الانتخابات التشريعية ترسم صورة ألمانيا ما بعد ميركل

الاشتراكيون الديمقراطيون يعلنون قدرتهم على تشكيل الحكومة المقبلة.
الاثنين 2021/09/27
منافسة حامية على خلافة ميركل

هل تصبح ألمانيا ما بعد ميركل بلدا أقل استقرارا؟ هل ينجح اليسار في الوصول إلى المستشارية على حساب المحافظين؟ وهل سيشارك البيئيون والليبراليون في الحكومة المقبلة؟ أسئلة ينتظر الألمان إجابة عنها كما شركائهم الأوروبيين لمعرفة الوجهة السياسية الجديدة لأكبر اقتصاد في أوروبا.

برلين- أدلى الألمان الأحد بأصواتهم في انتخابات شهدت منافسة حامية بين الاشتراكيين – الديمقراطيين والمحافظين على تولي السلطة خلفا للمستشارة أنجيلا ميركل التي قرّرت الخروج من الحياة السياسية بعدما حكمت البلاد على مدى 16 عاما.

وأظهر استقصاء ما بعد الاقتراع الذي أجرته القناة الثانية بالتلفزيون الألماني فوز الحزب الاشتراكي الديمقراطي بشكل حاسم بانتخابات برلمان ولاية مكلنبورج – فوربومرن، فيما أشارت التوقعات إلى أن حزب المستشارة المسيحي سجل أسوأ نتيجة له في انتخابات الولاية.

وأعلن الأمين العام للحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني لارس كلينغبيل الأحد أن الحزب قادر على تشكيل الحكومة المقبلة، في حين أقر المحافظون بـ”خسائر مريرة” في نتائج الانتخابات التشريعية وفق الأمين العام للحزب بول زيمياك.

وقال كلينغبيل “لدينا التفويض لتشكيل حكومة. إن رأس القائمة أولاف شولتز سيصبح مستشارا”.

لارس كلينغبيل: لدينا التفويض لتشكيل حكومة، شولتز سيصبح مستشارا

ومن الصعب التكهن بالنتائج نظرا لإقدام قسم كبير من الناخبين وبينهم ميركل نفسها على التصويت بالبريد. وقد تضطر ميركل التي تستعد للانسحاب من الحياة السياسية، إلى البقاء في منصبها حتى نهاية العام لتصريف الأعمال.

والأكيد أن ميركل تترك خلفها تركيبة مشرذمة. فالهالة التي فرضتها على الحياة السياسية الألمانية، تلقي بظلالها على وريثها في الاتحاد المسيحي الديمقراطي المسيحي لاشيت الذي عانى ليطبع حملته الانتخابية ببصمته. وفي المقابل، يبدو أن خصمها من الاشتراكيين الديمقراطيين شولتز نجح في تقديم نفسه كالمرشح الأبرز لضمان استمرارية فعلية في حكم ألمانيا.

وفي مطلق الأحوال، سيترتب إجراء مفاوضات مطولة خلال الأشهر المقبلة لتشكيل الائتلاف الذي سيحكم البلاد، ولو أن ذلك يهدد بشل الاتحاد الأوروبي حتى الفصل الأول من العام 2022.

وبعد سنوات من ائتلافات مكونة من حزبين، يحتمل أن تكون هناك حاجة إلى ثلاثة أحزاب هذه المرة لتحقيق الأغلبية، وهو أمر شائع في البرلمانات الإقليمية في ألمانيا لكنه ليس كذلك على المستوى الوطني منذ الخمسينات.

وفي معظم الأنظمة البرلمانية، يرشح رئيس البلاد حزبا لتشكيل الحكومة، عادة ما يكون الحزب الذي فاز بأكبر نسبة من الأصوات.

لكن في ألمانيا، يمكن لجميع الأطراف المشاركة في ما يعرف باسم “المحادثات الاستطلاعية”.

وفي هذه المرحلة الأولية التي لا تحدها مهلة، ليس هناك ما يمنع الأطراف من إجراء محادثات ائتلافية بشكل مواز، رغم أن التقاليد تنص على أن يقوم أكبر حزب بدعوة أصغر الأحزاب إلى المناقشات.

