"أمجاد" الحرس الثوري تعود إلى التلفزيون الإيراني مع "غاندو"

طهران - عاد مسلسل “غاندو” عن الاستخبارات الإيرانية إلى شاشة التلفزيون الرسمي منذ فوز الرئيس الإيراني المحافظ إبراهيم رئيسي في الانتخابات، رغم الجدل الذي أثاره المسلسل المفضل لدى المحافظين وتهجمه على الرئيس السابق حسن روحاني.
ويعود اسم “غاندو” إلى نوع محلي من التماسيح، المعروف بنصبه الكمائن لفريسته. ويروي مآثر عملاء الاستخبارات في الحرس الإيراني وبطولاتهم، بأسلوب سلسلة أفلام جيمس بوند، أو بطريقة فيلم الإثارة جيسون بورن.
وتعتبر استخبارات الحرس الثوري الإيراني الداعم الرئيسي لإنتاج وبث هذا المسلسل.
وسحب التلفزيون الحكومي العرض لأشهر عديدة قبل عودته في يوليو الماضي، ويعود ذلك جزئياً إلى تهجمه على حكومة الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني، ولاسيما وزارة الخارجية التي بدت مليئة بالشخصيات الضعيفة والفاسدة.
ويمثل بطل المسلسل عميلاً في التجسس المضاد تابعاً للحرس الثوري، يطارد العملاء الأجانب منذ لحظة وصولهم إلى الأراضي الإيرانية، ولاسيما جهاز الاستخبارات البريطاني.
وأثارت الحلقة السادسة من الموسم الثاني من “غاندو” في مارس الماضي جدلاً واسعاً بشأن حبكة تظهر جاسوساً بين المفاوضين النوويين الإيرانيين. وفي الحلقة 13 سحب العمل الذي كان يُعرض خمسة أيام في الأسبوع من دون أيّ تفسير.
التلفزيون الإيراني سحب المسلسل لأشهر عديدة، بسبب تهجمه على حكومة الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني
وبدت التداعيات على أحداث المسلسل أشبه بسجال بين الحلقات المتشددة داخل النظام الإيراني المرحبة به، والمعتدلين الذين وصفوه بالخرافة.
ولام المتشددون وغيرهم من المعجبين بالمسلسل الحكومة على حظرها إعلان الموسم الثاني قبل الأوان.
وعندما ظهرت مشاهد غير محذوفة على موقع “أبارات”، وهو النسخة الإيرانية من موقع يوتيوب، انتشرت التكهنات على وسائل التواصل الاجتماعي حول الرقابة الحكومية المحتملة.
وأظهرت المقاطع أن حلقات تم بثها في مارس الماضي قد غيرت الحوار واستبدلت كلمة “الرئيس” بـ”المسؤول”. وتمنح أحداث المسلسل قيمة للمتشددين في إيران بينما تصور وزارة الخارجية الإيرانية على أنها جهة غير كفؤة، الأمر الذي أثار الاستياء بين أوساط المعتدلين داخل الحكومة.
وانتقد وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف الموسم الثاني من المسلسل على تطبيق الدردشة الصوتية الشهير “كلوب هاوس”، واصفا إياه بأنه “كذبة من البداية إلى النهاية”.
وسبق لظريف أن بعث برسالة احتجاج رسمية إلى المرشد الإيراني علي خامنئي عند عرض الموسم الأول من المسلسل صيف عام 2019.
واحتل الموسم الأول عناوين الصحف لتصويره عملاء استخبارات إيرانيين يحاربون جاسوسا أميركيا خارقا، يشبه إلى حد كبير الصحافي في جريدة واشنطن بوست جيسون رضائيان.
وقبل إطلاق سراحه في صفقة تبادل أسرى في عام 2016، أمضى رضائيان 18 شهرا في سجن إيراني بتهمة التجسس، التي أنكرها هو والمسؤولون الأميركيون.
ووضع الموسم الثاني المتكون من 13 حلقة، والذي تزامن عرضه مع أعياد رأس السنة الفارسية “نوروز”، عملاء المخابرات الإيرانية في مواجهة جواسيس غربيين يحاولون التسلل إلى الحكومة الإيرانية وجمع معلومات سرية حول المفاوضات النووية، وسط حملة من الضغوط الاقتصادية الأميركية.
وظهرت في المسلسل شخصية تشبه الصحافي الإيراني روح الله زم، الذي كان يعيش في فرنسا واستدرج إلى مدينة النجف في العراق، حيث تم اختطافه من قبل عملاء إيرانيين وأُعدم في ديسمبر الماضي.
وأثار اختطاف زم وبث الاعترافات القسرية لروح الله زم على التلفزيون الإيراني، كما هو معتاد بالنسبة إلى المعارضين الإيرانيين وكذلك إجراءات المحاكمة غير الشفافة وإعدامه، ردود فعل دولية واسعة النطاق، حيث أدانت إعدامه العديد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة، ومنظمات حقوق الإنسان وشخصيات سياسية ومدنية.
في المقابل يعتبر الحرس الثوري ومسؤولو القضاء أن خطف زم وإعدامه وإغلاق قناة “آمد نيوز” أحد إنجازاتهم ومصدر فخرهم.
وكتب السفير البريطاني الجديد سايمون شيركليف في الثامن والعشرين من أغسطس الماضي تغريدة باللغة الفارسية عبر حسابه في تويتر “على أيّ حال، أحب حقًا الموسم الثاني من غاندو”. وما كان من رئيس دائرة الإنتاج السمعي والبصري الإيرانية عبدالعالي علي أصغري إلا أن ردّ عليه الأحد قائلاً “إذا كان يقدّر (المسلسل)، نقترح أن تعرضه هيئة الإذاعة البريطانية”.
ومسلسل “غاندو 2” من إخراج جواد أفشار وإنتاج مجتبى أميني، والمسلسل من إنتاج معهد “شهيد آويني” الثقافي الذي يعمل تحت إشراف “منظمة باسيج – الإذاعة والتلفزيون الإيرانية”.
وقال المحلل السياسي مجيد يونسيان المقيم في طهران إن “غاندو” على مدار موسميه “عكس الحقائق وكشف عن وجود صدع في المؤسسة وخلافات في النظام الحاكم”.