رعاية الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة مسؤولية مضاعفة على عاتق الأمهات

عملية دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في المدارس والحضانات من أبرز التحديات التي تواجهها الأسر العربية بسبب عوائق في الحصول على تعليم جيد وشامل.
الأحد 2021/09/12
طريق الحقوق ما زال طويلا

لا يزال واقع حقوق الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في العالم العربي بحاجة إلى المزيد من التركيز خاصة في مجال التعليم، حيث يعاني هؤلاء من صعوبات في دمجهم في المدارس والحضانات والفضاءات الخاصة، ما يجعل مهمة الرعاية وتوفير تعليم جيد مسؤولية مضاعفة بالنسبة للأسر.

تونس- تجد الأسر في سائر دول المنطقة العربية مع كل عودة مدرسية صعوبات في دمج أطفالها من ذوي الاحتياجات الخاصة في المدارس والحضانات والفضاءات الخاصة، حيث يشكل رعاية هؤلاء الأطفال مسؤولية مضاعفة على عاتقها.

ومع اقتراب الموسم الدراسي الجديد، تنتاب الأمهات حيرة وقلق في كيفية تلقي أطفالهن من ذوي الاحتياجات الخاصة تعليما جيدا، ودون تعرضهم للمضايقات أو التنمر.

وحسب تقرير أممي، يعد الأطفال ذوو الاحتياجات الخاصة هم الأكثر عرضة للاستثناء من المدرسة، أكثر من أي مجموعة أخرى من الأطفال، وذلك في معظم البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، حيث إن معدلات تسجيل الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في المراحل الأولى للتعليم منخفضة جدا، وحتى وإن سجل هؤلاء الأطفال في المدرسة، فهم غالبا أكثر عرضة للتسرب وترك المدرسة في المراحل الأولى.

ذوو الإعاقة العقلية محرومون من حقوقهم في التعليم والتوظيف والرعاية الصحية والدعم الاجتماعي

وتقدر أرقام الأمم المتحدة نحو 40 مليون شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة في الدول العربية، أكثر من نصفهم أطفال ومراهقون، وتصل نسبة الإصابة في بعض البلدان إلى معدلات قياسية أعلى من المعدلات العالمية بكثير.

ووفق إحصائيات منظمة الصحة العالمية، ومع استمرار النزاعات والحروب في المنطقة العربية، ترتفع أعدادهم وتتضاعف مشكلاتهم يوما بعد يوم.

وتؤكد الأمم المتحدة أن ذوي الإعاقة العقلية محرومون من حقوقهم في التعليم والتوظيف والرعاية الصحية والدعم الاجتماعي، كما يتعرضون أكثر من غيرهم للإهمال وأعمال العنف، ويعزى السبب في ذلك إلى الجهل بالإعاقة والتمييز ضدهم في مجتمعاتهم أو ما تعتبره أسرهم “عبئا ثقيلا ووصمة عار”، فضلا عن الافتقار إلى الدعم الاجتماعي لمن يقومون على رعاية هؤلاء الأشخاص، وعموما ينظر الكثيرون لذوي الإعاقة بشفقة، ويعتبرونهم “فئة مهمشة غير مرغوب فيها” بسبب الثقافة الاجتماعية أو القوانين.

وبلغ في اليمن عدد الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة 4 ملايين ونصف المليون، ويحصل هؤلاء على دعم قليل وغير كاف وهناك نقص شديد في الأدوات المساعدة، وفق تقرير لمنظمة أمنستي.

ويعتقد خبراء أن العدد أكثر من ذلك، بالنظر إلى تأثير النزاع الجاري، وبسبب الحرب المستمرة في اليمن منذ نحو 5 سنوات، اضطر بعض الأهالي لبيع متعلقاتهم أو للتأخر في سداد الإيجار أو غيره من المتطلبات المالية الأساسية، وذلك لإعطاء الأولوية لسداد التكاليف المتعلقة برعاية أحد الأقارب من ذوي الاحتياجات الخاصة.

