كابول، ما أسفر عن مقتل 56 شخصا وإصابة 55 بينهم نساء وأطفال.

قُتل 55 شخصا على الأقل في الهجوم الانتحاري في أعنف هجوم منذ مغادرة القوات الأميركية البلاد

وفي مايو من العام الحالي، أسفرت سلسلة من التفجيرات خارج مدارس في العاصمة عن مقتل 85 شخصا على الأقل، معظمهم فتيات صغيرات. وأصيب أكثر من 300 شخص في هذا الهجوم على الهزارة.

وقالت الأمم المتحدة في أفغانستان إنها “تشعر بقلق عميق إزاء التقارير التي تفيد بسقوط عدد كبير من الضحايا” في الهجوم الذي وقع الجمعة ووصفته بأنه “جزء من نمط مقلق من العنف”.

وقال المفوض السامي لدى الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي للصحافيين في جنيف إن التفجير كان “مؤشرا على أن الانهيار الداخلي (لأفغانستان) قد يترجم أيضا إلى تجدد انعدام الأمن”. وأضاف أن هذا قد يؤدي إلى “المزيد من الضحايا والمزيد من الهجمات الإرهابية والمزيد من عدم الاستقرار. وهذا أيضا أمر يجب أن نقلق بشأنه جميعا”.

5