ودعا حزب الخضر إلى عقد مؤتمر حزبي في الثاني من أكتوبر ليقرر خلاله مع من سيجري محادثات استطلاعية.

وتبدأ المناقشات بمجرد ظهور النتائج مع تطلّع كل من الطرفين إلى اكتشاف الخطوط الحمراء لدى الطرف الآخر وتحديد ما إذا كان بإمكانهما العمل معا.

وسيعقد النواب المنتخبون حديثا من كل حزب اجتماعاتهم الأولى الأسبوع المقبل، مع استعداد الحزب الديمقراطي الاجتماعي والاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي للاجتماع الثلاثاء.

ويفترض أن يعقد البرلمان المنتخب حديثا جلسته الافتتاحية في موعد لا يتجاوز 30 يوما بعد الانتخابات في أكتوبر.

وإذا اتفق حزبان أو ثلاثة من حيث المبدأ على الرغبة في تشكيل تحالف، ينبغي بعد ذلك بدء مفاوضات ائتلاف رسمية مع اجتماعات مجموعات عمل مختلفة لمناقشة القضايا المتعلقة بالسياسة.

وفي نهاية هذه المفاوضات، تقرر الأحزاب من سيكون المسؤول عن أي وزارة وتوقيع عقد ائتلاف، وهو وثيقة تحدد شروط الاتفاق.

وهذه المرحلة ليست محددة بمهلة زمنية أيضا وبالتالي ستبقى الحكومة المنتهية ولايتها في مكانها حتى تشكيل الحكومة الجديدة. ثم تسمي هذه الأحزاب مرشحيها لمنصب المستشار قبل التصويت الرسمي في البوندستاغ.

ووفقا للمادة 63 من الدستور الألماني، على رئيس البلاد أن يقترح مستشارا محتملا للبوندستاغ.

وإذا لم يظهر تحالف بين أحزاب، قد يرشّح الرئيس فرانك – فالتر شتاينماير من الحزب الاشتراكي الديمقراطي مستشارا محتملا سيكون على الأرجح من الحزب الذي فاز بأكبر نسبة من الأصوات.

وبعدها، يصوت البرلمان في اقتراع سري، مع حاجة المرشح إلى الغالبية المطلقة. وإذا لم يحقّق ذلك، ينظم تصويت ثان بعد أسبوعين. وإذا لم تتحقق الغالبية المطلقة أيضا، يجرى تصويت ثالث فوري تكفي فيه الغالبية النسبية.

ثم يقرر الرئيس ما إذا كان سيعين المستشار كرئيس لحكومة أقلية أو حل البوندستاغ والدعوة إلى انتخابات جديدة.

وسيحمل الشكل النهائي للحكومة تأثيرا كبيرا على السياسة الدولية المقبلة لألمانيا، حتى لو أن الأحزاب الثلاثة الكبيرة قادت حملة وسطية.

وستكون البلاد أكثر ميلا إلى التضامن المالي في أوروبا مع حكومة يسيطر عليها الاشتراكيون الديمقراطيون وحزب الخضر مما ستكون كذلك مع المحافظين والليبراليين، الذين يؤيدون أكثر من اليسار المهمات العسكرية في الخارج.

وقد تشهد ألمانيا فترة توتر مع حلف شمال الأطلسي في حال تشكلت حكومة تضمّ حزب “دي لينكه” اليساري الراديكالي الذي يروّج لحلّ الحلف.

وأوضح بول موريس من لجنة الدراسات الفرنسية الألمانية في حديثه لوسائل إعلامية “مع وصول حكومة جديدة ننتظر من ألمانيا أن تكون قوة أكبر لتقديم اقتراحات على المستوى الأوروبي”.

من الصعب التكهن بالنتائج نظرا لإقدام قسم كبير من الناخبين وبينهم ميركل نفسها على التصويت بالبريد. وقد تضطر ميركل التي تستعد للانسحاب من الحياة السياسية، إلى البقاء في منصبها حتى نهاية العام لتصريف الأعمال

 

5