وتخطى عدد ذوي الاحتياجات الخاصة في المغرب حاجز الـ2.2 مليون مواطن، فيما تلفت التنسيقية الوطنية للمكفوفين المعطلين من حاملي الشهادات في المغرب إلى أن الحكومة “لا تحترم الاتفاقيات الدولية، وحقوق الإنسان، والمعوقين، بل ودستور البلاد وقوانينها، وفشلت في إيجاد حل لملف المكفوفين المعطلين حاملي الشهادات”.

وفي تونس قال نورالدين الطبوبي، وهو الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، إن ذوي الاحتياجات الخاصة ما زالوا “محرومين من حقهم في الشغل”، وأكد أن نسبة البطالة في صفوفهم بلغت 40 في المئة حسب الإحصائيات الرسمية و60 في المئة حسب المنظمات الممثلة لهم.

وما تخصصه الحكومة المصرية من حصة لذوي الإعاقة (الكوتا) في سوق العمل المصري 5 في المئة لا وجود له على أرض الواقع، ولا تتعدى النسبة 0.5 في المئة بحسب هبة هجرس، وهي برلمانية وناشطة حقوقية مصرية.

وتتصدر مصر قائمة الدول العربية الأكثر عددا في معدلات ذوي الاحتياجات الخصوصية، إذ يقدر عددهم بنحو 12 مليون مصري حسب تقديرات أممية، وفي لبنان تشكل هذه الفئة نسبة 15 في المئة من سكان البلاد، وفقا لأحدث تقرير صادر عن البنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية، كما تصل نسبة ذوي الإعاقة في السعودية إلى 10 في المئة من إجمالي السكان (أكثر من 27 مليون نسمة).

وفيما تؤكد الأمم المتحدة أنه يتعين على جميع الدول أن تضمن نظاما تعليميا شاملا على جميع المستويات بغية إعمال هذا الحق دون تمييز وعلى أساس تكافؤ الفرص، إلا أن ضمان حقهم في التعليم يشكل تحديا للحكومات ولأسرهم على حدّ سواء.

تقدر أرقام الأمم المتحدة نحو 40 مليون شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة في الدول العربية، أكثر من نصفهم أطفال ومراهقون

وتعد عملية الدمج في المدارس والحضانات من أبرز التحديات التي تواجهها الأسر العربية، حيث يواجه هؤلاء الأطفال في العديد من البلدان عوائق في الحصول على تعليم جيد وشامل وتجلى ذلك بشكل خاص مع إغلاق الحكومات للمدارس أعقاب ظهور الجائحة.

وتعدّ المؤسسات الحاضنة للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة متنفسا للعائلات التي يوجد بها طفل يشتكي من طيف التوحد أو من إعاقة ذهنية ما سبّب له تأخرا في النطق أو المشي، لوجود مختصين بها يجيدون التعامل مع هذه الشريحة من الأطفال، إلا أن التأخر في فتحها سبب إشكالا أمام العديد من الأسر التي تجد نفسها عاجزة لوحدها عن الاهتمام بهم.

كما تشكو عديد الأسر من ذوي الدخل المحدود من التكلفة الباهظة لهذه المراكز ما يصعب عليها مهمة رعاية هؤلاء الأطفال. وفيما تلجأ العديد من الأسر للتعليم عن بعد عبر الإنترنت، إلا أنه قد يُستبعد الأطفال ذوو الاحتياجات الخاصة إذا لم يكن التعليم عبر الإنترنت متاحا لهم.

ويحذر الخبراء من أن الأسر محدودة الدخل قد تعاني من أجل توفير مجموعة كاملة من الخدمات التي قد يحصل عليها أطفالهم في المدارس، ما من شأنه أن يحرمهم من حقهم الأساسي في التعليم.

ويخلص تقرير الأمم المتحدة الذي صدر سابقا إلى أن 60 في المئة من ذوي الاحتياجات الخاصة عاجزون عن تحمل تكاليف حياتهم الشهرية، كما يفتقر العالم العربي لقاعدة بيانات حول العنف والإساءة ضد أفراد هذه الشريحة.

 

21