"جدار".. مهرجان لفن الشارع يحول جدران الرباط إلى مرسم تجريبي

الرباط – يعقد “جدار – مهرجان فن الشارع الرباط” دورته السادسة في الفترة الممتدة من السادس عشر إلى السادس والعشرين من سبتمبر الجاري، بمبادرة من جمعية “لبولفار” ومشاركة أزيد من 20 فنانا من المغرب ومن مختلف أنحاء العالم.
وذكرت جمعية “لبولفار”، في بلاغ لها حول برنامج المهرجان، أنه على امتداد 10 أيام ستسهر نخبة من الفنانين على تزيين جدران العاصمة المغربية وإشراك سكانها بلحظات من الإبداع منقطعة النظير، ستبقى خالدة على جدران المدينة.
وأشارت إلى أن الأمر يتعلق بطريقة لتخليد حيز رمزي ومكاني في رسم جداري يحكي قصة مشتركة بين الجميع، ترحل مخيلاتهم إلى عوالم أخرى، تنهل من عبق روح وذكريات سكان مدينة الرباط، مضيفة أن هذه الدورة ستعرف رسم 9 جداريات موزعة على عدد من الأحياء، ستزين وجه الرباط المفعم بأحاسيس ولمسة كل فنان من الفنانين المشاركين في التظاهرة.
وأضافت أن المهرجان “ساهم، منذ انطلاقته سنة 2015، في التحولات الجمالية التي تعيشها أزقة وأحياء وشوارع عاصمة الأنوار، عاصمة الثقافة الأفريقية، حيث صارت مرسما تجريبيا في الهواء الطلق للفن الحضري العالمي، يقصده ثلة من فناني الشارع المعروفين، لإغناء موروثه الثقافي في عالم الجداريات”.
والجداريات التي ارتفع عددها في العاصمة الإدارية للمملكة المغربية في السنوات الأخيرة ليصل إلى العشرات من اللوحات بمساحة واجهات عمارات من خمسة طوابق، أشرف على بعضها فنانون أجانب من البيرو والمكسيك واليابان واليونان وإسبانيا وفرنسا وغيرها. إذ نقل هؤلاء بخبرة الطويلة في فن رسم الجداريات مشاهد من حياة بلدانهم، ضمنوها رسائل إنسانية عن التعاون المجتمعي وجمال الحياة في ظل المحبة والإخاء.
كما انتشرت الجداريات أيضا في مدن مغربية أخرى، كالدار البيضاء وأصيلة وآسفي والجديدة ومكناس ومراكش وأكادير وسطات، وغيرها.
وجاءت موضوعاتها لتمثل مشاهد من الحياة المغربية، وفيها مناظر للجذب السياحي، كالأسواق التراثية، ومناظر لساحل المحيط والجبال والصحراء والبادية وأعمال من فن البورتريه وأخرى تعطي لمحة عن مظاهر الحياة المغربية. وباتت جمعيات فنية مغربية عديدة تهتم برسم الجداريات على جدران البنايات، على غرار جمعية البولفار التي منحت الفنانين المغاربة فرصة إنزال الفن إلى الشارع، ليشارك الناس في الاستمتاع برؤية ما تبدعه فرشاة الفنان التشكيلي المغربي والأجنبي ويشتركوا في تقييمه ثناء أو نقدا.
وسجلت أنه بعد ست سنوات من الإبداع المتواصل ورعاية خاصة من جمعية التربية الفنية والثقافية لبولفار، مكنت هذا المولود الثقافي والفني من السير بخطواته الأولى في الطريق الصحيح، إذ تمكن مهرجان جدار من شق طريقه، ليس فقط وطنيا، بل أيضا نحو العالمية، ليصير من بين المواعيد المعول عليها في صنفه.
وبداية من منتصف سبتمبر، وهو موعد يخالف مواعيد تنظيمه في السنوات الماضية تحتمه جائحة كورونا، سيعرف هذا المهرجان تقليصا من عدد الأنشطة المشكلة له، حيث أخذ المنظمون على عاتقهم مسؤولية تقديم دورة ترقى لباقي الدورات، مع مراعاة الظروف المحيطة، لكن هذا لا يمنع كونه غنيا بالفقرات التي ستروق لكل محبي هذا الفن.
وخلص بيان الجمعية إلى أن المهرجان حافظ خلال هذه الدورة على أحد أهم مقوماته، المتمثلة في التجديد المستمر وإعطاء قيمة لفنون الشارع، باعتباره فنا رفيعا يتخطى كل الحدود، ويخرج الريشة من قاعات العرض المغلقة ليصل إلى المتلقي أينما كان، بفقرات وأنشطة اعتاد عليها الجمهور منذ النسخة الأولى.
ويرى العديد من الفنانين المغاربة أن انتشار ثقافة الجدارية في العديد من المدن المغربية يعد مسألة إيجابية جديرة بالاحتفاء، إذ تعكس تطور الحركة الفنية في بعدها التواصلي، وتوصل رسالة أنَّ الفن واللون قد خرجا من نخبويّة المعارض والمتاحف إلى الفضاء العام، حيث يتشارك الفنان متعة اللون مع الناس البسطاء، ويصبح العمل الفني إبداعا تشاركيا يعطي قيمة مضافة للزمان والمكان، فيما يمكن تسميته بدمقرطة الجمال.
كما تمثل الجداريات تمرّدا واضحا على ثقافة الصالونات والمعارض، ولعل مدينة أصيلة المغربية خير نموذج لمدى تفاعل الناس مع الحس الجماليّ، بل إنَّ المدينة اشتهرت بجدارياتها أكثر من المعارض التي تنظم في إطار مهرجانها الدولي.